في افتتاح فعاليات وجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018 … المدير العام لألسكو: يمكننا من خلال الثقافة أن نعيد تشكيل الإنسان وهويته وكيانه ووجوده وزير الثقافة والاتصال: الاحتفال بعواصم الثقافة العربية مناسبة لتعميق الإدراك بالديبلوماسية الثقافية

ذكر سعود هلال الحربي، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو»، بأن الاحتفال بالعواصم الثقافية العربية يعزز اللحمة العربية والوجدان العربي «فإذا كانت السياسة قد أفسدت بعض العلاقات أو أثرت سلبا على بعض مشاعرنا، أعتقد بأن توحدنا الثقافي واحترامنا لخصوصياتنا الثقافية واعتزازنا ببلداننا العربية يعطينا القوة لنكون أمة لها مكانة على مستوى العالم أجمع».
وأضاف في كلمة بمناسبة افتتاح فعاليات وجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018 الاسبوع الماضي تحت شعار «وجدة الألفية عنوان الثقافة العربية»، بأن قضية الاحتفال بالعواصم الثقافية العربية «لم يأت وليد الصدفة وليس مجرد أفكار طارئة لكنها تحمل أحلام أمة وآمال شعوب، يحدوها الأمل بأن تظل كما كانت في السابق أمة خالدة لها تاريخها ولها وجودها»، مبرزا بأن هذه التظاهرات تروم توجيه رسائل بالغة الأهمية الأولى للشباب العربي «لنقول لهم هذه أمتكم العربية وهذه ثقافتها فأنتم لستم أمة ليست موتورة، بل لديكم تراث حضاري صنعته عقول ووجدان الشعوب العربية على امتداد آلاف السنين»، والرسالة الثانية لمن يعيش خارج المحيط العربي «ويعتقد بأننا أمة بلا مجد وبلا تاريخ، لنقول لهم بأن لدينا ثقافة عربية تحترم الإنسان وتحترم حقوق الإنسان وتحترم الرأي الآخر كما تحترم معتقداته وتحترم جميع الفروق البشرية التي أوجدها الله في خلقه».
وأكد رئيس «الألكسو»، على ضرورة إبراز الجانب الثقافي للبلدان العربية لما للثقافة من أهمية في تهذيب السلوك وتعديل الاتجاهات وإغناء القيم كما «يمكننا من خلال الثقافة أن نعيد تشكيل الإنسان وهويته وكيانه ووجوده، ردا على كل من يتهمنا بأننا أمة مصدرة للإرهاب والغلو والتطرف» يقول المتحدث مسترسلا «نعم هذه الظواهر توجد في البلدان العربية ولكنها دخيلة علينا ونحن من خلال الثقافة نستطيع أن نحارب هذه الآفات لأن لدينا كنوز عربية زاخرة في القيم الانسانية».
ونوه رئيس المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، بالتجربة الثقافية المغربية مشيرا إلى أنها تجربة رائدة من خلال مزجها لثقافتها العربية والأمازيغية والإفريقية وثقافة البحر والصحراء، مشيرا إلى أنها كنوز ثقافية «نستطيع أن نستقي منها التطلعات المستقبلية»، وفي هذا الإطار ذكر بأن اختيار مدينة وجدة لتكون عاصمة للثقافة العربية خلال سنة 2018، يحمل دلالة كبيرة تتجلى في إبراز المكنون الثقافي والكنوز الثقافية التي يتميز بها المغرب، وأيضا «لنؤكد بأن الثقافة المغربية قامت على عدة مكونات أعطت لها هذه القوة الزاخرة، وأعطت للشعب المغربي خصوصيات ثقافية نفتخر بها نحن كعرب».
أما محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال، فتحدث في كلمته في حفل افتتاح فعاليات وجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018، عن إرساء أسس وحدة وازدهار الشعوب العربية مشيرا إلى أنه لتحقيق هذا الهدف الوحدوي والتنموي المنشود «لابد من استحضار الموقع المستديم للثقافة كجسر سلس وأكثر أمانا للتفاعل بين الشعوب من جهة وكعنصر أساسي من عناصر التنمية الرامية إلى توفير شروط الاستدامة والشمول من جهة ثانية».
واستحضرمحمد الاعرج وزير الثقافة والاتصال، التجربة المغربية الرائدة في تدبير التنوع الثقافي والانفتاح على ثقافة العالم، مشيرا إلى أن لها مكانة متميزة لما ترتكز عليه من قيم كفيلة بضمان تعايش خلاق بين التنويعات الثقافية «التي يزخر بها امتدادنا الجغرافي الواسع والتي ينبغي أن تكون مصدر غنى يدعو إلى التآلف والاعتزاز بدل التنافر».
وتحدث عن ما تعيشه بعض الأقطار العربية اليوم من حروب وتوترات، وفي هذا الإطار أبرز بأن «علو سقف الحرب والمواجهات العسكرية يجعل شروط الاشتغال الجماعي السليم على الثقافة باهتا»، مضيفا أنه «في ظل هذا المناخ لابد من مضاعفة الجهود لاستحضار الأدوار الجديدة للشأن الثقافي لاسيما دور التربية الثقافية في محاربة التطرف والغلو ونبذ الآخر، ودور الثقافة المحلية في إنجاح فرص التنمية المستدامة».
وتطرق الوزير إلى جهود المغرب في جعل الشأن الثقافي رافعة للتنمية البشرية والالتزام الاجتماعي، مبرزا بأنها «تسير بموازاة مع جهودها في خدمة الهدف العربي المشترك والقضايا المصيرية للأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي لا يذخر الملك محمد السادس، باعتباره رئيسا للجنة القدس، جهدا في الدفاع عنها في مختلف المواقع والمواقف»، مشيرا إلى أن أعضاء اللجنة الدائمة للثقافة العربية استحضروا هذا الرصيد عند اعتمادهم بالإجماع مدينة وجدة عاصمة الثقافة العربية.
وأكد ذات المتحدث على حرص المغرب الدائم على إبراز بعده الحضاري المطبوع بالتعايش والانفتاح، واشتغاله المتواصل على تعزيز قيم الإخاء والتبادل والتفاعل البناء بين الثقافة والشعوب خدمة لقضايا السلم والاستقرار والتنمية في العالم، مشيرا إلى أن البعد الثقافي «فرصة متجددة للتأكيد على الوفاء المتواصل لهذه القيم، ومناسبة لتعميق الإدراك بالديبلوماسية الثقافية واعتماد الأوجه الإنسانية للهجرة في إلغاء الحدود بين الثقافات وهدم أسوار التنافر بين الشعوب».
كما أكد وزير الثقافة والاتصال، على أن تتويج مدينة وجدة عاصمة للثقافة العربية هو «وقفة عرفان لبنات وأبناء جهة الشرق من المملكة، الذين دأبوا على الانخراط في المشاريع التنموية لبلادهم بصفة عامة وفي مشاريع التنمية الثقافية على وجه الخصوص، والتي أسفرت عن تحقيق مكتسبات ملموسة في التجهيز والفعل الثقافي لا تقل عن مكتسبات الجهات الكبرى على الصعيد الوطني».
وفي هذا الصدد ذكر بأنهم سيعملون، بتنسيق مع المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، على جعل تشريف المملكة المغربية بهذا التتويج العربي لمدينة وجدة ، فرصة لتقديم نموذج عمل عربي ناشئ من خلال إعداد برنامج ثقافي يليق بهذا الحدث المتميز، «لذلك ستكون جهة شرق المملكة فضاء ممتدا في الزمان والمكان لتنفيذ برنامج غني يتكون من جانب رسمي وجانب مدني تحضر فيه المستويات العربية والوطنية والجهوية والمحلية».
وبدوره قدم والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنجاد معاذ الجامعي، كلمة نوه خلالها باختيار مدينة وجدة عاصمة للثقافة العربية لسنة 2018، مشيرا إلى أن الضيوف العرب «سيكتشفون مدينة ضاربة في القدم، تزخر بتراث إنساني، حضاري، ثقافي ومعرفي غني ومتنوع، وحاضر كله حيوية ومستقبل واعد بإشراقات تربط بين الماضي والحاضر»…
وذكر الجامعي بالطفرة النوعية التي عرفتها مدينة وجدة بعد الخطاب الملكي بمدينة وجدة يوم 18 مارس 2003، والذي أسس لمبادرة ملكية لتنمية جهة الشرق من خلال برنامج عمل لتنمية شاملة لمدينة وجدة والجهة ككل.
رئيس مجلس جهة الشرق عبد النبي بعيوي، قدم كلمة عبر من خلالها عن تقديره لاختيار مدينة وجدة لتكون قبلة للثقافة العربية على مدى سنة كاملة، مبرزا بأن هذا الحدث «سيبقى شاهدا على مر الزمان على انخراطهم التام في الدينامية التي تروم النهوض بالمشهد الثقافي على جميع المستويات».
وتحدث عن النهوض بقطاع الثقافة على مستوى جهة الشرق معربا عن اعتزازه بتقاسم هذه المسؤولية مع مختلف الشركاء، مستحضرا بذلك تطلعات وانتظارات المثقفين والفنانين والمبدعين «الذين يعتبرون بحق سفراء الوطن والممثلين الميدانيين للدبلوماسية الثقافية والفاعلين الأساسيين في الصناعة الثقافية»، مضيفا «شرعيتنا في ذلك هو أن الثقافة تعتبر من الاختصاصات الذاتية والمشتركة والمنقولة للمجالس الجهوية، والتي من واجبها الأخذ بعين الاعتبار أهمية قضايا هذا القطاع أثناء البرامج وحين تنفيذ البرامج التنموية».
وعبر رئيس مجلس جهة الشرق عن أمله في أن تتحول مدينة وجدة إلى وجهة لتبادل التجارب والخبرات وصقل المهارات وتكامل الصور الحضارية وتناغم الرؤى والمشاريع الثقافية، «لنخط، من اللحظة هذه ومن المغرب بلد التسامح والسلم والأمان، بمداد من فخر، سطورا في سجل عواصم الثقافة العربية، كما نحرص على أن نبعث سويا رسائل الود والتحيات الصادقة التي نريدها أن تلف مدينة القدس العاصمة الأبدية للثقافة العربية».
وتماشيا مع التوجهات الملكية ، والتي تولي اهتماما خاصا للثقافة بمختلف روافدها على اعتبارها مرآة تعكس أصالة الهوية والتلاحم الراسخ بين أبناء الأمة فضلا على الحرص على توطيد مبادئ الانفتاح على الثقافات ومختلف أشكال التعبير الفني للبلدان الأخرى، ذكر رئيس مجلس جهة الشرق بأنهم يعملون في هذا الأخير، على مواصلة دعم كل المبادرات الخلاقة التي تساهم في تنمية الجهة فضلا عن الانخراط في المشاريع الرامية إلى النهوض بالمشهد الثقافي استجابة لطموحات وتطلعات ساكنة هذه الجهة…
رئيس جماعة وجدة عمر حجيرة نوه بدوره في كلمة بالمناسبة، باختيار مدينة وجدة عاصمة للثقافة العربية وجعلها قبلة لمدة سنة كاملة لكل الأشقاء العرب من أجل مد جسور التعاون والتعارف والتآخي في كل الميادين وعلى رأسها الميدان الثقافي، واستحضر المآثر التاريخية التي تزخر بها المدينة الألفية بدءا من أبوابها الأربعة (الباب الغربي، باب سيدي عبد الوهاب، باب أولاد عمران وباب الخميس) مرورا بالمساجد والمدارس العتيقة، والخزانات ومتحف للا مريم… وصولا إلى المنشآت الثقافية المنجزة كالمراكز الثقافية ومعهد الموسيقى ومسرح محمد السادس، وأخرى في طور الإنجاز كالخزانة الجهوية….
المتحدث ذاته، أبرز بأن وجدة هي مدينة السلم والتسامح والتقارب والتعايش المشترك، وهي مدينة المقاومة والدفاع عن الوطن منذ تأسيسها سنة 944 ميلادية، كما اعتبرها مدينة للمقام والمقام، ومدينة العلم، ومدينة عرف أهلها عبر التاريخ بالاستقامة والشجاعة، مدينة انطلقت منها الشرارة الأولى لانتفاضة الشعب المغربي ضد المستعمر يوم 16 غشت 1953، وهي المدينة التي «اختلطت فيها دماء الشهداء المغاربة والجزائريين أيام الثورة من أجل الحرية والانعتاق، حيث كانت وجدة القاعدة الخلفية للثورة والمقاومين الجزائريين…»
واعتبر رئيس جماعة وجدة اختيار مدينة وجدة عاصمة للثقافة العربية، مناسبة لتعميق الحوار الثقافي والانفتاح على ثقافات وحضارات الشعوب العربية من أجل تعزيز قيم التآخي والتسامح، كما اعتبرها مناسبة «لإبرام اتفاقيات تعاون وشراكة من أجل الارتقاء بالفعل الثقافي ووضع رؤية مستقبلية لما يمكن الاشتغال عليه في باقي المجالات بما يعود بالنفع على شعوب الدول العربية».
هذا، وعرف حفل افتتاح فعاليات وجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018، الذي احتضنه مسرح محمد السادس بحضور وزراء الثقافة ببعض البلدان العربية وسفراء معتمدين بالمغرب ودبلوماسيين وممثلين لمختلف الهيئات والتنظيمات الثقافية العربية، وأعضاء من الحكومة المغربية وعدد من البرلمانيين والمنتخبين والمسؤولين المحليين… (عرف) تقديم درع التكريم لعطاء رمز الثقافة العربية الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، والذي تسلمه السفير الفلسطيني في المغرب جمال الشوبكي.
وجدير بالذكر أن برنامج فعاليات وجدة عاصمة الثقافة العربية، التي تحتضنها المدينة الألفية تحت الرعاية السامية للجلالة الملك محمد السادس، سيشمل أزيد من 900 نشاط يتضمن تظاهرات ثقافية وفنية كبرى ذات بعد وطني وعربي ودولي، ومهرجانات وندوات فكرية، وتكريم شخصيات ثقافية علاوة على مشاركة نحو 1200 مثقف وفنان. وسيشكل محطة بارزة لبلورة استراتيجية العمل الثقافي والميثاق العربي للثقافة، كما ستستقطب هذه التظاهرة العديد من الهيئات والمؤسسات الثقافية العربية والدولية، وستمتد هذه التظاهرة إلى غاية مارس 2019، بإعلان «ميثاق وجدة للعمل الثقافي العربي» وتسليم وزير الثقافة والاتصال لمشعل عاصمة الثقافة العربية لوزير الثقافة السوداني بمناسبة اختيار مدينة بورتسودان عاصمة للثقافة العربية لسنة 2019.


الكاتب : سميرة البوشاوني

  

بتاريخ : 21/04/2018

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *