«كوفيد 19» أثر على التوازن النفسي للمغاربة وشكل لهم مصدرا غير مسبوق للقلق والتوتر

قال خبراء في الطب النفسي، إن اندلاع جائحة “كوفيد 19 “شكلت بالنسبة للمغاربة مصدرا للقلق والتوتر والفزع، خلافا للأمراض المزمنة الأخرى التي تسجل معدل وفيات أكثر ارتفاعا، كأمراض القلب والشرايين ( 5 ملايين وفاة في السنة) والأمراض الرئوية ( 7ملايين وفاة في السنة).
وقال الدكتور هاشم طيال، الطبيب والمحلل النفساني، خلال ندوة رقمية نظمت يوم الاثنين حول “كوفيد- 19″: نفسية المغاربة في زمن الحجر الصحي ” إن : » نظرتنا للعالم تعتريها نزعة ذاتية، حيث يشكل هذا التمثيل إطارا مرجعيا. خلافا للأمراض المزمنة التي نعي أسبابها، كان كوفيد-19 مجهولا بالنسبة لنا وخوفنا من الموت الوشيك كان مرتبطا بجهلنا الكثير عن الفيروس. «
وأوضح المتدخلون خلال الندوة الرقمية، أن هذه الوضعية غير المسبوقة أسفرت عن سلسلة من ردود الأفعال الدفاعية، على غرار الموجة الساخرة التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي أو مبادرات التضامن التلقائية وشبه العامة. وأشار المدون مرتضى كلامي في نفس السياق إلى أن » هذا الفيروس قوى شعورنا بعدم القدرة وأجبرنا على إدراك ما معنى الموت الوشيك. كما ضاعفت وسائل الإعلام هذه الحالة من التوتر عبر بث متواصل لصور المقابر الجماعية التي توارى فيها جثامين ضحايا كوفيد -19 وحرمان أهاليهم من حضور مراسم الدفن «. كما أن الصور الواردة من الدول الأقوى في العالم كالولايات المتحدة الأمريكية أو الصين زادت من أحاسيس الضعف والخوف عبر العالم.
في هذا السياق، تم اعتبار الحجر العام كتعليمات عليا، أو أوامر تختبر ردود فعلنا الدفاعية. كما تفاقم الشعور بالوحدة بفعل العزل وتأثرت قدرتنا على التواصل بأقربائنا. علاوة على ذلك، تعمم الإحساس العام بالهشاشة المهنية جراء مخاطر انهيار النسيج الاقتصادي على إثر توقف نشاط أغلب القطاعات. وذلك ما نجم عنه ردود فعل دفاعية كالتوتر أو الارتباك . وعقبت الدكتورة نادية الشرقاوي، خبيرة في الطب النفسي السريري قائلة : » مازلنا في مرحلة المعاينة ولا ندري ما هي جميع التأثيرات التي ستتركها هذه الظرفية على نفسية كل واحد منا. وتبقى العديد من الأسئلة معلقة لاسيما تلك المتعلقة بالحداد بالنسبة لأسر الضحايا «.
وعلى الصعيد العائلي، حفز الحجر كل فرد من أفراد العائلة على القيام بترتيبات جديدة أملاها قرب غير معتاد. مما طرح زمنيا مشكل التوازن النفسي لأن كل واحد منا توجب عليه تعبئة طاقات إضافية للتأقلم مع التواجد الدائم لأفراد العائلة الآخرين. ولتحقيق التعايش، استوجب على الأسرة اعتماد توازن جديد بين الأزواج وفي العلاقة بين الوالدين والأبناء. وفي هذا الإطار، قال الدكتور طيال : » نتمتع جميعا بقدرة على التكيف ويكفي بذل جهد شخصي من أجل تحقيق هذا التوازن ضمن الخلية الأسرية «.
ومن جهتهم، عاش المراهقون الحجر الصحي بألم كبير بفعل احتياجاتهم الخاصة لتبادل الحوار مع أقرانهم. وأضافت الدكتورة الشرقاوي في هذا الصدد، قائلة : » عبر العديد من المراهقين من خلال منصات المواكبة والدعم النفسي على خشيتهم وخوفهم من مظاهر الموت السائدة في الخارج«. وتجدر الإشارة إلى تصاعد وتيرة العنف ضد النساء اللواتي بلغ عددهن ستة ملايين في وضعية هشة. وضمن العائلة، سيتصرف كل فرد منها بشكل مختلف حيال العنف النفسي الناجم عن كوفيد – 19 ونقل معاناته للأفراد الآخرين.
ما هو الأثر الذي ستخلفه هذه الجائحة على الصعيد النفسي ؟ » إن أي تغير في العقليات يتم على الأمد الطويل. لكن من الممكن أن نبدأ في تفضيل الشخص على المظهر وأن نعطي الوقت الكافي للاعتناء بالذات. بيد أنه نلاحظ في الدول التي بدأت تخرج من الحجر الصحي رجوعا لعاداتنا القديمة، بالنظر للطوابير الطويلة أمام أبواب المحلات التجارية «. وقد خلص المتدخلون قائلين : » ومهما كان الأمر، فإن تغير هذه القضية سيرتبط باكتشاف لقاح من عدمه خلال الأشهر المقبلة. فإذا تم الشروع في تلقيح ضد كوفيد – 19 ، سنعاين من الأرجح عودة للتصرفات السابقة. وإلا سنكون مضطرين لإعادة النظر في أسلوب حياتنا وأولوياتنا بشكل أعمق «.
وعلى هامش هذه الندوة الرقمية التي نظمتها مؤسسة الرعاية التجاري وفابنك ، في إطار سلسلة ندواتها » “تبادل من أجل فهم أفضل” علق المتدخلون على الرسوم المنجزة من طرف الشباب المستفيدين من برنامج “أكاديمية الفنون ” للمؤسسة الذين شاركوا في مسابقة “إبداع من دارك” للتعبير عن إدراكهم لأزمة كوفيد – 19.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 05/06/2020

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *