في حوار لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» مع والي أمن الدار البيضاء عبدالله وردي:أجهزة الأمن تواكب تنفيذ الحجر بالموازاة مع المهام العادية

الجريمة انخفضت بنسبة 60 في المئة و90 سدا أمنيا لمراقبة المخالفين

 

الطريق التي اعتدناها سالكة كصحفيين للقاء مسؤولي الأمن بمختلف رتبهم، لم تعد كذلك، لقد فعل وباء كورونا فعلته، فبعد اتخاذ الإجراءات المعتادة في طلب لقاء والى أمن الدار البيضاء، وبعد التواصل مع مسؤولي الاتصال، مركزيا، وبالتنسيق مع خلية الاتصال بولاية الدار البيضاء وتحديد الموعد بمقر الولاية، كان جديدا أن نتوقف بباب الولاية في بناية المؤسسة الفخمة بالمعاريف، حيث الحركة دؤوبة، عشرات السيارات تلج البناية وأخريات تغادر، واتصالات اللاسلكي لا تتوقف. إصرار كلي على احترام مسافة الأمان. جاء الحاج ببشاشته، وهو ضابط مكلف، وأشرف على تعقيمنا وتعقيم تجهيزات التصوير وحتى الأحذية، بعدها انتقلنا إلى الطابق السادس حيث وجدنا الوالي يباشر الإشراف على سير العمليات الأمنية في مختلف المناطق وعينه على عشرات كاميرات المراقبة. الرجل المشرف على أمن الجهة من أبناء الشعب: عبد الله وردي، والي أمن الدار البيضاء، من مواليد حي درب السلطان بمدينة الدار البيضاء وبه تلقى تعليمه الأساسي والثانوي، خريج كلية الحقوق جامعة الحسن الثاني عين الشق، التحق بصفوف الأمن الوطني كعميد شرطة في منتصف الثمانينيات، وراكم تجربة وخبرة كبيرتين في العمل الأمني، خاصة في مجال محاربة الجريمة، من خلال تقلده لمجموعة من مناصب المسؤولية بعدة مدن مغربية، وتوج مساره المهني الحافل بشغل منصب والي أمن الدار البيضاء منذ سنة 2016…

 

o السيد الوالي، يأتي هذا اللقاء في خضم الأحداث المؤلمة التي يعيشها العالم جراء تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، الذي خلق مشكلا غير مسبوق عبر العالم؟ نريد أن نعرف مستجد الإدارة العامة ؟ وكيف تشتغلون كجهاز أمني وطني لمواكبة الحجر الصحي المفروض بالمغرب؟
n تنفيذا لتعليمات المديرية العامة للأمن الوطني، الخاصة بتطبيق القانون المتعلق بالحجر الصحي، تجندت مصالح الأمن، خاصة مدينة الدار البيضاء بكافة أنحائها، من أجل التنفيذ الحرفي للتعليمات التي وردت في هذا القانون.
فقانون الحظر الصحي واضح، ومفاده أن على الجميع التجند من جديد لتطبيق حالة الطوارئ الصحية والانتشار في الشارع العام لحث المواطنين، مستعملي الطريق، الراجلين أو أصحاب الدراجات النارية، على المكوث في منازلهم إلا للضرورة القصوى (أي شخص يخرج من بيته عليه أن يتوفر على تصريح من السلطة المعنية يرخص له الخروج إلى الشارع العام لقضاء مآرب محددة أو من أجل العمل).
في البداية كانت هناك صعوبات اعترت تطبيق القانون، فتم تجنيد كل المصالح الأمنية وكذا المصالح المساعدة لها بكافة المناطق، من أجل الانتشار بالشارع العام بواسطة السيارات أو بواسطة كل الوسائل المادية، التي أتيحت ووضعت رهن إشارة أمن ولاية الدار البيضاء بغية تطبيق القانون.
كانت هناك حالات مستعصية في بادئ الأمر لكن، ويوما بعد يوم، بدأ أغلب المواطنين يستجيبون داخل الأحياء الآهلة بالسكان، والتي يتكاثر بها الباعة أو أماكن التبضع، بالأحياء الهامشية والأحياء الشعبية، لكن سرعان ما تم التغلب على الأمر بإعادة الانتشار وإعطاء تعليمات صارمة لكافة المتدخلين من أجل حث المواطن على تطبيق الحجر الصحي.

o هل يمكن القول إن المرحلة التي عرفت بعض التجاوزات وبعض التحديات للسلطة بدأت تندثر ؟
n كما تمت الإشارة إلى ذلك في البداية، بدأت الصعوبات في الاندثار يوما بعد يوم، وبدأ المواطنون يفهمون مدى خطورة الوضع الذي تمر منه المملكة وضرورة محاربة هذه الجائحة الدولية، وذلك بالالتزام بمحلات سكناهم إلا للضرورة القصوى.
خلال الأيام الأخيرة، وانطلاقا من الساعة الثالثة والرابعة بعد الزوال تصبح الشوارع الرئيسية فارغة، مما يدل على التواجد الأمني المكثف وحملات التحسيس التي يقوم بها الموظفون بكل المصالح الأمنية، بدون استثناء، وتطبيق القانون بشكل حرفي، وهناك أشخاص يتجاوبون مع المجهودات التي تقوم بها المصالح الأمنية يوميا، والدليل وجود أرقام مهمة جدا تتضمن مراقبة المركبات، مراقبة الدراجات النارية، مراقبة الراجلين، كذلك هناك الأعداد المهمة من المركبات والسيارات التي تم إرجاعها إلى منطقة انطلاقها لأنها لم تنفذ بالحرف القانون الوارد في هذا الشأن، ولم تحترم القرار الذي تسمح به السلطة المعنية بالأمر من أجل التحرك ومن أجل التوجه لمنطقة أو لمدينة معينة، كل هذه الحالات ساهمت في تطبيق القانون، أكثر من هذا، كانت هناك حالات قُدم فيها أشخاص للعدالة.

o هل هناك من إحصائيات حول حالات المخالفين؟
n طبعا، هناك إحصائيات منذ اليوم الأول، وقد تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير في هذا الصدد بتنسيق مع النيابة العامة، هذا ما يتعلق بالشق الخاص بتطبيق القانون.
o هناك من يتساءل عن الجديد الذي يتعلق بمهام الشرطة؟
n مهام الشرطة معروفة بالمستجدات اليومية، وهذه الآفة التي تعرفها مختلف دول العالم، والمغرب من بينها، جعلت جهات من المصالح المركزية للمديرية العامة للأمن الوطني والمصالح اللامركزية لولاية أمن الدار البيضاء تسير في نفس السياق، ببذل مجهودات وتضحيات أكبر، ولا أدل على ذلك انتشار، وعلى مدار 24 ساعة بالشارع العام، لموظفي الأمن الوطني الذين يبذلون قصارى جهودهم من أجل التواجد بالشارع العام ومن أجل حماية المواطن، الذي يمنع عليه التجوال بدون هدف وإلزامه بالمكوث في المنزل، أكثر من هذا فإن من الموظفين من استعمل مكبرات الصوت ووسائله الخاصة التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني التي مكنته من إيصال الرسالة إلى المواطنين، خاصة في الأحياء الآهلة بالسكان، وبالتالي تجاوبت الساكنة مع هذه المجهودات وثمنتها وحبذتها.
إن المجهود الذي تقوم به المصالح الأمنية يتجلى في كون المسؤول الأمني لا يعني فقط والي الأمن، بل أصغر موظف يوجد بمدارة معينة تحت إشراف المديرية العامة للأمن الوطني، الذي يؤدي واجبه، عند إحساسه بمسؤوليته، أحسن أداء، وهذه الإجراءات تتطلب منا أن نتواجد منذ الساعات الأولى من أجل التأطير ومن أجل التوجيه ومن أجل إسداء النصح للموظفين ليكون عملنا غير مشوب بأي ملاحظات من طرف المواطنين، لأن علاقاتنا بالمواطن تنبني على أن نكون جنبا إلى جنب للتغلب على معضلة وآفة صحية خطيرة علينا التجند لها جميعا، من أكبر موظف إلى أصغر موظف، بالإضافة إلى المواطن، كذلك، لأن عدم استجابته تعني الفشل في عملنا.

o وبالنسبة للعنصر البشري؟
n كما تلمسون أن كل موظف يلزمه اتخاذ كافة الاحتياطات، سواء عند الدخول إلى المكتب أو عند الخروج إلى الشارع العام، كالتعقيم حمايه لنفسه بالدرجة الأولى وحماية للغير.
لنتحدث عن أبعد نقطة وهي الشارع العام، أول ما قمنا به هو توجيه طلب لموظفينا بعدم لمس الوثائق الممنوحة للمواطنين ونبهنا المواطن بوضع الوثائق خلف الزجاج ليسهل على الموظف قراءتها، وبالتالي تسهيل مهمة مرور المواطن في طوابير السدود الأمنية، حيث نتوفر على أكثر من 90 سدا على مستوى الدار البيضاء، وإذا قمنا بجولة على مدينة الدار البيضاء سنجد بين كل سد إداري وآخر مسافة لا تزيد عن كيلومتر أو اثنين، في مداخل المدينة و في جميع المناطق، بهدف تطبيق قانون حالة الطوارئ الصحية.
إن حماية الموظف تقتضي عدم لمس الوثائق وعدم الاقتراب من المواطن لكي لا يؤذي نفسه ولا يؤذي المواطن عن طريق الرذاذ أو اللمس الذي يساعد على انتشار الفيروس. وقد وفرت المديرية العامة للأمن الوطني وسائل التعقيم والكمامات التي وزعتها على جميع المناطق. أما بالنسبة للوسائل المادية، يتوفر الموظفون بكل السدود الإدارية والسدود القضائية على الوسائل المادية المتوفرة.
أيضا في إطار تطبيق هذا القانون زودتنا المديرية العامة للأمن الوطني بدعم بشري، إذا مررنا عبر مختلف المناطق سنجد انتشارا جيدا للدوريات في الأزقة والشوارع وأماكن التبضع، كما سبق ذكر ذلك.
كان لنا مشكل تأطير المواطن الذي يتبضع في الصباح من أماكن معينة، وقد تم اتخاذ القرار بتفرقة الباعة لحمايتهم وحماية المتبضعين، فكانت هناك عمليات واسعة بمختلف المناطق (أنفا، الحي الحسني، مولاي رشيد سيدي مومن…) لحماية الدوريات المتجولة وحماية المواطن المتبضع وحماية الباعة أصحاب البضائع، وابتداء من الساعة الثانية والساعة الثالثة بعد الزوال يبدأ الباعة في حمل أمتعتهم والمغادرة ليصبح الشارع فارغا إلا استثناءات قليلة يتم التصدي لها في وقتها، في إطار التواصل بين مختلف المصالح وأيضا اتصالات من المواطنين عبر الخط “19 19” المفتوح في وجه العموم، ويكون التجاوب بالانتقال الفوري بإشراك السلطة المحلية التي تقوم بعملية إجلاء الباعة.
بالإضافة للسدود توجد وحدات أمنية مكونة من رئيس دائرة الشرطة، وحدات بالزي، القوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة التي تتوجه في طابور للأحياء الآهلة بالسكان مثلا: المدينة القديمة، درب غلف، سيدي مومن، لتأكيد جدية الأمور وعلى المواطن بدوره الاستجابة. هذه هي الرزنامة من التعليمات ومن الآليات التي وضعت رهن إشارة المصالح الأمنية من أجل الخروج إلى الشارع وتطبيقها على أرض الواقع.

o لاحظنا في الأيام السابقة، بالإضافة إلى هذه المهام التي يشاهدها المواطن ويعاينها على أرض الواقع، تدخلات رجال السلطة لإجلاء عدد من الأسواق، ألا يشكل ذلك عبئا عليكم؟
n لا يشكل عبئا، لأن المكان الذي ثم إخلاؤه في شارع معين كان يشكل خطرا على المواطنين عامة، ونحن دائما نساهم في إخلاء الشارع العام من الباعة الفوضاويين، لأنهم يساهمون في عرقلة السير بالدرجة الأولى. عملنا لا يشكل عبئا بل يدخل في إطار تطبيق هذا القانون. هناك قضية أخرى وهي أهم، وتتمثل في الجريمة عموما (السرقات، تجارة المخدرات…) فقد حافظنا على هاجس مكافحة الجريمة حيث توجد فرق متخصصة تقوم بدورها في إطار محاربتها، ولو أن هذه الظاهرة قلت بنسبة 60% لأن انتشار الباعة ساهم في الحد من الاكتظاظ وبالتالي تسهيل مهمة المراقبة. نقطة أخرى، لقد أنجزت مساطر في شأن بعض الأشخاص ذوي النيات السيئة، حيث بدأت تصرفاتهم منذ انطلاق العملية ببث بعض الفيديوهات الصوتية والمرئية لنشر الإشاعة ونشر أشياء لا علاقة لها بالحقيقة، بل هي من نسج الخيال، وقد تم التصدي لهذه الحالات وقدم مرتكبوها إلى المحاكم المختصة.

o في إطار الاشاعة، كيف تقيمون أداء الإعلام لمواجهتها؟
n صراحة هناك شقان، شق تطبيق القانون الذي صدر منذ إعلان حالة الحجر الصحي حيث وجدنا معنا وسائل الإعلام بمختلف مشاربها في الشارع في الأزقة في المناطق التي تحتاج تدخلا، وتكون المواكبة بشكل فعال، لأن دور الإعلام جوهري في توعية المواطن، خاصة في هذا الظرف الحساس، حيث وجب على المواطن أن يلزم بيته.
للإشارة، جميع الشرائح الاجتماعية نبهت لذلك(ممثلون، صحفيون…)، الكل تجند للتوعية للمكوث في المنازل. كلما لزم المواطن بيته حمى نفسه وعائلته الصغيرة والكبيرة، حتى نستطيع، بإذن الله، الخروج بأقل خسارة وبأقل مشاكل من هذه الآفة الكبرى.

o آخر كلمة..
n على المواطن أن يكون له إحساس كباقي المسؤولين، نحن مسؤولون كآباء، كأولياء أمر، لا نريد أن يصاب أي أحد بأي مكروه، ولكي لا يصاب يلزمه المكوث في المنزل.


الكاتب : حاوره: محمد الطالبي - تصوير: أسامة مشراط

  

بتاريخ : 02/04/2020