في اختتام أشغال اليوم الدراسي حول “الجهوية واللاتمركز”، تحت شعار “مغرب الجهات: ضرورة تاريخية، وطنية وديمقراطية”

ورش الجهوية واللاتمركز، جزء لا يتجزأ من ورش أكبر يتعلق بالبحث عن النموذج التنموي الجديد

خلص المشاركون في أشغال اليوم الدراسي حول “الجهوية واللاتمركز”، تحت شعار “مغرب الجهات: ضرورة تاريخية، وطنية وديمقراطية” إلى أن معالجة موضوع اللاتمركز الإداري، ينبغي أن تخرج من إطار الإصلاحات الظرفية أو القطاعية أو الجزئية، لتوضع في إطار موضوع يهم استراتيجية الدولة في إحداث انسجام تام داخل منظومة الحكامة الترابية لبلادنا.
كما أكدوا أن تنوع التجارب الدولية، عامل ينبغي الاستفادة منه من زاوية الفلسفة التي تقوم عليها، والمتمثلة في أنه مهما بلغت درجة تطور النظام اللامركزي، فإن أسس نجاحه يجد أساسه في الأوراش المواكبة له، والمتمثلة خاصة في نقل صلاحيات الإدارات المركزية إلى كل المستويات التي توجد بها مجالس أو هيئات لا مركزية مُنتَخَبة.
وشدد المشاركون على أن الارتكاز على التجارب الدولية، ينبغي ألا يتم باستنساخها، ولكن اعتبارها تجارب للاستئناس قصد خلق نموذج مغربي يتلاءم مع أوضاع بلادنا، خاصة مع وجود إرادة سياسية أكيدة تستهدف إعادة هيكلة الدولة وتغيير طبيعتها.
وأبرزوا أن صدور ميثاق حول اللاتمركز الإداري، أصبح ضرورة ملحة، لا غنى عنها، لإعطاء الجهوية ببلادنا الصفة الحقيقية لها كجهوية متقدمة.
وأوضح المشاركون أن أي تصور لموضوع اللاتمركز، ينبغي أن ينطلق من ضرورة إعادة تحديد دور الإدارة المركزية، التي يجب أن يُنزع عنها الطابع المركزي المفرط، وأن يتم توجيهها إلى إصلاحات ذات صلة بالتوجيه والإشراف والتخطيط، بعيدا عن الطابع الرئاسي الذي يُحَول كل المصالح الخارجية إلى مجرد أجهزة تنفيذية دون أي قدرة على المبادرة، كما أشاروا إلى أن الصلاحيات التي منحها الدستور والقانون التنظيمي للجهات، لا يُمكن أن تُمارس بالفعالية اللازمة، إذا لم تكن الإدارات العمومية المقابلة لها تمتلك بدورها صلاحيات اتخاذ القرارات في حينه دون انتظار التوجيهات والتعليمات المركزية.
وأكد المشاركون أن اللاتمركز الإداري ينبغي أن يُواكبه لا تمركز مالي، وتأطير قانوني وتنظيمي، يسمح بنقل السلطات من الإدارات المركزية إلى الإدارات اللاممركزة، وليس فقط تفويضها ذلك، مشيرين إلى أن صدور ميثاق اللاتمركز لن يكون إلا نقطة انطلاق لورش أوسع يتعلق بتدابير وإجراءات تنفيذ هذا الميثاق من خلال مخطط تنفيذي مُحكَم لنقل الصلاحيات والميزانيات من المركز إلى الإدارات اللاممركزة، وهو ما سيتطلب المزيد من العمل لربح هذا الرهان، الذي يُعول عليه لمواكبة النموذج التنموي الجديد.
ووقفت مداخلات اليوم الدراسي والمناقشات التي تلت ذلك، على أن ورش الجهوية المتقدمة، لا يتعلق فقط بصنف من أصناف الجماعات الترابية، بل يُشكل قفزة نوعية جديدة تستهدف إعادة هيكلة الدولة، وقد أصبح الآن من المعول على الجهوية أن تكون قاطرة للتنمية تقطع مع التدبير المركزي الذي لم يُعط النتائج المرجوة منه، وأن السرعة التي يسير بها تطور اللامركزية ببلادنا، والتي وصلت حد اعتماد جهوية مُقدمة، لم يُواكبه تدبير إداري ملائم بنفس السرعة، وهو ما خلق تنظيمين إداريين ببلادنا، أحدهما مُتطور، والآخر لا يزال يُراوح وضعيته التي أصبح إدخال إصلاحات عميقة عليها، يأخذ أبعادا استعجالية أكثر من أي وقت مضى.
للإشارة، استحضر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو يُنظم هذا اليوم الدراسي، كافة مبادراته التي كانت تربط دوما بين الديمقراطية والتنمية، والتي لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت دائما، إيمانا وتشبثا بمبدأ، كان ولا يزال، يعتبره حجر الزاوية لإطلاق دينامية تنموية اقتصادية واجتماعية وثقافية وبشرية جديدة.
كما سجل الاتحاد الاشتراكي، أن ورش الجهوية واللاتمركز، جزء لا يتجزأ من ورش أكبر يتعلق بالبحث عن النموذج التنموي الجديد، الذي كان موضوع يوم دراسي سابق، وأن نجاح هذا اليوم الدراسي يُعتبر لبنة أخرى تنضاف لمبادراته الرامية إلى الانخراط والبحث المتواصل عن حلول واقعية وإيجابية تُساهم في إرساء دعائم حكامة جيدة لمختلف الأوراش التنموية ببلادنا، ومن بينها الحكامة الترابية.
وتميزت الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي بكلمة للكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، التي أكد فيها أن لموضوع هذا اليوم الدراسي بالغ الأهمية في الأجندة السياسية اليوم، مشددا على أن الحزب راهن على إعطاء دينامية نوعية للعمل التنموي بالاعتماد على سياسة فعالة لإدارة التراب الوطني بما يضمن مساهمة إيجابية للمواطنين في تدبير شؤونهم.
وشدد إدريس لشكر في مداخلته على أن موضوع الجهوية هو مجال واعد بامتياز ، استنادا إلى الدراسات والأبحاث التي تمت، كما هو الشأن بالنسبة للحوار الوطني حول إعداد التراب الوطني، وكذلك الأبحاث المستندة إلى المرجعية الحزبية التي تستند إلى المنظور الخاص للاتحاد الاشتراكي، مبرزا أن الجهوية هي عنصر أساسي لتصريف المشروع الاقتصادي التنموي وليست مجرد مؤسسات منتخبة بالاقتراع العام المباشر ذات صلاحية محددة بالنصوص التشريعية والتنظيمية، مؤكدا على أنها أبعد من ذلك.
وشدد الكاتب الأول، الذي كان يتحدث أمام خبراء دوليين ومغارية شاركوا في أشغال هذا اليوم الذي اختير له شعار “مغرب الجهات.. ضرورة تاريخية وطنية وديمقراطية”، على أن المطلوب جعل اختصاصات الجهة هو القاعدة العامة وأن يكون تدخل الدولة هو الاستثناء، مبرزا أن الدولة يجب أن تنحصر مهمتها في تحديد الوظيفة الوطنية للجهة وفق ماتسمح بذلك المؤهلات الطبيعية والاقتصادية والبيئية والبشرية، وفسح المجال للمؤسسات الجهوية لوضع البرامج اللازمة لتحقيق الأهداف المحددة بما يحقق التكامل ويخدم التضامن، مشددا على أن الجهة ليست مجرد مجموعة مشاريع منفصلة عن بعضها البعض، بل هي مشروع وطني استراتيجي يندرج ضمن الرؤية الوطنية للجهة في شكلها الشمولي، مستعرضا الأشواط التاريخية التي قطعها المغرب في هذا المجال والرؤية التي تخص الحزب في هذا الصدد.


بتاريخ : 24/09/2018

أخبار مرتبطة

كشف مرصد العمل الحكومي عن فشل الحكومة في محاربة الفساد والاحتكار، وعدم العمل على الحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية على

  تحت شعار «بالعلم والمعرفة نبني الوطن»، تم زوال يوم الاثنين 22 أبريل 2024 ، افتتاح أشغال المؤتمر 21  ل»اتحاد المعلمين

يعود ملف ممتلكات الدارالبيضاء ليطفو من جديد على سطح الأحداث، خاصة وأن المدينة تتهيأ لاستقبال حدثين مهمين على المستوى القاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *