لاعبو المنتخب الوطني يحولون الفضاء الأزرق إلى حلبة للصراع

حول لاعبو المنتخب الوطني الفضاء الأزرق إلى حلبة لتبادل الهجمات على بعضهم البعض، بواسطة صور وتدوينات، تعكس حجم الاستهتار بالمسؤولية، وتوحي بأن حضورهم في كأس امم إفريقيا 2019، لن يخرج عن المألوف.
لقد اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي منذ الخميس الماضي، الذي أعلن فيه عن مغادرة عبد الرزاق حمد الله لمعسكر المنتخب الوطني لدواعي صحية، إلى فضاء لتصفية الحسابات عبر رسائل مشفرة، تكشف حجم التسيب، الذي يعيشه معسكر المنتخب الوطني، قبل أقل من عشرة أيام على دخول غمار التنافس القاري. فمجرد إعلان خبر تعويض عبد الكريم باعدي لحمد الله حتى بادر العميد مهدي بنعطية إلى تسجيل إعجابه، أعقبه شريط فيديو بدا فيه اللاعبان فيصل فجر ونبيل درار في حالة سرور مفرطة، وهما يغنيان أغنية «باي باي» تلميحا منهما إلى مغادرة حمد الله، الذي لم يتأخر في الرد، إذ نشر على صفحته الرسمية بموقع «الفايسبوك» مقاطع فيديو لتداريب له بإحدى القاعات الرياضية بمدينة آسفي، نافيا بالتالي كل ما حمله بلاغ الجامعة، الذي أعلن إصابته على مستوى الظهر والورك، ثم تلاها منشور آخر لأيوب الكعبي، الذي عمم صورة له رفقة بنعطية وهما يمرحان، وأمامها حمد الله مارا وعليه علامات الوجوم، أرفقها بتعليق» إنها السعادة»، قبل أن ينفي في تدوينة لاحقه كل ما رافقها من تأويلات، مؤكدا أن حمد الله بمثابة أخ أكبر.
هذا الوضع يؤكد أن انفلاتا كبيرا يشهده تجمع المنتخب الوطني، الذي تحول إلى ساحة للاستفزاز بين اللاعبين، في غياب أي سلطة من المدرب، الذي ترك لهم الحبل على الغارب.
لقد كان يتعين على هيرفي رونار، وهو يدخل مرحلة العد العكسي للنهائيات القارية، أن يحرص على فرض الانضباط، وأن يسن قواعد صارمة، في مقدمتها منع استعمال وسائل الاتصال والهواتف الذكية، حتى يقطع علاقة مجموعته مع العالم الأزرق، الذي بات خطرا يهدد تركيز اللاعبين على الحدث الكروي القاري. كما كان مدعوا إلى التدخل بكل ثقله في قضية حمد الله، التي بدأت بخلاف بسيط حول تنفيذ ضربة جزاء في لقاء نامبيا، وأن يعيد الأمور إلى نصابها، بدل الاكتفاء بتوبيخ حمد الله في مستودع ملابس ملعب مراكش، الأمر الذي زاد من شعور اللاعب بالتهميش، حيث وجد نفسه أشبه بالمنبوذ، بعدما وقف على وجود «لوبي» قوي يتزعمه بعض اللاعبين المزدادين بفرنسا، وهنا يتحمل العميد بنعطية مسؤولية لا تقل أهمية، لأنه كقائد للفريق، ملزم بالقيام بدوره، للتوفيق بين الوافدين الجدد والقدامى، لا أن يبادر إلى توسيع الهوة، وفتح باب الفرقة داخل المجموعة الوطنية.
أما حمد الله فمسؤوليته قائمة، من حيث كان يتعين عليه أن يبذل مجهودا لكسر جدار الفصل، وأن يبدي نضجا كبيرا، خاصة وأنه على ألفة وانسجام مع نور الدين امرابط، زميله بنادي النصر السعودي، وأيضا كريم الأحمدي، لاعب اتحاد جدة، وأن يكون أكثر ثقة في نفسه، بدل اللجوء إلى أقصر الحلول و أقلها ذكاء، أي الهروب.
لقد كان عليه أن يستحضر حالة حكيم زياش، الذي شعر مع مجيء رونار بالتهميش، وأقصي من المنتخب الوطني، رغم كل ما يتوفر عليه من إمكانيات تقنية، لكنه تعامل مع الأمر باحترافية كبيرة، رغم استفزازات الإعلام الهولندي له، بعدما أدار ظهره لمنتخب الطواحين.
ومسؤولية الجهاز الجامعي بدوره حاضرة بقوة، وفي المقدمة الرئيس فوزي لقجع، لأنه باعتباره أعلى سلطة كروية في القطاع ، مطالب بالتدخل. وكان عليه أن يقف على كل تفاصيل تحضير المجموعة الوطنية، وأن يناقش سير المعسكر مع الناخب الوطني بشكل يومي، لتفادي كل ما وقع، وأن يشعر اللاعبين بأهمية المسؤولية الملقاة على عاتقهم، خاصة وأنهم يحملون على أكتافهم أحلام 40 مليون مواطن مغربي.
لقد أثبتت الأيام أن كل ماقيل سابقا بخصوص تنظيف محيط المنتخب الوطني، ما هو إلى كلام فقط من أجل الاستهلاك، وأن واقع الحال أمَرُّ من السابق.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 17/06/2019