عمال «الإنعاش الوطني» بالمغرب يعانون من الاستغلال خارج القوانين والمواثيق

 

فئة شعبية عمالية بالمغرب، ما تزال خارج أضواء الإعلام والهيئات الحقوقية، وأجندات الحوارات الاجتماعية، بدعوى عدم انتسابها لا لسلك الوظيفة العمومية ولا للقطاع الخاص المشمول بمدونة الشغل، ولا لأي إطار يضمن حقوقها ومطالبها، ويتعلق الأمر ب “عمال الإنعاش الوطني” العاملين بالإدارات العمومية والجماعات الترابية، الذين لم يعثروا لصرخاتهم المتواصلة على أذان صاغية، بل أن كل الحكومات المتعاقبة تجاهلت مطالبهم لأزيد من ثلاثة عقود، ما حمل بعضهم إلى وصف أنفسهم ب “عبيد القرن الواحد والعشرين”، لكونهم يعملون في أوضاع مزرية، بين أناء الليل وأطراف النهار والفصول الأربعة، من دون تأمين ولا تقاعد ولا عطلة ولا تغطية صحية، ولا حتى حد أدنى للأجور يتلاءم والظروف المثقلة بالتكاليف اليومية والفواتير والواجبات الصعبة.
وقد سبق لهذه الفئة من العمال المغاربة أن استنكرت تصريحا لوزير الداخلية، عبد الواحد لفتيت، الذي اعتبر فيه عمال الإنعاش الوطني “مجرد موسميين ولا يمكن للدولة أن تهتم بتسوية وضعيتهم”، وذلك رغم ما يقومون به من مهام ملحوظة يستحيل الاستغناء عنها، ويشددون في كل أشكالهم الاحتجاجية، ومن خلال تنسيقيتهم أو جمعيتهم الوطنية، إلى ضرورة تسوية حقوقهم المادية والقانونية، ومنها أساسا خلق قانون أساسي واحتساب الأقدمية وتطبيق الحد الأدنى للأجور، والحق في الترقية والدرجة، والحماية من حوادث الشغل التي تقع من دون حقوق ولا ضمانات، وتحديد ساعات العمل والاستفادة من العطل والحرية النقابية، والتعويض عن الاشعال الشاقة والملوثة وغيرها.
وقد تضاربت المعطيات حول عددهم الحقيقي، اللهم رقم 70 ألف فرد، حسب احصاءات نقابية، و44 ألف فرد، على حد تصريح لوزير داخلية سابق، وأجرهم لا يصل إلى 1600 درهم شهريا، في تناقض سافر مع سياسة “العدالة الاجتماعية” و”العيش الكريم”، ومع الظروف الحالية التي ليست هي نفسها “الظروف القديمة” التي أُعلن فيها عن ميلاد “الإنعاش الوطني”، بل ما أكثر الملفات الساخنة التي أثيرت، خلال مراحل متفرقة، ولا تقل عن حالات “الفساد الإداري” في ما يتعلق بميزانيات وبطائق الإنعاش الوطني، والتي أشير لها في شكايات ورسائل بعثت بها إطارات تعنى بشؤون “العمال الإنعاشيين”، وارتباط ذلك، على سبيل المثال، لا الحصر، بعدد كبير من عمال الانعاش الوطني كانوا قد تعرضوا، بمدينة طنجة، للطرد الجماعي على خلفية فضحهم لشكل من الفساد، حسبما أكده المعنيون.
والمؤكد أن روايات المنتسبين إلى “الإنعاش الوطني” تختلف باختلاف المشاكل والمعاناة، غير أنها تتشابه في الأجر الهزيل الذي لا يغطي الحاجيات الضرورية، بالأحرى الكماليات، حيث المواد الأساسية وواجبات الكراء والدواء وفواتير الماء والكهرباء، ومصاريف المناسبات الدينية والدراسية، ورغم كل ذلك يكون كل فرد من هؤلاء العمال أقرب إلى التشريد من حبل الوريد، بالأحرى الإشارة إلى الحالات التي يتأخر فيها صرف الراتب على هزالته.
وأمام احتمالات التخلي عنهم في أية لحظة، ولأتفه الأسباب والمبررات، يجد “عمال الإنعاش الوطني” أنفسهم على “منصة الإعدام الرمزي” في حالات التسريح، طالما أنهم فئة عمالية غير مشمولة لا بالقوانين الجاري بها العمل، ولا بالاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، بما فيها الصادرة عن منظمة العمل الدولية التي تدعو إلى الاعتراف بآدمية مثل هؤلاء العمال، المهضومة حقوقهم تحت مظاهر الاستغلال والإهانة والاستعباد والطرد التعسفي، مع ضرورة الإشارة إلى وجود معطلين من حاملي الشهادات بينهم، كما إلى وجود العديد منهم يجري استغلالهم من جانب بعض الموظفين والمسؤولين الإداريين، ورجال السلطة، في أشغال منزلية وعائلية، وفي ظروف حاطة بالكرامة الإنسانية، والتي تضاف إلى المهام والوظائف التي يؤدونها.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 20/08/2018