في وقت يكبّد الاكتئاب والقلق الاقتصاد العالمي خسارة تقدر بحوالي 1 تريليون دولار .. خُمس المغاربة مصابون بأمراض نفسية أو عقلية و 25 % عرضة لانهيار عصبي في أي لحظة

 

أكد الدكتور محمد هاشم تيال، أن 3.5 في المئة من المغاربة يعانون من مرض ذي القطبين، وأن 1.5 في المئة مصابون بالسكيزوفرينيا أو الفصام، وأن 25 في المئة من الأشخاص هم عرضة للإصابة بانهيار عصبي في مرحلة من مراحل الحياة، مشددا على أن شخصا من بين 5 مصاب إما بمرض نفسي أو عقلي، وهو ما يعني أن خمس المغاربة يعانون من أمراض نفسية أو عقلية، التي تعتبر، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، أمراضا جد خطيرة مقارنة بأخرى، سواء من حيث الوقع والتبعات أو الكلفة.
وأوضح الدكتور تيال، الاختصاصي في الأمراض النفسية والعقلية، في تصريح هاتفي خصّ به «الاتحاد الاشتراكي»، بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يتم تخليده في العاشر من أكتوبر من كل سنة، والذي اختارت منظمة الصحة العالمية لتخليده هذه السنة تسليط الضوء على ظاهرة الانتحار، باعتبارها إحدى التبعات الخطيرة للأمراض النفسية والعقلية، أن هذه الأخيرة تحتل المرتبة الثالثة من حيث عدد المصابين بعد أمراض السرطان وأمراض القلب والشرايين، مشددا على أنها تنتشر على نطاق واسع، وأن لها تأثيرات وتبعات اجتماعية وعائلية أكبر وأخطر، مؤكدا أن المجتمع لا يأخذها بعين الاعتبار.
وأكد الدكتور تيال أن المقصود بالصحة النفسية تحقيق التوازن النفسي للشخص مع نفسه ومع محيطه، موضحا أن الأمراض النفسية لا تؤثر على كفاءة الأشخاص للتعامل مع الواقع كما هو، خلافا للأمراض العقلية التي تغير تعامل المريض مع الواقع، كما الحال بالنسبة للمريض المصاب بالفصام، الذي يؤسس له واقعا آخر مخالفا لواقع الآخرين، من خلال تخيلات، واعتماد تحليل غير طبيعي، والانتباه إلى نظرات الآخرين، والاعتقاد بأن مؤامرات تحاك ضده، فضلا عن تخيل سماع أصوات ورؤية أشياء هي غير موجودة. وشدّد الخبير في الصحة النفسية والعقلية على أن الإشكال الكبير المطروح بالنسبة للأمراض العقلية والنفسية يكمن في وسائل تشخيصها، خلافا للأمراض العضوية التي يمكن الاهتداء إليها من خلال الفحوصات المخبرية بالأشعة والتحاليل وغيرها، مؤكدا على الكلفة الثقيلة، في ظل ارتفاع تكاليف الأدوية وقلّة الأسرّة والمهنيين، من أطباء وممرضين على حدّ سواء، مبرزا أن هذا الموضوع هو مسؤولية وزارة الصحة وكل القطاعات الحكومية، من أجل الحرص على خلق توازن نفسي للمواطنين منذ الصغر انطلاقا من البيت والمدرسة، وتكوين شخصية سوية لكل شخص، وهو ما يجعل من الصحة النفسية والعقلية مسؤولية الجميع.
وعلى المستوى الاقتصادي، أوضحت منظمة الصحة العالمية، أن الاكتئاب والقلق يكلفان الاقتصاد العالمي حوالي 1 تريليون دولار أمريكي في صورة خسائر إنتاجية. وبحلول سنة 2030، ستبلغ التكلفة التقديرية لمشكلات الصحة النفسية على الاقتصاد العالمي 16 تريليون دولار. ويدعو المختصون إلى تجنب المؤثرات والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالقلق أو التوتر والاكتئاب، وينصحون بضرورة تجاوز العوامل المحبطة واتخاذ إجراءات أكثر مرونة عند التعاطي مع العوامل المحيطة، والتعامل بعقلانية، والبعد عن العصبية، مشددين في الوقت نفسه على أن إدمان المخدرات يعدّ من أهم العوامل المؤدية إلى الإصابة بالأمراض النفسية.
وكان وزير الصحة أناس الدكالي، قد أوضح في وقت سابق أن العرض الصحي في مجال الصحة النفسية يحتوي على طاقة سريرية تقدّر ب 2238 سريرا، أي ما يمثل 0.67 سريرا لكل 10 آلاف نسمة، موزعة مابين المراكز الاستشفائية الجامعية التي تتوفر على 778 سريرا، ومستشفيات الطب النفسية الستة التي تتوفر على 720 سريرا، و21 مصلحة مدمجة بالمستشفيات العامة التي تضم 715 سريرا، إضافة إلى 25 سريرا بمستشفى خاص بالطب النفسي، في حين أنه وعلى مستوى 3 مراكز طبية نفسية اجتماعية ينعدم أي سرير، شأنها في ذلك شأن نقط الاستشارة الخاصة بالطب النفسي التي يبلغ عددها 83 نقطة. وأبرز الدكالي أن عدد الأطباء النفسانيين بالقطاعين العام والخاص هو لا يتجاوز 290 طبيبا، أي بمعدل 0.85 طبيب لكل 100 ألف نسمة، في حين أن الأطباء النفسانيين المختصين في الأطفال، لا يتجاوزون 5 أطباء بالقطاع العام. أما الممرضون النفسانيون، فعددهم بالقطاع العام هو محدد في 1069 ممرضا بمعدل 3.36 ممرضا لكل 100 ألف نسمة، هذا في الوقت الذي تمثل فيه ميزانية الأدوية الخاصة بالصحة النفسية نسبة 6 في المئة من مجموع ميزانية الأدوية، والمقدّرة بـ 90 مليون درهم، كما أن نتائج المسح الوطني للسكان الذين تفوق أعمارهم 15 سنة، سبق وأن بيّنت أن 26.5 في المئة من الأشخاص هم يعانون من الاكتئاب خلال حياتهم، و 9 في المئة يعانون من أمراض اضطرابات القلق، في حين أن 5.6 في المئة هم يعانون من اضطرابات ذهانية، بما في ذلك الفصام وذلك بنسبة 1 في المئة، وهي الأرقام التي تعتبر متقادمة في ظل غياب أرقام حديثة، قد تعكس واقعا أشدّ قتامة على الصحة النفسية والعقلية للمغاربة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/10/2019

أخبار مرتبطة

بمشاركة 1500 عارض من 70 بلدا تتقدمهم إسبانيا كضيف شرف   انطلقت أمس بساحة صهريج السواني بمكناس فعاليات دورة 2024

يرى خالد السراج، عميد كلية الطب والصيدلة بوجدة، أن ما تم تحقيقه اليوم بالنسبة للمسار التكويني الممهد لممارسة مهنة الطب،

بكثير من الانشغال، عبّر الأستاذ سعيد المتوكل، وهو يلتقي «الاتحاد الاشتراكي» حين إنجاز هذا الملف، عما يؤرق باله ويختلج صدره

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *