في مؤتمر ميونيخ للأمن: تناقضات الاقطاب الدولية… الارهاب… هواجس اندلاع مواجهة عسكرية نووية… العالم على شفا الهاوية؟

تصدرت ملفات امنية وعسكرية عدة ابرزها العلاقات المتوترة بين الدول وهواجس اندلاع مواجهة عسكرية نووية اضافة الى جهود محاربة الارهاب الدولي اعمال الدروة ال54 من مؤتمر ميونيخ للأمن.
ففي اليوم الاول للمؤتمر الذي تستضيفه عاصمة ولاية (بافاريا) في فبراير من كل عام ركزت وزيرتا الدفاع الألمانية اورسولا فون دير لاين والفرنسية فلورانس بارلي على ضرورة مضي دول الاتحاد الاوروبي قدما في تأسيس قوة عسكرية اوروبية موحدة وتعزيز التعاون العسكري الاوروبي.
وناشدت وزير الدفاع الفرنسية حكومات الدول الاوروبية بزيادة استثماراتها في مجال الدفاع قائلة «ان التحول الذي تشهده السياسة العسكرية الامريكية تدعو الاوروبيين الى ضرورة الاعتماد على الذات في مواجهة التحديات الامنية الجديدة».
من جانبها طالبت وزيرة الدفاع الألمانية بتطوير «ثقافة عسكرية اوروبية موحدة» قائلة «بالطبع نريد ان نحافظ على علاقاتنا العسكرية مع الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي (ناتو) ولكننا نريد ان نكون جاهزين ايضا للدفاع عن أنفسنا
وأكدت اهمية التنمية في حل النزاعات والتوصل لحلول للحروب موجهة انتقادات للرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي يركز وفقا للوزيرة الألمانية في سياسته على الحلول العسكرية. والقى الامين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ كلمة رحب فيها بالخطط الألمانية الفرنسية الا انه حذر في نفس الوقت من تأثيرات سلبية لتعزيز التعاون العسكري بين الدول الاوروبية على اداء الحلف.
وشهد اليوم الاول من المؤتمر القاء الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش كلمة ناشد فيها دول العالم الى تعزيز الجهود من اجل محاربة الارهاب الدولي وتقديم المساعدات من اجل تمكين المنظمات الدولية على صعيد مساعدة اللاجئين وإيوائهم.
وأوضح غوتيريش ان الحلول العسكرية لوحدها لا تكفي لمواجهة الازمات والإرهاب مناشدا الحكومات المختلفة بالمزج بين الحلول العسكرية وتقديم المساعدات التنموية التي تساعد على محاربة جذور الازمات.
وفي اليوم الثاني من اعمال المؤتمر القى كل من رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشار النمساوي سيباستيان كورتس ووزير الخارجية الألماتي سيغمار غابرييل خطابات ركزوا فيها على الاوضاع في الاتحاد الاوروبي والعلاقات مع الولايات المتحدة.
وركزت رئيسة الوزراء البريطانية على تبعات خروج بلادها من الاتحاد الاوروبي (بريكست) لاسيما على الصعيدين الامني والعسكري حيث اكدت ان بلادها «ستبقى بعد الخروج من الاتحاد الاوروبي على علاقة وثيقة مع الاتحاد الاوروبي».
اما يونكر فقد طالب الدول الاوروبية بتحمل مسؤولياتها على الصعيد الدولي قائلا «الظروف والتحديات الدولية الجديدة تحتم علينا ان نكون قادرين على تحمل المسؤوليات».
من جانبه طالب المستشار النمساوي كورتس في كلمته الى حل ما بات يعرف ب «ازمة اللجوء» حيث قال «ان ذلك يتطلب تشديد الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد الاوروبي وعدم منح عصابات الاتجار بالبشر الحق في تقرير من يسمح له باللجوء او الهجرة الى الاتحاد الأوروبي
وتطرق وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل في كلمته الى الوضع في شمال سوريا دون ذكر الولايات المتحدة وتركيا بالاسم قائلا «هناك خطر حقيقي من نشوب حرب في شمال سوريا حتى بين شركائنا في حلف شمال الأطلسي كما شهد اليوم الثاني لقاء بين رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم ونظيره العراقي حيدر العبادي حيث بحث الجانبان العلاقات الثنائية والأزمة السورية وملفات الامن والطاقة والنفط.
وأشاد العبادي في كلمة له بالانتصارات التي حققها الجيش العراقي على ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) موضحا «ان العراق تمكن اخيرا من دحر مقاتلي التنظيم واستعادة السيطرة على اراضيه من التنظيم العراقي».
وناشد الدول الغربية بمواصلة دعم جيش بلاده ومواصلة تسليحة من اجل ان يبقى قادرا على مواجهة خطر الارهاب مطالبا الدول العربية كذلك بتعزيز التعاون الامني من اجل التصدي للأخطار التي يشكلها الارهاب على بلاده وجميع دول المنطقة.
اما رئيس الوزراء التركي فقد استغل المؤتمر من اجل الطمأنة بخصوص مستقبل العلاقات بين بلاده من جهة وألمانيا والاتحاد الاوروبي من جهة اخرى.
وجاءت كلمة المسؤول التركي في اليوم الثاني من المؤتمر وهو اليوم الذي شهد اعلان الحكومة الألمانية عن اطلاق السلطات التركية سراح صحفي ألماني قضى اكثر من عام في السجون التركية بتهمة الترويج للإرهاب.
وأوضح ان التحسن الذي تشهده العلاقات بين بلاده و ألمانيا «يسمح الان بتبادل الزيارات على اعلى المستويات» مؤكدا ان الرئيس التركي رجب طيب اوردوغان سيقوم فور تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة بزيارة الى العاصمة برلين حيث سيلتقي المستشارة الألمانية انجيلا ميركل.
اما اليوم الثالث والأخير فقد تميز بخطابين وحلقتي نقاش الاول القى الاول منها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير والثاني نظيره الايراني محمد جواد ظريف.
واتهم الجبير الحكومة الايرانية بمواصلة «تصدير» الثورة الايرانية الى دول المنطقة قائلا «ايران لا تتوقف عن تصدير ثورة الخميني الى دول الجوار ولا عن دعم حزب الله اللبناني الذي يعد اكبر تنظيم ارهابي في المنطقة ولا عن تدبير اعمال ارهابية في السعودية والبحرين ودول أخرى
اما وزير الخارجية الايراني ظريف فقد اعتبر خطابا القاه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في اليوم الثالث من المؤتمر ب «السيرك الهزلي».
وخاطب ظريف المشاركين في حلقة النقاش بالقول ان خطاب نتانياهو الذي هدد فيه ايران برد عنيف اذا واصلت اطلاق الصواريخ على اسرائيل من سوريا بالقول «لقد توفرت لكم الفرصة صباح اليوم بسماع سيرك هزلي لا يستحق حتى الرد عليه».
واختتم (مؤتمر ميونيخ للأمن) في دورته ال 54 اليوم الاحد اعماله حيث شارك على مدى ثلاثة ايام وفقا لمصادر المؤتمر 30 رئيس دولة وحكومة و 100 وزير خارجية ودفاع من جميع انحاء العالم بغرض تنسيق المواقف الدولية لمواجهة التحديات الامنية التي يواجهها العالم.
أزمات المنطقة العربية
طغت قضايا المنطقة العربية على مؤتمر ميونخ للأمن والدفاع، حيث بحثت جلساته معظم القضايا الراهنة كالأزمة السورية والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية والصراع العربي الإسرائيلي.
وشارك في الدورة الحادية والخمسين للمؤتمر العديد من زعماء دول ووزراء دفاع وخارجية وقادة رأي عام من مختلف أنحاء العالم.
وطال البحث أيضا أزمات دولية متفاعلة، مثل أوكرانيا والملف النووي الإيراني إضافة للوضع الأمني في أفغانستان.

هل انتهى تهديد الجماعات
المتشددة فعلا؟

وذكر تقرير مؤتمر ميونخ للأمن أن تهديد الجماعات المتشددة غير الدولية، قد انتهى وتلاشى مع هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وعاد التهديد التقليدي.
وحول ذلك، قال الخبير العسكري والاستراتيجي فايز الدويري، إنه لا يتفق مع بيان المؤتمر، مشيرا إلى أن «تنظيم الدولة» خلال الأعوام الماضية جرى مبايعته في أكثر من منطقة بالعالم من أقصى الفلبين شرقا إلى نيجيريا وشمال مالي وسيناء وليبيا وغيرها.
وأضاف الدويري، أن ولايات التنظيم منتشرة في أكثر من بقعة حول العالم منها ولاية سيناء التي بايعت «تنظيم الدولة»، وجماعة بوكو حرام في نيجيريا، والجماعات المتشددة في شمال مالي وجنوب الجزائر.
وتساءل الخبير العسكري، «هل تم القضاء على تنظيم الدولة في معقله بالعراق وسوريا»، لافتا إلى تخوّف رئيس الوزراء العراقي من الجماعات التي تقع على الحدود مع سوريا.
وأوضح الدويري، أن «تنظيم الدولة» انتهى بصفة «دولة خلافة»، لكنه بوصفة قوة فاعلة في جماعات صغيرة لم ينته، فهو عدّل من اتجاه البوصلة العسكرية له من خوض حروب المدن والحروب شبه النظامية إلى خوض حروب العصابات من خلال خلايا نائمة و «ذئاب منفردة».

هل الذكاء الصناعيالتحدي القادم؟

كما أشار المشاركون بالندوة إلى التحديات التي يشكلها الذكاء الصناعي على الديمقراطية والاستقرار. «أعتقد أنه من الخطأ أن نعتقد أنه بمقدورنا بناء ذكاء صناعي خال من التحيز. هذه فكرة خيالية»، حسب رأي ستاموس.، متابعاً أن الآلات ستحمل معها نفس تحيزات الأشخاص الذي ساهموا بصنعها وبرمجتها. وساق هنا مثال تقريراً لـProPublica اتهم برنامج في أحد المحاكم بالتحيز ضد ذوي البشر السوداء من الأمريكيين في الأحكام.
وفي المقابل، يرى المستشار في غوغل، إيرك شميت، أن منافع الذكاء الصناعي تفوق مضاره: «شركتنا في طور الدخول في تحولات كبيرة، والفضل يعود للذكاء الصناعي». ويعدد المنافع: تخفيض الأسعار وتحسين الخدمات الصحية ولإطالة العمر وتقصير المسافات وغيرها. وفيما يخص القلق من آثارها السلبية قال شميت إنه يتوجب علينا تقليلها. وختم قال: أرجوكم لا تنسوا هناك فائدة جمة في أن نصبح أكثر ذكاء في كل الميادين سالفة الذكر.

 

مؤتمر ميونيخ للأمن يختتم دون حلولٍ كافية‎ لأخطار العالم

 

اختتمت، مساء الأحد بميونيخ أشغال المؤتمر السنوي للأمن والسلام العالمي في دورته 51 ، على وقع خلافات في وجهات النظر، خاصة بين روسيا والغرب حول معالجة الملف الأوكراني.
ويرى المراقبون أن المؤتمر، الذي امتدت أشغاله على مدى ثلاثة أيام، لم يشهد على امتداد دوراته السابقة مثل هذه الخلافات التي جعلت الغرب (أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية) وروسيا يقفان على طرفي نقيض، كما كان الوضع إبان فترة الحرب الباردة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.
ورغم الجهود التي قامت بها ألمانيا في المؤتمر من أجل تبديد الخلافات والتقريب بين وجهات النظر، إلا أن التباعد بين الغرب وروسيا ظل سيد الموقف، ولم تتمكن حتى مبادرة المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند التي سبقت المؤتمر، من «تليين المواقف».
وقد أقر بذلك وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، حين قال إن مؤتمر ميونيخ «لم يسفر عن مظاهر تقدم جوهرية في التغلب على الأزمة الأوكرانية (…) ما زلنا بعيدين عن حل سياسي (…) لذا من المهم التفكير في كل الخيارات»، مجددا تأكيد رفض بلاده توريد أسلحة لأوكرانيا.
أما وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، فيرى أن على الغرب التأكد من الالتزام الفعلي بوقف إطلاق النار في أوكرانيا، مؤكدا أن الغرب يسعى إلى سلام حقيقي وليس لسلام على الورق، وأن لا أحد يرغب في الوقوع في فخ الحرب في أوكرانيا.
وقبيل اختتام أشغال المؤتمر، أعلنت المستشارة الألمانية عن عقد مؤتمر رباعي يضم أوكرانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، يوم الأربعاء المقبل بمسنيك، وذلك ضمن الجهود المبذولة لتهدئة الوضع المشتعل شرق أوكرانيا بين الجيش والانفصاليين الموالين لروسيا، والذي أودى بحياة عدد كبير من المدنيين والعسكريين. وفي المقابل، اعتبر الملاحظون أن مؤتمر ميونيخ لم يفلح في معالجة الخلافات حول الأزمة الأوكرانية بين الغرب وروسيا، وأيضا داخل المعسكر الغربي نفسه، خاصة في ما يتعلق بإرسال الأسلحة إلى الجيش الأوكراني لدعم حربه على المتمردين الساعين إلى الاستقلال بالجزء الشرقي من البلاد.
وجاء على لسان نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في المؤتمر، أن الحكومة الأمريكية مستعدة لتقديم الدعم لأوكرانيا، وهو المقترح الذي قوبل برفض ألمانيا التي تعد الحليف الأقوى للولايات المتحدة.
أما بالنسبة لروسيا، فقد قال وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، أمام المؤتمر، إن «المفاوضات ستستمر»، مشيرا إلى أن الأزمة لا يمكن أن تحل ب»القوة العسكرية»، إلا أن «هناك دعوات متزايدة لدعم وتزويد أوكرانيا بأسلحة قاتلة»، وذلك في إشارة إلى عزم واشنطن تقديم مساعدة عسكرية لكييف.
ومن جهته، أشاد الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، بمبادرة المستشارة ميركل والرئيس هولاند الرامية إلى وضع خطة تسمح بتطبيق اتفاقية السلام المبرمة بمينسك، الاتفاقية الوحيدة الموقعة بين الأطراف المتنازعة، معربا عن أمله في أن تساعد المبادرة على «إرساء الأمن في أوروبا».
وحول المشهد الأمني الدولي الذي يعتبر المحور الأساسي للمؤتمر، قدم رئيسه فولفانغ اتشنغر تقريرا بعنوان «نظام منهار وحراس مقاومون»، أبرز فيه أنه خلال السنة الماضية «تطورت أزمات كثيرة في العالم إلى جانب ظهور تحديات وتهديدات خطيرة للسلم والأمن الدوليين».
وأكد مشاركون في المؤتمر أن هذه التحديات تحتاج إلى جهود جماعية لمواجهتها، خاصة في ما يتعلق بتزايد التهديدات الإرهابية وظهور صراعات في مناطق مختلفة تهدد الأمن العالمي.
تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر ميونيخ حضره أكثر من عشرين رئيس دولة وحكومة و50 وزير خارجية ودفاع لنحو ستين دولة وأكثر من 400 مسؤول، تناولوا مواضيع همت آخر التطورات في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، والأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط، والملف النووي الإيراني، والنزاع في سورية، وأزمة اللاجئين، إلا أن الأزمة الأوكرانية كانت من أقوى الملفات التي هيمنت على جدول الأشغال


بتاريخ : 21/02/2018