عودة القرصنة بين الدول في زمن تفشي جائحة كورونا

بانتشار المهول لجائحة كورونا و الهلع من تفشّيه السريع دفعت بعض الدول إلى القرصنة واعتراض مواد ومعدات طبية كانت في طريقها إلى دول أخرى مما ساد الخوف من عودة هذه السلوكات المشينة التي تعترض السفن والبواخر والطائرات .

وأدانت ألمانيا الولايات المتحدة باعتراض مسار شحنة تحمل 200 ألف كمامة، كانت متجهة إلى ألمانيا، وتحويلها لاستخدامها الخاص، ووصفتها بقرصنة حديثة.
وقالت حكومة محليّة لولاية ألمانية إنّ شحنة كمامات مصنّعة في الولايات المتحدة، صُودرت في بانكوك. وأضافت إنّ شحنة كمامات الوقاية من طراز FFP2، كانت بالأساس لصالح شرطة برلين، لكنّها لم تصل إلى وجهتها المرجوّة.
ورجّح وزير داخلية ولاية برلين، أندرياس جيزل، أن تكون الكمامات قد حوّلت إلى الولايات المتحدة.
وكانت الشركة المصنّعة للكمامات وأقنعة الوقاية «3 أم»، وهي شركة أمريكية، قد مُنعت من تصدير منتجاتها الطبية إلى دول أخرى بموجب قانون يعود إلى حقبة الحرب الكورية، استحضره الرئيس دونالد ترامب.
وقال ترامب الجمعة إنّه سيلجأ إلى تفعيل «قانون الإنتاج الدفاعي» لعام 1950، ليحثّ الشركات الأمريكية على إنتاج المزيد من اللوازم الطبيّة لتلبية الطلب المحلّي.
وأعلن محمد مسيليني وزير التجارة التونسي ، أن باخرة محملة بمادة الكحول الطبّي المعدّة لتصنيع المواد المعقمة كانت متجهة إلى تونس، لكنها تعرضت لهجوم في المياه الدولية وسرقت المعدات الطبية وحُوّلت وجهتها لإيطاليا.
ومن جهتها أكدت وزارة الدفاع الألمانية اختفاء شحنة ستة ملايين قناع واقي من كوفيد-19 في كينيا كانت في طريقها إلى مطار برلين.
و صادرت جمهورية التشيك شحنة مساعدات مرسلة من الصين إلى إيطاليا، وفق ما قالت سلطات براغ التي حاولت تدارك الأمر.
تعيش إيطاليا وضعا صحيا وإنسانيا كارثيا جلب اهتمام الجميع خصوصا مع ظهور بوادر غياب التضامن أوروبيا مع روما في هذه المحنة ما جعل دولا كثيرة مثل كوبا تعاضد جهودها لمكافحة كورونا بإرسال طواقم طبية مهمتها الدعم والإسناد قبل حصول الأسوأ.
وأعلن جان روتنر رئيس منطقة جراند ايست الفرنسية التى تأثرت كثيرا بوباء كوفيد-19 أن أقنعة طلبت فرنسا شراءها من الصين، يقوم الأمريكيون بشرائها على مدرجات المطارات الصينية قبل إقلاع الطائرات لتسليمها.
وأكد روتنر لإذاعة «إر تي إل» أن الأمريكيين يدفعون نقداً ثلاث أو أربع مرات ثمن الأقنعة الواقية التي طلبناها وبالتالي علينا أن نحارب بقوة، موضحاً أن الطائرات تتوجه لاحقا إلى الولايات المتحدة وليس فرنسا.
ومن ناحية أخرى، اتهمت شركة «مولنليك» الطبية السويدية، السلطات الفرنسية بمصادرة ملايين الأقنعة الواقية والقفازات الطبية، التي استوردتها من الصين لصالح إيطاليا وإسبانيا، وذلك بعد ارتفاع عدد المصابين بالوباء في البلدان الثلاثة.
وقالت الشركة السويدية فى بيان على موقعها بالإنترنت، إنها استوردت ملايين الأقنعة الواقية من الصين، وكانت متجهة عبر فرنسا إلى كل من إسبانيا وإيطاليا، إلا أنّ السلطات الفرنسية وضعت يدها عليها بعد قرار منع تصدير المنتجات الطبية».
ووصف المدير التنفيذي للشركة ريتشارد تومي في البيان، تصرف السلطات الفرنسية بأنها غير متوقعة و»مزعج لأبعد الحدود».
وأشارت الشركة إلى أنّها ستستورد الدفعة المقبلة من المعدات الطبية من الصين عبر بلجيكا، وسترسلها فيما بعد إلى إيطاليا وإسبانيا.
وحذرت شركات مراقبة أمنية من تحول فيروس «كورونا « المستجد إلى سلعة تتاجر بها مجموعات قرصنة إلكترونية، تستغل حالة الخوف والحذر العالمية وندرة وجود بعض المنتجات الصحية ومنتجات النظافة لبيع منتجات مزورة على شبكات الإنترنت.
وتعمل مجموعات قرصنة إلكترونية الآن على بيع كمامات وجه وقائية مزورة على مراكز التسوق الإلكترونية، في مسعى لاستغلال ندرة المعروض من هذه المنتجات بسبب تفشي المرض وانتشاره في غالبية دول العالم.
وذكرت شركة «ديجيتال شادوز» لإدارة مخاطر الأمن السيبراني أن كمامات الوجه من أكثر المنتجات المباعة على متجر «إمباير»، والمعروف بأنه متجر متخصص في بيع الأدوية غير القانونية وأدوات التجسس.
وظهرت على الموقع صور لكمامات الوجه العادية ذات الاستخدام الواحد، وهي كمامات قال الخبراء إنها غير فعالة ويسهل على جزيئات الفيروس اختراقها لدخول الجسم، كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت قوائم البيع هذه قانونية أم لا.
كما ادعت شركة أوكرانية أنها قادرة على تصنيع 200 ألف كمامة كل أسبوعين أو ثلاثة، وهي فترة زمنية بالتأكيد ستؤثر على جودة الكمامات المصنعة، حسبة «ديجيتال شادوز».
كما وجدت «ديجيتال شادوز» أنه جرى تسجيل مئات من المواقع خلال الأسابيع القليلة الماضية عرضوا تقديم خصم كبير على المنتجات الصحية، لكنها لفتت إلى أن احتمالًا كبيرًا أن نسبة كبيرة من هذه المنتجات قد تكون مزورة. وفي بعض الحالات، لفتت الشركة الأمنية إلى أنه فور أن يدفع المستخدمون الأموال عبر الإنترنت يختفي البائع على الفور دون تسليم المنتج بالمقابل.
وكان مكتب المخابرات الوطنية لمكافحة الاحتيال في بريطانيا ذكر أنه جرى خداع الشعب البريطاني لدفع أكثر من 800 ألف جنيه إسترليني في محاولة لشراء كمامات وجه من بائعين زائفين.
إن عالم البحار أو حتى الطيران، مضبوط بقوانين ومواثيق دولية تحدد العلاقات بين الدول كما تعاقب من أخطأ. وتنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في كثير من فصولها حول جرائم القرصنة، حيث تعتبر في تعريفها لهذا المفهوم بأن جريمة القرصنة هي الأفعال التي تقع في مكان ما لا يخضع للاختصاص الإقليمي لأي دولة ويتمثل في أعمال العنف أو السلب بشرط أن يتعلق هذا العمل بهجوم في البحر.
وتؤكد الاتفاقية في بند آخر على أن القرصنة تكون على سفينة أو طائرة حربية أو عامة أو حكومية تمرّد طاقمها واستولى للسيطرة على أشياء خاصة بدولة أخرى دون موجب حق.
وعلى الرغم من اهتمام المجتمع الدولي بجرائم القرصنة البحرية وتشديد عقوبتها واعتبارها جرائم دولية، فإن هذه الجرائم باتت تشكل تهديداً يضر بمصالح العالم الاقتصادية، نظراً لأن التجارة المنقولة بحراً تمثل 80 في المائة من التجارة العالمية.
المفارقة في كل هذه التطورات التي تنذر بميلاد “مافيا” جديدة محمية من الدول التي تصارع لحفظ بقاء شعوبها، أنها تزامنت مصادفة مع إحياء ذكرى ميلاد القرصان الاسكتلندي ويليام كيد -ولد في 23 مارس 1645 وتوفي 23 مايو 1701 – الذي كان يلقّب بـ”الكابتن كيد” عندما كانت البحار والمحيطات مسرحا للحرب بين إسبانيا وإنجلترا وبعض القوى الاستعمارية في أوروبا.
أُدين كيد وأُعدم بعد عودته من رحلة إلى المحيط الهندي كونه كان أحد أكثر لصوص البحر وحشية وتعطشا للدماء في القرن السابع عشر، إلى درجة أنه أصبح أحد أعلام القرصنة في الأدب الغربي وبطل للعديد من القصص الغامضة، التي حسمها بعض المؤرخين مثل السير كورنيليوس ونيل دالتون، وهما اللذان جزما في مؤلفات ووثائق تاريخية كثيرة أن ما تم تناقله عن سمعة القراصنة غير عادل، بتأكيدهما أن الظرف والتاريخ جعلا من عدد كبير من القراصنة يلجأون لاستعراض القوة من أجل البقاء.


الكاتب : إعداد: مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 07/04/2020

أخبار مرتبطة

طهران تعلن نجاح الهجوم على إسرائيل، وتل أبيب تتوعد بالرد الحازم   خول مجلس الوزراء المصغر للاحتلال الإسرائيلي رئيس الحكومة

مجلس الأمن: خطوة مهمة نحو وقف إطلاق النار في غزة   أكدت البعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة بنيويورك،

كان لا يزال في السجن قبل عشرة أيام فقط     إلى حدود منتصف نهار أمس الاثنين، سجل المرشح المعارض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *