في الحاجة لفضاء مدرسي رصين وتدريس تربوي حقيقي

يحتل التعليم مكانة اساسية في الحياة الانسانية. فالمؤسسات التربوية تقوم بإعداد الافراد أحرارا بغية القيام بأعمال مفيدة وصالحة للمجتمع، وحسن استثمار المحيط.
إن التربية هي واحدة من الرهانات الكبرى في حياة البشرية ،سواء في الماضي او الحاضر او المستقبل،وان العلاقات بين التعلم والتحضر وبين التمدرس والتمدن وبين طلب العلم وتطوير المجتمع لايمكن انكارها.فالتربية المنشودة هي التي تسمح للفرد بالاندماج في المجتمع والتأقلم مع الواقع المعيش.
من مظاهر الازمة في النظام التعليمي تحول المشهد التربوي الى جحيم لايطاق وانتشار آفة الغش بكل تلويناته والعنف اللفظي والجسدي والنفسي، اضافة الى ظاهرة الدروس الخصوصية التي لازالت تستنزف جيوب الاسر ذات الدخل المحدود و قتل المدرسة لأحلام الاطفال بدل ان تعمل على تحقيقها .
هناك من يبرر ازمة النظام التعليمي بالنقص في البعد العلمي والتقصير في المنفعة الاجتماعية…وآخرون يبررون الازمة بغياب روح التقييم واعتباطية البرامج وارتجالية القرارات الفوقية التي تطبخ داخل المكاتب المكيفة اضافة الى كثافة المواد الدراسية التي تلغي كل الجهود التربوية التي يقوم بها نساء ورجال التعليم وتغليب الكم على الكيف وتأثير ذلك على جودة التعليم وتراجع مستوى الشواهد عند التخرج .
إن العنف المسلط على المربين تحول الى ممارسة عادية وطبيعية، وأصبح الفضاء التربوي بمثابة سجن كبير عند المتعلمين يسرق منهم حريتهم ويرهقهم بمواد كثيرة فاقدة للقيمة.
لقد اضحى النظام التعليمي واحدا من البؤر المتوترة والحواضن الهشة التي قد تكرس الفوارق الاجتماعية.وادى وضع المتعلم في قلب العملية التربوية الى اضطهاده من طرف الانساق التعليمية المجردة والاطر الادارية المتساهلة والانتظارات الاجتماعية الواعدة.
الم يكن الهدف الاسمى من التربية هو ارجاع الطفل اجتماعيا وتدريبه على مهارات متعددة ومناهج متداخلة. فالبحوث التربوية تحركت حول محاور جوهرية تضم عناصر فاعلة وهي :المتعلم،المدرس،المدرسة،المواد الدراسية وطرق اعدادها والممارسات البيداغوجية .ومن اجل تربية المستقبل،على الجهات المسؤولة على قطاع التربية والتعليم العمل على ابتكار برنامج تربوي يقوم على استهداف مبادىء الديمقراطية المغيبة في مدارسنا والدليل هو اقصاء التلميذ من حضور اجتماعات كل المجالس:المجلس التعليمي ومجالس الاقسام ومجلس التدبير.. واعتماد ثقافة الحوار من اجل تبادل الرؤى.
ليس المطلوب من المدرسة خلق العباقرة وإنما علاج الافات التي يعاني منها الافراد.فمنظومتنا التعليمية لاتزال غير ديمقراطية.نحن في حاجة الى فضاء مدرسي رصين يساهم في بناء تعليم تكويني وتدريس تربوي حقيقي.
* باحث تربوي


الكاتب :  خليل البخاري

  

بتاريخ : 11/04/2019