على هامش صدور كتابه «اللغة العربية، كنز فرنسا»، جاك لانغ لـ «الاتحاد الاشتراكي»: الجدل حول العربية مرتبط بالذاكرة الكولونيالية

اللغة العربية كنز فرنسي وكنز كوني،هذه اللغة دخلت الى فرنسا منذ القرن 16 عشر بكوليج دوفرانس، على يد الملك فرنسوا الأول، كإحدى اللغات الأساسية لهذا المعهد كلغة للعلم والمعرفة» يقول جاك لونغ لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»،مضيفا أن اللغة العربية كانت أساسية في ترجمة الترات اليوناني والإغريقي نحو أوربا التي كانت تعيش عصر الظلمات في القرون الوسطى، وذلك عن طريق الترجمات التي تمت في حضن الحضارة الإسلامية لتنتقل عن طريقها الى الأوربيين من خلال تعلمهم العربية التي كانت لغة النخب المتعلمة أنذاك.
وأضاف وزير الثقافة في حكومة فرنسو ميتران ورئيس معهد العالم العربي «إن العربية اليوم بفرنسا لها صورة سيئة وذلك لعدة اعتبارات مرتبطة بفترة الاستعمار الفرنسي والأحداث الدولية المرتبطة بالإسلام السياسي، وهناك من المسؤولين السياسيين من يعتبر أن تعلم العربية لأبناء المهاجرين المقيمين بفرنسا سوف يحول دون اندماجهم في المجتمع الفرنسي، في هذه الظروف تم الربط في فرنسا بين العربية وبين كل أنواع الفشل التي تعيشها الأحياء المهمشة بالمدن، والتي يقطنها أبناء المهاجرين». وأضاف إن هذه اللغة اليوم هي اللغة الخامسة كونيا من حيث الاستعمال في مجالات عديدة، وهي إحدى لغات الأمم المتحدة.»
وفي ما يخص تعليم العربية اليوم بفرنسا التي تدرس بالمدارس العمومية، ولكن لا تعطى لها الأهمية الكافية، قال جاك لونغ «ليس هناك اهتمام كبير بها وبالتعدد اللغوي بفرنسا بصفة عامة»، بالإضافة الى الجدل الذي يخلقه دائما المنتمون الى اليمين المتطرف الذين كانوا دائما ضد التعدد اللغوي وضد تعلم لغات مثل العربية. وذكر وزير التربية السابق في حكومة جوسبان ما بين 2000و2002 أنه شجع تعليم اللغة العربية ومع خلق عدد أكبر من المتخصصين في تدريسها، ولكن بعد رحيله من الوزارة سوف يتم التخلي عن هذا التوجه.
الجميع يتذكر الجدل الذي أثاره مقترح وزيرة التربية الوطنية نجاة فالو بلقاسم في عهد فرنسوا هولند، التي اقترحت تدريس اللغة العربية كلغة أجنبية وما أثاره ذلك من جدل ليس وسط اليمين المتطرف، بل حتى وسط اليمين الكلاسيكي بفرنسا، الذي اعتبر ذلك مسا بوحدة اللغة الوطنية، وكأن الوزيرة طالبت بتعويض الفرنسية باللغة العربية، في حين أن الامر يتعلق بتدريس لغة أجنبية بين عدد كبير آخر من اللغات الأجنبية مثل الصينية، الإنجليزية،الألمانية وغيرها من اللغات التي يتم تدريسها في النظام المدرسي الفرنسي.
هذا الجدل الذي تعرفه فرنسا كلما تم الحديث عن العربية هو مرتبط بالذاكرة الكولونيالية التي مازال عدد كبير من الفرنسيين لم يحسم معها بعد وكذلك بعض المؤسسات.
وذكر لانغ أنه اليوم لا يمكن أن نواجه الراديكالية إلا من خلال تعلم العربية وتعلمها بالمدرسة الجمهورية بدل أن تقوم بذلك بعض الجمعيات التي ليست لها خبرة في هذا المجال، وبعضها يقوم بترويج لإيديولوجية سياسية دينية.
في ما يخص مستوى التعليم العالي، قال لانغ إن هناك اهتماما خاصا باللغة العربية لأن الطلبة يكتشفون أهميتها، وهناك الآلاف من الطلبة الذين يتعلمونها بفرنسا، مضيفا «نحن في معهد العالم العربي ندرس العربية ونحن اليوم عاجزون عن تلبية جميع الطلبات لعدم قدرتنا على توفير هذا التعليم للجميع، كما أننا طلبنا أقساما في جامعة جوسيوه المجاورة لمعهد العالم العربي من أجل التجاوب مع الطلب المتزايد».
يدافع رئيس معهد العالم العربي في هذا الكتاب عن اللغة العربية، باعتبارها كنزا فرنسيا وكنزا كونيا، داعيا إلى ضرورة الحفاظ على التعدد اللغوي بفرنسا، ومعتبرا في نفس الوقت أن أية لغة هي نافدة على باقي العالم، وأن كل لغة تصف العالم بطريقة مختلفة عن الأخرى، مضيفا أن تعدد اللغات يساعد على العيش المشترك، وأن أوربا بعد الحرب اعتمدت اتفاقية في هذا الإطار وهي الاتفاقية الثقافية الأوربية لسنة 1954 التي شجعت تدريس اللغات والثقافات.
وأشار جاك لانغ في كتابه الى التناقضات التي تعيشها فرنسا والتي تشجع الفكرنكوفونية، التي تعتبر رمزا لتعدد الثقافي وحاجزا ضد هيمنة الإنجليزية على باقي اللغات الأخرى، لكن في نفس الوقت «ليست لنا سياسة لتشجيع تعلم اللغات وليست لنا مساواة بين اللغات سواء في المجتمع أو في المدرسة».
وأشاد جاك لانغ في هذا اللقاء مع جريدة « الاتحاد الاشتراكي» بالتعدد اللغوي والثقافي الذي يعرفه المغرب والذي يعترف به الدستور، وهو ما يجعل المغرب بلدا متميزا في هذا المجال.


الكاتب : باريس: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 26/02/2020