في تونس شباب حالم لم يعد يثق في السياسة

شوارع نظيفة ووسائل نقل عمومية وملعب كرة قدم… لا يطلب الشباب في تونس المستحيل، ولكن قسما كبيرا منهم يشكك في قدرة المنتخبين الذين سيتم اختيارهم في الانتخابات البلدية المقررة الاحد، على تحقيق مطالبهم.
ويمثل الشباب ثلث الناخبين المسجلين للانتخابات البلدية الاولى منذ ثورة عام 2011 (من أصل 5,3 مليون مسجلين). كما ان 52 في المئة من المرشحين تقل أعمارهم عن 36 سنة، إضافة الى ان القانون الانتخابي يشترط ان تتضمن كل قائمة ثلاثة عناصر شابة.
وبعد نحو سبع سنوات ونصف من ثورة 2011، يبدو الشباب التونسي غير متحمس بعد ان كان محرك الاحتجاجات التي أطاحت بنظام بن علي.
ويقول يسري علولو (22 عاما) أثناء توجهه الى منزله على طريق يجتاز خلالها نفايات وبركا من المياه المتسخة، بانزعاج ظاهر، «أنظر، هذا شارع الاغنياء، ولكن من هذه النقطة هو شارع الفقراء»، مشيرا الى الفارق الكبير بين المدينة السياحية المرممة بإتقان والحي المجاور في باب الجديد حيث يقع منزله وعدد من المنازل المتداعية.
ويعمل يسري في مقهى في المدينة العتيقة في العاصمة تونس. ويوضح الشاب الذي أنهى الثانوية السنة الفائتة ويعمل لجمع المال لتسديد أقساط دراسة السينما، «أريد ان ت سوى الطرقات وان تجمع سلال المهملات والا نغمر بالمياه في كل مرة تهطل الامطار لنصف ساعة». ويتابع «لا يوجد هنا ناد للشباب ولا حتى ملعب كرة قدم».
ويؤكد يسري ان «سكان الحي تقدموا للسلطات المحلية بقائمة تتضمن افكارا، وط لب منهم أن ينتخبوا، ثم سينظر المجلس البلدي المنتخب بالمطالب. لكنني لن أذهب للاقتراع ولا أثق في وعودهم».
ويوضح الشاب، مشيرا الى مجموعة من الناشطين السياسيين الذين يقومون بحملتهم الانتخابية، «المنظمات تعمل، لكن هناك الكثير من الكلام الفارغ». ويقر العديد برفضهم المشاركة في الانتخابات القادمة التي تشكل خطوة مهمة لترسيخ الديمقراطية المحلية، بسبب خيبة أمل يشعرون بها بعد فشل الطبقة السياسية بعد الثورة في تحقيق إنجازات لا سيما على الصعيد الاقتصادي والمعيشي، وقلة ثقة في هذه الطبقة التي يصفها بعض الشباب ب»الفيلة الهرمة».
لكن البعض مصر على تفاؤله.
وتقول طالبة الطب في مستشفى منوبة (غرب) وسيلة نجار «يجب ان يبقى الامل في ان التغيير ممكن».
وتعلل الطالبة (29 عاما) ذلك بالقول «في دائرتي الانتخابية، يوجد طبيب جر اح وأشخاص آخرون أعرفهم مرشحون وقد تقدموا بمقترحات فعلية»، مبينة ان التلوث وتدوير النفايات والنقل من محاور حملتهم الانتخابية. وستكون للمجالس البلدية التي سيتم انتخابها الاحد القادم صلاحيات اوسع واستقلالية مقارنة بنظيراتها خلال حكم بن علي.
وتؤكد وسيلة «بالنسبة لي، القوائم المستقلة وحدها تستطيع تحسين الوضع بمسؤولين محليين مدركين لمشاكلنا ولهم افكار لحلحلتها».
ويرى مراقبون أن حزبي «النهضة» الاسلامية و»نداء تونس» سيتمكنان حسابيا من الفوز في عدد من المناطق، بحكم أنهما الوحيدان اللذان قدما قوائم في 350 بلدية في كامل البلاد.
وتفصح وسيلة أنها ستنتخب «لكي لا نترك البلاد للذين كذبوا علينا وخذلونا»، في إشارة الى الحزبين الكبيرين اللذين يتقاسمان السلطة.
وإثر انتخابات 2014، نجح حزب نداء تونس الذي قدم برنامجا ضد الاسلاميين، لكن سرعان ما تحالف مع حزب النهضة تاركا مرارة لدى ناخبيه.
ولهذا السبب، تقول غزوة معاوية (مدر سة) أنها لن تشارك في الانتخابات مثلما فعلت ذلك في 2014 عندما كانت مراقبة لعملية الاقتراع.
وتقول غزوة «كل هذه الحملة، مسرحية هزلية». وتتابع «يتواجهون في البرامج السياسية المتلفزة، ولكن يتم تقاسم السلطة في الكواليس بين الاحزاب الكبرى التي تتشارك في الكعكة».
ووفقا لاستاذة الرياضة الحائزة دكتوراه والتي تدرس بمعهد حكومي بالعاصمة، «لن يكون الحكم ابدا بين أيدي الشباب، هم مجرد صورة».
وتضيف «الشباب لديهم افكار وينشطون كثيرا في المجال الجمعياتي ولكن ليست لهم اي سلطة سياسية تخولهم التقدم».


بتاريخ : 07/05/2018