لوفيغارو: كيف أحدث استفتاء تركيا انقساما في أوروبا؟

نشرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على الفوز الذي حققه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الاستفتاء الذي شهدته تركيا، ومدى تباين المواقف التي أبدتها الدول الأوروبية في أعقاب ذلك.
وأشارت الصحيفة، في تقريرها إلى أن الدول الأوروبية أضحت في موقف لا تحسد عليه بعد تصويت أغلبية الأتراك «بنعم» على الاستفتاء. وفي الأثناء، يقف الأوروبيون حائرين، هل يردون الفعل؟ أم يحتفظون بآرائهم؟
وأوردت الصحيفة أن التحفظ الأوروبي على نتائج الاستفتاء التركي قد خدم العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، حيث قرر الاتحاد الأوروبي توخي الحذر قبل الإدلاء بأي تصريح رسمي من شأنه أن يعكر صفو العلاقات مع أنقرة. وفي هذا الإطار، صرح رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أن «التعديلات الدستورية، وخصوصا تنفيذها، سيتم التعاطي معها على ضوء وفاء تركيا بالتزاماتها كدولة مرشحة لدخول الاتحاد الأوروبي وعضو في مجلس أوروبا»
وأضافت الصحيفة أن كلا من باريس وبرلين قد أوردتا أن نتائج الاستفتاء قد أثارت الانقسام في المجتمع التركي. من جانبها، دعت الحكومة الفرنسية أنقرة إلى تنظيم حوار «حر وصادق» يجمع بين جل الأطياف السياسية والاجتماعية في تركيا، فيما دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل؛ إلى أن يكون هذا الحوار «جديا».
لكن يبدو أن القادة الأوروبيين قد تأثروا بالتقارير الصادرة عن المراقبين التابعين لكل من مجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي شككت في نزاهة عملية الاقتراع.
وقالت الصحيفة، نقلا عن زعيم المحافظين في البرلمان الأوروبي، الألماني مانفريد ويبر، إن «انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لم يعد خيارا مطروحا». في المقابل، أبدت بريطانيا دعمها الكامل لخيارات الأتراك. من جهته، أكد النائب الأوروبي، جياني بيتيلا، أن «مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد كان من المقرر أن تتوقف منذ أن قررت أنقرة المضي قدما في التعديلات الدستورية».
وأفادت الصحيفة أن الأوروبيين يدركون جيدا ضرورة مراجعة العلاقات مع جيرانهم الأتراك. وفي هذا الصدد، صرح سفير الاتحاد الأوروبي السابق في أنقرة، مارك بيريني، أن «موجة الاعتقالات في تركيا في أعقاب الانقلاب الفاشل، والاستفتاء، أظهرا بوضوح أن الممارسات التركية لا تتماشى مع قيمنا الأوروبية، وبذلك يمكن القول إن فكرة عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي لم تعد واردة». وفي المقابل، دعا بيريني الدول الأوروبية إلى الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية مع أنقرة والرئيس أردوغان، في كنف الاستقرار والتوازن.
وأكدت الصحيفة أن نتائج الاستفتاء التركي قد خلف انقساما داخل القارة العجوز، في الوقت الذي تولي فيه المملكة المتحدة أهمية أكبر للحفاظ على علاقتها بأنقرة من أجل تعزيز التعاون فيما يتعلق بالأزمة السورية، وخصوصا محاربة تنظيم الدولة.
وذكرت الصحيفة أن برلين دعت إلى تنظيم محادثات سياسية «في أسرع وقت ممكن» مع أنقرة. وفي الأثناء، لم يتناس الأوروبيون بعد الهجمات الصادرة عن أردوغان تجاههم إبان عملية الاقتراع، لا سيما بعد منع تنظيم تجمعات للجالية التركية في أوروبا. وقد حصد أردوغان  قرابة 73 في المئة من أصوات الأتراك الموافقين على التعديل في ألمانيا، و65 في المئة في فرنسا.
وأقرت الصحيفة أن أقوى رجل في تركيا قد حث الأتراك، يوم الاثنين، على إجراء استفتاء جديد، لكن هذه المرة في إطار مواصلة المفاوضات المتعلقة بانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، حذر الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، نظيره التركي من تنظيم استفتاء ثالث، يتعلق بتطبيق عقوبة الإعدام في بلاده، معتبرا أن ذلك «لا يتماشى مع المعاهدات والقوانين المنظمة لمجلس أوروبا».
وذكرت الصحيفة أن جميع الأطراف في انتظار الكلمة الفصل لمجلس أوروبا بخصوص نتائج الاستفتاء التركي، والتي من المقرر أن يدلي بها يوم الاثنين القادم، حيث سيجتمع وزراء خارجية 28 دولة أوروبية للتباحث حول هذا الملف الشائك.


بتاريخ : 20/04/2017