في اختتام المناظرة الدولية حول حقوق الإنسان بمراكش استقلال المحاماة دعامة لكل حكم عادل

 

اختتمت، مساء السبت 14 أكتوبر الجاري، أشغال المناظرة الدولية حول حقوق الإنسان، التي نظمها بمراكش على مدى ثلاثة أيام معهد حقوق الإنسان لجمعية هيئات المحامين بالمغرب تحت إشراف هذه الأخيرة و بشراكة مع هيئة المحامين بمراكش تحت شعار « الدفاع و حماية حقوق الإنسان»، وذلك بمناسبة مرور 30 سنة على عقد المناظرة الوطنية حول حقوق الإنسان في ضيافة هيئة المحامين بوجدة سنة 1987 .
وشكلت الأوراق العلمية التي قدمت خلال هذه المناظرة وكذا الشهادات ووجهات نظر الجمعيات والهيئات المعنية بحقوق الإنسان، مجالا لمساءلة وضعية المدافعين عن حقوق الإنسان، والضمانات المتوفرة لحماية حق الدفاع، والدعم المقدم لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. حيث كشفت أشغال المناظرة أن العمل لنصرة تكريس الحقوق والحريات، يشكل منظومة متكاملة تفترض وجود كافة الضمانات القانونية والمؤسساتية الكفيلة بجعل هذه الحقوق و الحريات واقعا عينيا يمارس من قبل المواطنين على قدم المساواة.
وأكدت أشغال المناظرة أن ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان يشكل أهم الأنشطة التي يضطلع بها المدافعون عن هذه الحقوق، الذين يشكلون هم أنفسهم ضحايا لانتهاكها، وهو ما يجعل حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان قضية حقوقية في حد ذاتها، و موضوع حماية و تعزيز كما أكد على ذلك نقيب هيئة المحامين بمراكش الأستاذ عبد اللطيف احتيتش.
ووقفت نقاشات المناظرة على الارتباط الوثيق بين مكونات ترسيخ و ضمان حقوق الإنسان، مؤكدة أن حق الدفاع لا يقل أهمية عن باقي الحقوق، بل هو حاميها و حارسها. لأن المحامي في طليعة المدافعين عن المساواة في الحقوق والحريات. علما أن آليات الدفاع عن الحقوق والحريات و مجالاته متعددة. لكن حق الدفاع يبقى متصلا بحقوق الأفراد والجماعات، قبل اتصاله بممارسة مهنة المحاماة، ويتطلب استحقاقات أساسية ضامنة لاستقلالية القضاء واستقلالية المحاماة، والتشبع الكافي لكل المؤسسات المكلفة بإنفاذ القانون بثقافة حقوق الإنسان و المعايير الدولية المعتمدة في هذا الشأن.
وفي نفس الإطار شكلت المناظرة الدولية حول حقوق الإنسان، فرصة للتذكير بأهمية استقلال المحاماة باعتبارها الدعامة الأولى لكل حكم عادل، فلولا حرية المحامين واستقلالهم في أن يناقشوا وينتقدوا الأحكام لتكررت الأخطاء واستحال إصلاحها. بل إن أحكام المحاكم، ستصبح من دون ذلك، مصدرا للظلم بدلا من العدل و الإنصاف، و هو ما يجعل من المحامي بحكم طبيعة مهنته مؤهلا أكثر من غيره للدفاع عن الحقوق و الحريات، مثلما تلزمه بالدفاع عن سيادة القانون واحترامه و الوقوف في وجه كل خرق له و كل مساس بالضمانات التي يمنحها للأفراد و الجماعات كيفما كانت الجهة التي يصدر عنها هذا الخرق أو هذا المساس، و أيا كانت الظروف و المبررات المعتمدة في ذلك.
واحتلت وضعية حقوق الإنسان في المغرب مساحة مهمة من نقاشات المناظرة، حيث أكدت مداخلة الأستاذ علي عمار من هيئة المحامين بالرباط، أن 20 فبراير 2011 تشكل نقطة ارتكاز لمقاربة حقوق الإنسان بالمغرب بعد مرور مدة زمنية كافية عن هذه المحطة، لرسم صورة وضع الحقوق المعاش في راهنيته. و تعد محطة 20 فبراير حسب الأستاذ علي عمار، نقطة ارتكاز للقيام بهذه المهمة، بحكم ما شكلته من تحول تشريعي و مؤسساتي ودستوري للدولة مع المنظومة الحقوقية للمغاربة في احتواء لما تم رفعه خلال الربيع الديمقراطي.
و في هذا الإطار، اعتبر علي عمار أن نشوب حراك الريف و ما رافقه من خروقات لحقوق المحتجين، مثل مناسبة لتقييم مدى صدق النوايا المضمنة في الأعمال الرسمية للسلطات، سواء تلك المدبجة في دستور 2011 ، أو في القوانين المسندة لمهام الحماية
والنهوض بحقوق الإنسان لمختلف الهيئات المنصوص عليها في الدستور.
وإذا كانت روح المناظرة الدولية و فلسفتها تقومان على استحضار مناظرة 1987 وبيانها الشهير، فإن من معالم حصيلتها، أنه رغم تحقق جل ما تضمنه بيان المناظرة الأولى، إلا أن مجهودا كبيرا ينبغي بذله لتحقيق ما تبقى من المطالب، صيانةَ لدولة القانون التي تحترم الحقوق والحريات، وتوفر كل الضمانات لحمايتها.
وبموازاة مذكرات الأشغال العلمية، عرفت المناظرة تنظيم مجموعة من الأنشطة الفنية والترفيهية والرياضية والسياحية، إضافة إلى معارض لإبداعات هيئة الدفاع في مجال الكتابة والتشكيل وغيرها.


الكاتب : مكتب مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 16/10/2017