في أفق تنزيله بشكل سليم : أي دور للجماعات الترابية في البرنامج التنموي لإقليم جرادة؟

 

عندما نتحدث اليوم عن برنامج تنموي بإقليم جرادة بحمولته المالية التي تصل إلى 90  مليار سنتيم و بمشاريعه المبرمجة، فالأمر يحتاج إلى أكثر من وقفة و يحتاج بالدرجة الأولى إلى  إرادة حقيقية في التنزيل السليم لهذا البرنامج الطموح، كما يحتاج في الوقت نفسه إلى جماعات ترابية واعية بالمسؤولية الملقاة على عاتقها بعيدا عن الاتكالية في التنفيذ و التتبع و في المواكبة .
من خلال تتبع العرض الذي قدمه عامل إقليم جرادة مبروك ثابت خلال اللقاء التواصلي الذي احتضنه المركز السوسيوثقافي بمدينة عين بني مطهر ، و بحضور عدد من الفعاليات السياسية و الجمعوية ورؤساء الجماعات الترابية، و الذي استمر لما يفوق الأربع ساعات، تستوقف المرء جملة من التساؤلات التي تفرض نفسها بإلحاح و تتمحور حول نصيب و دور هذه الجماعات من هذا البرنامج التنموي الكبير و ما مدى مساهمتها في بلورة مشاريعه ، و هل تمت استشارتها قبل إقراره و كيف ستتعامل معه ، خاصة إذا علمنا أن برنامج سياسة المدينة لعدد من المجالس الجماعية عرف تعثرا وضحا ، و الذي كان من المفروض أن ينتهي بنهاية 2018 ؟
هي أسئلة مشروعة تستوجب إجابات واضحة و دقيقة بعيدا عن أية إسقاطات يمكن تسويقها  لأن الأمر يتعلق ببرنامج مهم يمتد إلى سنة 2021 و رصد له غلاف مالي مهم أيضا جاء بعد حراك شعبي قيل في شأنه الكثير والذي لاتزال تداعياته قائمة حتى اللحظة . يأتي كذلك في ظرفية صعبة تتميز بوضع اجتماعي و اقتصادي مقلق و غير مطمئن بالمرة زاد من حدته ارتفاع مؤشر البطالة خاصة في صفوف الشباب و اتساع رقعة الفقر و انعدام فرص حقيقية للعمل و استمرار موجة الجفاف التي تضرب الإقليم و التي لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب وفق مقاربة استباقية تحد من أضرارها من منطلق أن الجفاف أضحى ظاهرة بنيوية.
هي إذن عوامل واقعية يجب استحضارها في هذه الظرفية الدقيقة من عمر و  مستقبل إقليم لايزال يبحث عن ذاته، حيث يجب في سياق هذا البرنامج التنموي  الطموح استحضار واقع و خصوصية كل جماعة على حدة في إطار من المساواة و تكافؤ الفرص بين أبنائها و شبابها ، كما أن توطين مشاريع هذا البرنامج الطموح يجب أن يكون منصفا و عادلا  للجماعات الترابية التي تحتاج إلى دفعة اقتصادية و تنموية  قوية ، فمن غير المنطقي أن يتم التركيز على مدينة بعينها والتعامل مع جماعات أخرى بعناية أقل. ومن ثم ينبغي على رؤساء المجالس المحلية و مكاتبها المسيرة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في  اقتراح مشاريع تتماشى مع جغرافيتها و مع واقعها المحلي و مناخها و مع احتياجات ساكنتها   .


الكاتب : الطيب الشكري

  

بتاريخ : 20/03/2019