فضاءات العرض السينمائي بالمغرب : معركة الوجود وصراع البقاء

ثمة العديد من المعيقات والعراقيل التي تنتصب شامخة في وجه الانطلاقة الفعلية لصناعة السينما بالمغرب، ولعل من بين أهم هذه المعيقات والعراقيل – إن لم نقل أهمها – التراجع المهول للقاعات السينمائية، إذ من أصل مائتين وإحدى وخمسين دار عرض كانت متواجدة سنة 1980، لم يعد المغرب يتوفر لحد الساعة إلا على إحدى وثلاثين قاعة سينمائية، الشيء الذي أثر بالسلب على نسبة ارتياد هذه القاعات من طرف الجمهور. وتشير الإحصائيات إلى أن معامل ارتياد القاعات السينمائية بالمغرب يبلغ 0،07 وهو رقم هزيل إذا ما قارناه بمعامل ارتياد القاعات السينمائية بفرنسا الذي يبلغ 3،19(الكتاب الأبيض للسينما المغربية)، كما تشير الإحصائيات أيضا إلى أن عدد المشاهدين الذين ارتادوا القاعات السينمائية، كان قد وصل إلى خمسة وأربعين مليون مشاهد سنة 1980، في حين لا يتجاوز العدد اليوم مليونين ونصف(المركز السينمائي المغربي 2016). أمام هذا الوضع، تعالت مجموعة من الأصوات منادية بضرورة وضع حد لهذا النزيف، فتحركت الجهات المسؤولة عن الشأن السينمائي بالمغرب باتجاه التعامل الإيجابي مع هذه النداءات، فقررت التدخل وفق استراتيجية بدا لها أن بإمكانها أن تساعد على ترميم الخلل، فأخرجت إلى الوجود تشريعا يقضي بدعم رقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية.

عودة إلى التاريخ

لقد نشأت فكرة إنشاء القاعات السينمائية بالمغرب في ذهن المحتل الفرنسي حينما أدرك خلال أربعينيات القرن الماضي أهمية الصورة في التمكين لأطروحاته وترويجها، ولتنزيل هذه الفكرة على أرض الواقع، سارع – وبخطى حثيثة – إلى تشييد مجموعة من القاعات السينمائية، تدفعه إلى ذلك رغبة عارمة في إقناع المشاهد المغربي بوجهه الحضاري، وبالقيم الإنسانية التي يحملها، ويسعى جاهدا إلى ترسيخها. وخلال هذه الفترة تحكمت في قطاع الاستغلال رؤيتان، رؤية ثقافية متمثلة في تقريب الفن السينمائي من المغاربة، والتخفيف من وطأة الاغتراب النفسي والثقافي والاجتماعي للمواطنين الأجانب، ورؤية اقتصادية متمثلة في فتح السوق المغربي أمام المنتج الفيلمي العالمي(محمد البوعيادي، السينما المغربية أسئلة التأويل وبناء المعنى). كما أن القاعات السينمائية التي أنشأها المحتل الفرنسي خلال هذه الفترة كانت موجهة أساسا إلى جمهور المعمرين قصد التخفيف من غربتهم، وبعث نوع من الطمأنينة في نفوسهم. وسيكتشف هذا المحتل مع إقبال الجمهور المغربي على القاعات السينمائية المحدثة أنه بالإمكان توظيف الفن السينمائي في عصرنة المجتمع المغربي، والتخفيف من مقاومة المغاربة للاحتلال(مصطفى المسناوي، أبحاث في السينما المغربية). وتشير بعض الإحصائيات إلى أن المغرب خلال المرحلة الاستعمارية – وبالضبط أواخر الثلاثينيات من القرن المنصرم- كان يتوفر على حوالي خمسين قاعة سينمائية، وهو رقم سيرتفع بالتدريج بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لكي يصل سنة 1954 إلى مائة وإحدى وثلاثين قاعة.
وسيزداد عدد القاعات السينمائية بالمغرب خلال فترة الاستقلال بازدياد عدد روادها، واتساع قاعدتهم. وسيصل هذا العدد إلى مائتين وأربع وأربعين قاعة سنة 1971، وخلال هذه الفترة سيعمد أرباب القاعات السينمائية إلى استثمار أموالهم من أجل الاستجابة لانتظارات جزء مهم من المغاربة. كما شكلت القاعات السينمائية خلال هذه الفترة استجابة للحاجيات الثقافية والترفيهية للمواطن المغربي(محمد البوعيادي) .

صعوبات ومشاكل

غير أن قطاع الاستغلال والتوزيع بالمغرب يعرف الآن جملة من الصعوبات والمشاكل، منها ما هو هيكلي مرتبط بالبنية الداخلية للقطاع كقلة القاعات، ومعاناة العديد منها من وضعية هشة، وقلة الحوافز لتجديد المتهالك منها أو بناء بعضها الجديد، وارتفاع أثمان التذاكر، وانخفاض إقبال الجمهور، والكلفة العالية للأفلام المستوردة، ومنها ما هو مرتبط بعوامل خارجية تتجاوز حدود القطاع كوصول منتجات بديلة، وبروز البرامج المبثوثة فضائيا، وتحسن البرمجة في القنوات الـــــــوطنية، وظهور أماكن بديلــــــــة عن القـــــــــــاعات، وانخــــــــــفاض القــــــدرة الشـــــــرائية للمتفــــــــــرج . وتـــــــــــــــبدو
المشاكل والصعوبات الهيكلية التي تواجه قطاع الاستغلال والتوزيع واضحة بالخصوص في تراجع عدد القاعات السينمائية، وضعف جاذبية شروط العرض في العديد منها، وضعف معامل ارتيادها، وتراجع مداخيلها، وارتفاع تكلفة استيراد الفيلم الأجنبي، وارتفاع أثمان التذاكر، وتراجع مجال الاستثمار في القطاع(الكتاب الأبيض). ومن العوامل الكامنة وراء تراجع هذه القاعات وتآكلها وهجرانها من طرف مرتاديها، انتقال المجتمع المغربي إلى احتضان تقاليد جديدة في استهلاك الصور، وتراجع الطاقة الشرائية عند الشباب باعتبارهم الفئة الأكثر ارتباطا بالسينما، وانعدام الأمن عند الخروج من القاعة خصوصا خلال الفترة الليلية، والتوزيع الجغرافي المختل للقاعات داخل المدن(خليل الدمون، التمويل والإنتاج والإنتاج المشترك).
وحسب الإحصائيات الصادرة عن المركز السينمائي المغربي خلال سنة 2017، فإن عدد القاعات السينمائية النشيطة بالمغرب لا يتعدى إحدى وثلاثين قاعة، عشرة منها بمدينة الدار البيضاء وهي: مجمع ميكاراما، إيماكس، لوتيسيا، لانكس، ريالطو، مجمع إدن كلوب، الريف، أبس، ريتز، الملكي. وأربع في طنجة وهي: مجمع ميكاراما، موريطانيا، الريف، روكسي. وأربع في مراكش وهي مجمع ميكاراما، لوكيليزي، مبروكة، المسيرة. وأربع في الرباط وهي : الفن السابع، النهضة، رويال، باردايز. وثلاث في مكناس وهي كاميرا، أبس، داوليز. وقاعتان في تطوان هما : أفيندا، اسبانيول . وقاعة واحدة في كل من فاس ( مجمع ميكاراما ) ووجدة ( رويال ) وأكادير ( صحرا ) وسلا ( هوليود ).
ومن الملاحظ أن هذه القاعات لا تنتشر بشكل عادل ومتوازن على المستوى الجغرافي للبلاد، فمجملها يتواجد بالجهتين الشمالية والغربية، في حين يندر وجودها في المناطق الشرقية والجنوبية. وإذا كان من الصعب الآن الحديث عن قاعات سينمائية في البوادي والمدن الصغيرة، فإنه من المؤسف حقا أن تخلو بعض الحواضر التي تعتبر مركزا للتعليم الجامعي، ومرتعا للعمل الجمعوي من فضاءات العرض السينمائي، مثل وارزازات وبني ملال والجديدة والصويرة والقنيطرة والمحمدية وسطات وخريبكة والحسيمة والناظور وآسفي . فإلى وقت قريب كنا نسمع عن قاعات سينمائية في الجديدة وأسفي وأزمور وسيدي بنور، لكن هذه القاعات أصبحت الآن أثرا بعد عين. فقد تحول البعض منها إلى مركبات تجارية أو سكنية، وتحول البعض الآخر إلى بنايات مهجورة لا تختلف كثيرا عن تلك الأطلال التي كان يتغنى بها الشاعر الجاهلي في مستهل قصائده الشعرية.

تشريع جديد

ورغبة في تجاوز العراقيل والصعوبات والمشاكل التي يعرفها واقع قطاع التوزيع والاستغلال بالمغرب، وأمام ارتفاع الأصوات المنادية بإصلاح هذا الواقع ووضع حد للتردي الذي وقع فيه، قرر المسؤولون عن تدبير الشأن السينمائي الوطني أن يستحدثوا تشريعا يساعد على التخفيف من وطأة المشاكل والصعوبات التي يتخبط فيها هذا القطاع، ودرء العراقيل التي تواجهه، وذلك بتقديم دعم لمستغلي القاعات السينمائية، من أجل رقمنتها، أو تحديث المتهالك منها، أو إنشاء قاعات جديدة، وفق دفتر تحملات يحدد شروط ومساطر هذه العمليات الثلاث.
ويهدف هذا التشريع إلى تعزيز شفافية الترويج السينمائي بالمغرب، واعتماد نظام الشبابيك الالكترونية، وتقوية فرص التوزيع مع تنويع العرض، والحد من الاحتكار، وإحياء وتوزيع شبكة قاعات العرض في إطار التوزيع العادل للبنيات الثقافية على الصعيدين الجهوي والوطني. وقد اشترط هذا التشريع ألا تتعدى قيمة الدعم بالنسبة لرقمنة القاعات السينمائية مبلغ مليون درهم كحد أقصى، كما اشترط أيضا ألا تتعدى قيمة الدعم بالنسبة لتحديث القاعات السينمائية بما في ذلك تحويلها من قاعة واحدة إلى قاعات متعددة نسبة 50 بالمائة من كلفة التحديث، واشترط كذلك ألا تتعدى قيمة الدعم بالنسبة لإنشاء القاعات ثلث كلفة الإنشاء. كما أحدث التشريع لجنة أوكل إليها مسؤولية البث في طلبات دعم رقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية، وتتألف هذه اللجنة بالإضافة إلى رئيسها من ثمانية أعضاء من بينهم ثلاثة ينتمون إلى عالم الثقافة والفن، ولهم صلة وطيدة بميدان السينما، وأربعة يمثلون كلا من الوزارة المكلفة بالاتصال، والوزارة المكلفة بالمالية، والوزارة المكلفة بالثقافة، والمركز السينمائي المغربي، إضافة إلى مستغل لقاعة أو لقاعات غير مرشحة للاستفادة من الدعم، ويمكن للجنة أن تستعين عند الاقتضاء برأي خبراء مختصين .
ومن النتائج التي أسفرت عنها هذه العملية، منح دعم لرقمنة سبع قاعات سينمائية خلال سنة 2013 بمبلغ مالي وصل إلى أربعة ملايين وتسع مائة وأربعين ألف درهم. والقاعات السينمائية التي استفادت من هذا الدعم هي لانكس والريف وريتز وأبس بمدينة الدار البيضاء، وأبيندا وإسبنيول بمدينة تطوان، وداوليز بمدينة مكناس. كما منحت لجنة دعم القاعات السينمائية خلال سنة 2014 دعما بقيمة ثمانية ملايين وثلاثمائة وتسع وأربعين ألف درهم للقاعات التالية : روكسي والريف بمدينة طنجة، وميكاراما بفاس، وإدن كلوب أ وب وج ، ولوتيسيا ، وداوليز بمدينة الدار البيضاء، وخلال 2015 منح الدعم لقاعة المسيرة بمدينة مراكش بمبلغ سبع مائة وأربع وثمانين ألف درهم، أما خلال 2016 فقد منحت لجنة الدعم مبلغا ماليا بقيمة أربعة ملايين وثمان مائة وعشرة آلاف درهم لتحديث القاعات التالية : إدن كلوب أ، إدن كلوب ب، بمدينة الدار البيضاء ولكوليزي بمدينة مراكش، والكفاح بمدينة الرباط.
إجراءات مواكبة
وحتى وإن كان من الصعب أن نصدر حكما موضوعيا يتسم بالدقة على تجربة فتية اسمها دعم رقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية، فإنه من الصواب الاعتراف بأن هذه التجربة لا تستطيع لوحدها مجابهة المشاكل والصعوبات التي تعترض قطاع التوزيع والاستغلال داخل المغرب، الأمر الذي يقتضي إسنادها بجملة من الإجراءات المواكبة لها والتي ينبغي أن تتحمل فيها المسؤولية قطاعات حكومية وهيئات مدنية ومؤسسات اقتصادية. فإذا كان من اللازم الاستمرار في هذه التجربة بشكل منتظم حتى يتم الحفاظ على القاعات السينمائية المتواجدة، والعمل على إحداث قاعات ومركبات سينمائية جديدة، فإنه ينبغي بالمقابل العمل على إقرار مبدأ العدالة الضريبية بواسطة إعفاء المعدات التقنية والتجهيزات من الحقوق الجمركية ومن الضريبة على القيمة المضافة، وكذا الإعفاء من الضريبة المقتطعة من المنبع عن كل فيلم مستورد، وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على القاعات، كما ينبغي أيضا إلزام أصحاب المشاريع السكنية الكبرى بتخصيص جزء من هذه المشاريع لإنشاء مركبات سينمائية جديدة، وينبغي كذلك اتخاذ إجراءات عملية لحث الجماعات الترابية على المساهمة في إنشاء القاعات السينمائية، والمساهمة في إعادة تأهيلها أو اقتناء الأصول التجارية للقاعات السينمائية التابعة لها، وشراء قاعات مغلقة وتحويلها إلى مركبات سينمائية، ودمج بناء المركبات السينمائية في المشاريع الحضرية والعقارية والتجارية والترفيهية، واقتراح أراض بأسعار تفضيلية على المستثمرين في المركبات السينمائية(الكتاب الأبيض). ومن الإجراءات التي ينبغي اتخاذها أيضا دعوة أرباب القاعات إلى التفكير في أساليب جديدة لتشجيع الجمهور على العودة إلى القاعات السينمائية، والعمل على جلب اهتمام المؤسسات البنكية لتقديم قروض بفوائد تشجيعية لإصلاح القاعات المتواجدة حاليا، أو لإعادة فتح المغلقة منها، وتنظيم حملات دعائية مستمرة لتربية الجمهور ودعوته لارتياد القاعات من جديد، وإدراج مادة السينما في البرامج التعليمية(خليل الدمون، أشلاء نقدية).
ومما يمكن المراهنة عليه أيضا في إنعاش قطاع التوزيع والاستغلال بالمغرب، وبعث الحيوية في مفاصله، العمل على تشجيع إنشاء المركبات السينمائية، وتحويل بعض دور العرض المقفلة إلى قاعات متعددة الشاشات، فهذه المركبات ذات الشاشات المتعددة لها من القوة والفاعلية ما يجعلها تحفز المشاهد على جعل السينما طقسا من طقوس حياته العامة. فهي تقدم لهذا المشاهد مجالا متعددا للاختيار بحكم توفرها على قاعات متعددة تعرض أفلاما متنوعة تستجيب لانتظارات فئات متعددة من الجمهور، كما أنها تقترح عليه منتجا جديدا وجيدا لأن جمعها بين التوزيع والاستغلال يمكنها من الاستئثار بالإنتاجات الناجحة، إضافة إلى أنها تتيح له شروط الفرجة الجيدة، من عمران جميل ومتسع ونظيف، ومن عرض متطور ومبهر وذي جودة عالية، ناهيك عن تمتعها بجاذبية المجال، فهي توفر للمشاهد مجموعة من الخدمات وعناصر الترفيه التي لا تستطيع أن تقدمها فضاءات العرض التقليدية. وقد أظهرت بحوث التسويق التي أجريت من قبل مؤسسة مدياسكان لفائدة المركز السينمائي المغربي أن هناك في المغرب مجالا واسعا لبناء مركبات سينمائية أخرى من الممكن أن تصل إلى مائة وثمانين مركبا سينمائيا جديدا تنتشر في جميع أنحاء البلاد، وقد حددت هذه البحوث المدن التي من الممكن أن تحتضن هذه المركبات، ويتعلق الأمر بالدار البيضاء والرباط وسلا وتمارة وأكادير وإنزكان و فاس وطنجة والقنيطرة ومكناس و بني ملال ووجدة و والناظور وتطوان وسطات و خريبكة وآسفي وخنيفرة والعرائش. ومما يمكن أن يبرر تبني استرتيجية تشجيع بناء المركبات السينمائية الأرقام التي يحققها المركبان السينمائيان ميكاراما، فهما يشكلان القسم الأكبر من السوق من حيث عدد المتفرجين أو من حيث المداخيل المحققة، فخلال سنة 2011 بلغت نسبة ارتيادهما تسعة وأربعين بالمائة، وبلغت نسبة مداخيلهما ستة وستين بالمائة.
إن سياسة الاهتمام بفضاءات العرض التي نهجتها الدولة انطلاقا من سنة 2012، لا يمكن أن نصدر بشأنها الآن تقييما موضوعيا، فالتجربة لا زالت في المهد، لكن الذي لا يمكن إنكاره أنها أصبحت أمرا واقعا سواء من الناحية التشريعية أو من الناحية العملية، فالنصوص التشريعية قد صدرت فعلا، وتطبيقها على أرض الواقع لا يتسرب إليه أدنى شك، فخلال السنوات الأربع الماضية خصصت الدولة اعتمادات مالية مهمة لرقمنة وتحديث مجموعة من القاعات السينمائية، والمنتظر أن تستمر العملية على وتيرة أسرع خلال المقبل من السنوات . كما أنه من المؤمل أن تتحمل الجهات والجماعات الترابية قسطا من المسؤولية في هذا المجال. لكننا نعتقد أن استراتيجية الاهتمام بفضاءات العرض لن تحوز الفاعلية المرجوة، إذا لم تسند باهتمام حقيقي بثلاثة أركان من أركان العملية السينمائية، ونقصد بذلك المبدع والمستغل والمستقبل. فعلى المبدع أن يبذل قصارى جهده ليقدم بضاعة جيدة تثير فضول المستقبل، وتشبع نهمه، وألا يضع نصب عينيه الفوز بمنحة الدعم فقط من أجل إنجاز فيلمه بغض النظر عن الصورة التي يمكن أن يظهر بها هذا الفيلم، بل ينبغي أن يضع نصب عينيه أيضا ذلك المستقبل الذي يبحث عن سينما تستجيب لتطلعاته في مشاهدة المادة الجيدة التي تحفل بما يلزم كل عمل السينمائي من قيم فكرية وفنية. وعلى المستغل أن يستثمر كافة مؤهلاته التدبيرية ليجعل من قاعته فضاء جذابا يغري المستقبل، وينشط قابليته للتوجه الطوعي نحو قاعة العرض، مادامت توفر كافة شروط المشاهدة المريحة والممتعة والمفيدة. وعلى المستقبل أن يجعل من الذهاب إلى القاعة طقسا ضروريا منتظما ينبغي احترامه، مثلما يتم احترام بقية ضرورات الحياة، لتغدو السينما بذلك جزءا لا يتجزأ من البرنامج العام للحياة العامة، كما القراءة والسفر والرياضة .


الكاتب : بوشعيب الخياطي

  

بتاريخ : 17/11/2018