في لقاء علمي بسطات .. مستجدات السياسة الجنائية بالمغرب تحت «مجهر» التحليل والنقاش

احتضنت جامعة الحسن الاول بسطات بالمدرج الرئيسي لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، لقاء علميا في مجال السياسة الجنائية بالمغرب (ندوة وطنية ومحاضرة) بإشراف من مركز الدراسات في القانون الخاص مختبر السياسة الجنائية والتعاون الجنائي الدولي- فريق البحث في العلوم الجنائية وماستر العلوم الجنائية والتعاون الجنائي الدولي . اللقاء كان فرصة لتمكين طلبة شعبة القانون الخاص من مواكبة مختلف الخطوات العلمية التي يقطعها التشريع الجنائي وبعض إشكالات تنزيله واهم الفاعلين، ولماذا يصبح هذا التشريع متجاوزا أو غير مواكب للمرحلة في هذا البلد او ذاك ، ولماذا ظل فضاء الجامعة مغيبا عن دعم المنظومة التشريعية كفاعل أساسي في البحث العلمي الجاد والشامل رغم توفرها على مختبرات متطورة ولها علاقات وشراكات مع العديد من الدول الرائدة.
وعلى هذا الاساس ووعيا بأهمية الموضوع، اعتبر منسق شعبة ماستر القانون في بداية هذا اللقاء أن قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي من المواضيع الحساسة والمواضيع المجتمعية لكونها ترتبط بالحريات العامة، أي بما يسمى بجدلية الحق العام والحق الخاص ، و أن اي مد او جزر بينهما سيؤثر لا محالة على الآخر . فإذا كان القانون الجنائي يهتم بالتجريم والعقاب فهو بذلك قانون الاظناء والمتهمين على اعتبار ان قانون المسطرة الجنائية هو قانون الابرياء ، هو قانون الضمانات ، قانون الشكل والمحاكمة العادلة، مؤكدا على ضرورة إيجاد توازن بينهما. فكل اختلال في هذا التوازن سيؤثر حتما على الحق العام او الحق الخاص ، مذكرا في ذات السياق بأن المغرب مر بمجموعة من الاشواط منذ التأسيس الى ما سمي بهيئة الانصاف والمصالحة ، الى دستور 2011 الى لجنة إصلاح منظومة العدالة، هي مجموعة من المحطات وضعت لمسات خاصة بها وعلى وجه الخصوص ملاءمة المسطرة الجنائية والقانون الجنائي بالالتزامات الدولية ومع مقتضيات الدستور..،.مشيرا إلى ظهور أمور جديدة على السطح ، منها ما هو مرتبط بتطور الجريمة بالمغرب (عولمة الجريمة) وما أثاره دور الاعلام وخاصة بعض المواقع التواصلية من إشكالات كنشر بعض الصور والأخبار أو حرمة الاستعمال غير المأذون به وربما بتوجيهات وإرادات خارجية انتشرت سريعا وبشكل غير مسبوق كالنار في الهشيم في استفزاز للرأي العام و محاولة التأثير عليه ، بعيدا كل البعد عن الغاية السامية للتواصل وضمان شروط المحاكمة العادلة ومبدأ ” أن البراءة هي الاصل”.
انطلاقا من هذه المداخلة التقديمة للقاء حاولت الندوة الاولى، والتي كان موضوعها :”السياسة الجنائية بالمغرب : الواقع والآفاق ” والتي عرفت مشاركة عدد كبير من الأساتذة والمهنيين والباحثين، ملامسة مواضيع كثيرة ومتنوعة (السياسة الجنائية في مجال مكافحة الرشوة / السياسة الجنائية بالمغرب : أي نموذج /الامن الجنائي للمرأة على ضوء السياسة الجنائية بالمغرب/ أكبر الانظمة للسياسة الجنائية /إشكالية نجاعة آليات محاربة الجريمة / السياسة الجنائية في مجال المخدرات/ إصلاح حالات العود بالمغرب / المركز القانوني للطفل في وضعية مخالفة للقانون/ العناصر النفسية الجنائية / دور السياسة الجنائية في تنمية الاستثمار / السياسة الجنائية : قراءة في المادة 384 من قانون شركات المساهمة/ أثر التدخل الجنائي في مجال الاعمال في ضوء القانون 17-95 / توجيهات السياسة الجنائية في مجال وسائل الاداء والائتمان/ مدى نجاعة السياسة الجنائية في التصدي لجرائم صعوبات المقاولة / الجريمة الالكترونية وأزمة الشرعية الجنائية / دور السياسة الجنائية في مكافحة الفساد الاداري/ نحو تجريم الادلة وقمع جريمة الاثراء غير المشروع في التشريع الوطني/ الادوار الجديدة للمجتمع المدني في السياسة الجنائية المعاصرة في ظل المستجدات الدستورية بالمغرب )كلها عناوين لمداخلات تناوب عليها المحاضرون كل من زاوية اختصاصه.
وبخصوص قانون المسطرة الجنائية أشارت محاضرة في موضوع :” المستجدات التي طالت المسطرة الجنائية والمضمنة في مشروع قانون المسطرة الجنائي” ، إلى ان قانون المسطرة الجنائية الحالي الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح اكتوبر 2013 والتعديلات التي أدخلت عليه سنة 2011 ، لم يعد قادرا على مسايرة التحولات العميقة و المتسارعة التي يشهدها تطور الجريمة التي استفادت كثيرا من الصناعات التكنولوجية والمعلوماتية الحديثة ، حيث باتت تتطلب إجابات نوعية ناجعة في البحث والتحري وإقامة الادلة وقمع الجريمة ، مما يجعل تعديل قانون المسطرة الجنائية أمرا راهنيا وواجبا قانونيا ومجتمعيا، مبرزا ان هذه المراجعة همت 236 مادة بقانون المسطرة الجنائية موزعة على الشكل التالي : – تغير وتتميم 100مادة – إضافة 118مادة – فسخ وتعويض 11 مادة – فسخ 07 مواد، مستعرضا العناوين الكبرى والبارزة لأهم التعديلات التي طالت قانون المسطرة الجنائية سواء أثناء البحث التمهيدي أو امام النيابة العامة أو امام قاضي التحقيق أو امام المحكمة ، وأثناء تنفيذ العقوبة.. وكلها محطات لا تتوفر على معايير الجودة والنجاعة وشروط العدالة الجنائية . أما تطبيق السياسة العقابية في ظل إمكانيات متواضعة لا تسمح حتى لبعض الآليات المزمع اعتمادها بديلة للعقوبات السالبة للحرية كالسوار الإلكتروني والاشراف على تنفيذ بدائل العقوبات السالبة للحرية ..كلها محاولات يكون من باب المجاملة التصديق بفعاليتها في ظل ما تعيشه الادارة المغربية من إكراهات بشرية ولوجستيكية”.


الكاتب : عزالدين موفوض

  

بتاريخ : 28/11/2017