لا لهدم الذاكرة الجماعية الهندسية للرباط

لا، ليست هذه نكتة، بل هي حقيقة غريبة ومؤلمة تستعد لتفعيل محركها الهدام: إن جزءا من الذاكرة الهندسية للرباط مآله الزوال.
يحدث هذا على بعد ثلاثة كيلومترات من ولاية الرباط وبالضبط على مقربة من سوق أكدال بساحة رابعة العدوية -هذه القامة الصوفية- وعلى طول ممر الرؤية الهندسية لعمارات كان تشييدها إبان الخمسينات.
لقد دمر كل حي أكدال بالرباط عموما، لتحل مكانه عمارات من أربعة طوابق، تم بناؤها غالبا بدون أي مساهمة أو إشراف لمهندس معماري، إنه ماض مخز لتاريخ الذاكرة المعمارية للرباط وكان بالأحرى أن يكون هذا إفادة درس.
وقد كان القرار الحكيم والغيور غير البعيد المدى بتدمير بداية ورش عشوائي لمركز تجاري بسلا درسا ممتازا للمحافظة على هذا الموقع الاستثنائي – والمنجز بالجهد الكبير بعد هيكلته- لتبسيط الأفق ذي المنظر والمشهد والفضاء الجديد المجاور لنهر أبي رقراق.
والآن، حيث أصبح هذا الإرث من التاريخ (كان محمد الخامس، رحمة الله عليه، يتجول بالأقدام على ممر هذا الحي) وتاريخ الرباط في شقه المعماري مهدد، حيث أنه بدأت عملية هدم سقف هذا الإنجاز العمراني ليصبح غبارا شتاتا، يكون من العقل الاستغاثة بالمنتخبين والسلطات والجماعات والجهة والمجالس ودوائر المحافظة على التراث والصحافة وكل المواطنين للتحرك، فبعد بضعة أيام، إن لم تكن ساعات من قراءة هذا النص، ستنال آليات الكسر هذه الجوهرة من الجواهر المعمارية التي يمكن أن نفتخر بها كذاكرة للمعمار بمدينة الرباط.
وعلى غرار ذلك هناك بعض النماذج المعمارية، على مر الحقب وعبر مدن المغرب- بالحاضرة وفي أغوار خارج الحواضر- تستغيث، منتظرة دورها لتسلم من الهدم ويتم المحافظة عليها أو ليكون مآلها الدمار الكلي.
إن التراث هبة وجب المحافظة عليه وتصنيف أشكاله حسب حقب تشييده من أجل تسليمه آمنا للأجيال اللاحقة، كما أن الهندسة المعمارية، وهي جزء من هذا التراث، هي هذا الكتاب المضيء المشرق في سماء مفتوحة، والذي يمكن قراءته ومعاينته متى رغبنا، لكن قطاع التراث الذي تقع على عاتقه مسؤولية المحافظة عليه وتذكيرنا به وتفعيل ذلك، لم يقم، مع الأسف، بعمله ولا بدوره…


بتاريخ : 10/10/2018