ليسل لو-فودران: المغرب سيكون «بالتأكيد» فاعلا حاسما داخل مجلس السلم والأمن

أكدت ليسل لو-فودران، مستشارة بمركز التفكير (معهد الدراسات الأمنية) ومقره بريتوريا (جنوب إفريقيا)، اليوم الأربعاء بالرباط، أن المغرب سيكون “بالتأكيد” فاعلا حاسما طوال مدة ولايته بمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي.
وأوضحت لو-فودران، خلال افتتاح ندوة حول “تحسين أساليب عمل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي”، أنه في عالم أصبح فيه التضامن الدولي والتعاون متعدد الأطراف مهددين، فإن الاتحاد الإفريقي بصدد إرساء وتطوير التعاون القاري على جميع المستويات، سواء تعلق الأمر بالتجارة بين البلدان الإفريقية أو تعزيز التنقل الحر للشعوب أو تكريس السلام.
وأبرزت في هذا الصدد أن “مجلس السلم والأمن لديه دور حيوي سيضطلع به في جميع هذه القضايا، والمغرب سيكون بالتأكيد فاعلا حاسما طوال مدة ولايته بالمجلس”، مبرزة أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي هو “حدث بارز” في تاريخ هذه المؤسسة، مثلما هو الشأن بالنسبة لانتخابه بمجلس السلم والأمن.
وتابعت لو-فودران أن هذا الانتخاب يأتي في لحظة تواجه فيها المؤسسة عددا كبيرا من التحديات، خصوصا حل نزاعات وأزمات معقدة جدا، مضيفة أن الإشكاليات التي تواجهها القارة “خطيرة” ، بعضها، كما هو الحال في نزاعات الساحل والصومال وجنوب السودان وحوض بحيرة تشاد، مدرجة في أجندة الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن منذ عدة سنوات.
وأكدت أن مجلس السلم والأمن، كأعلى هيئة تقريرية حول السلم والأمن وأحد أعمدة الهندسة الإفريقية للسلم والأمن، من واجبه ومسؤوليته محاولة حل الأزمات بإفريقيا؛ مرحبة بكون مجلس الأمن والسلم صار يركز أكثر فأكثر على المؤشرات الأولية وأيضا -على غرار الأمم المتحدة- سبل استباق وقوع الأزمات ومنع حدوث التصعيد.
وأضافت أنه “خلال السنوات الماضية، قام المجلس بالرفع بشكل كبير من عدد اجتماعاته وقراراته وتدخلاته. وقد انخرط في استراتيجيات جديدة كالزيارات الميدانية لمناطق الأزمات”.
غير أن مجلس السلم والأمن، تستدرك الخبيرة، يواجه تحديات كبرى، خصوصا على المستوى التنظيمي؛ مبرزة أنه يتعين عليه أيضا تجاوز الاختلافات في المضمون ونقص الوضوح فيما يتعلق بدوره تجاه الدول الأعضاء ومفوضية الاتحاد الإفريقي.
من جهتها، ذكرت إلهام برادة، نائبة رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، أن المغرب ساهم بقوة ونجاعة في توطيد دعائم الأمن في مختلف الدول الإفريقية، من خلال الوساطة السياسية والزيارات الرسمية الدبلوماسية، وإرسال تجريدات عسكرية لإقرار الأمن وتثبيت السلم.
وأوضحت برادة أن “نجاح المغرب في هذه التجربة أهله لأن يتم انتخابه بمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي لولاية من سنتين انطلاقا من السنة الجارية، بقصد تعزيز قدرات هذا المجلس والسمو بوظائفه والنهوض بأدواره، حتى تشهد القارة السمراء مزيدا من السلم والاستقرار الذي سينعكس بالإيجاب على الرخاء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والإثراء الحضاري والرقي المدني”.
واعتبرت أن اختيار جامعة محمد الخامس شريكا في تنظيم هذه التظاهرة العلمية ينسجم مع انفتاح هذه الجامعة “الرائدة” على الشأن الإفريقي، فضلا عن كونها وسيلة فعالة لترسيخ ونقل عقيدة السلام والأمن من خلال الطلبة والباحثين.
يشار إلى أن هذه الندوة المنظمة بالتعاون مع جامعة محمد الخامس بالرباط حول موضوع “تحسين أساليب عمل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي”، تهدف إلى إبراز الاكراهات التي يواجهها مجلس السلم والأمن في مواجهة التحديات الأمنية الكبرى في القارة.
كما تبحث السبل والوسائل الكفيلة بتحسين فعالية المجلس وكفاءته، والتفكير، بعمق في الأولويات التي تمكن المجلس من تحقيق الفعالية في أداء مهمته المتمثلة في درء الأزمات القارية وتسويتها، والإسهام في تعزيز سلطة المجلس ودوره في مجال الوساطة والحيلولة دون نشوب النزاعات…

بوريطة: المغرب ملتزم بشكل كامل في مسار إصلاح الاتحاد الإفريقي

وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، بالرباط، أن المغرب ملتزم بشكل كامل إلى جانب الدول الشقيقة في مسار إصلاح الاتحاد الإفريقي.
وقال بوريطة، في كلمة له خلال افتتاح الندوة ، إن “إصلاح الاتحاد الإفريقي يشكل بالتأكيد ورشا هاما، يلتزم فيه المغرب بشكل كامل إلى جانب الدول الشقيقة”.
وأضاف الوزير أن “هذا الاستثمار ينبع من مقاربة شاملة ترتكز على جهود المغرب لتعزيز السلم والاستقرار والتنمية في القارة”، مشيرا إلى أن إصلاح نظام مجلس السلم والأمن لا يمكن فصله عن الإصلاح الموسع للاتحاد الإفريقي.
وشدد بوريطة على أن مجلس السلم والأمن، باعتباره حجر الزاوية في الهندسة الإفريقية للسلم والأمن، يكتسي أهمية بالغة في بلورة تحديات القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن تصاعد الصراعات والارتفاع المضطرد لفاعلين غير مؤسساتيين يهدد السيادة والوحدة الترابية للدول، وأن تفاقم الإرهاب، والتغيرات المناخية، تسائل قدرة مجلس السلم والأمن على حماية وصيانة وتعزيز السلم والأمن في إفريقيا.
وأشار وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، في هذا الصدد، إلى أن تقرير الرئيس الرواندي بول كاغامي اعتبر إصلاح مجلس السلم والأمن كعنصر من عناصر الإصلاح الشامل للاتحاد الإفريقي، من خلال الدعوة إلى إجراء إصلاح شامل لمجلس السلم والأمن، وذلك عبر إعادة النظر في أعضاء المجلس وتعزيز أساليب عمله ودوره في منع الأزمات وإدارتها.
وأكد بوريطة أن المغرب مقتنع تماما بأن مجلس السلم والأمن يمتلك القدرة على المساهمة بفعالية في تسوية النزاعات في إفريقيا والحد من عوامل عدم الاستقرار.
وقال الوزير إن المغرب يرى أنه يجب على مجلس السلم والأمن أن يعزز طابعه البين حكومي، وتعزيز اعتماد دوله الأعضاء، لأجندته، وأعماله وقراراته، للعمل على تحويل هذه الإمكانات لقوة، بغية تعزيز ظهور مجلس قوي وفعال وقادر على التكيف مع تحديات الاستقرار بالقارة الإفريقية.
كما يوصي المغرب بضرورة تبني مجلس السلم والأمن استيعابا واسعا للأمن، الذي يجسد الصراعات في تعددها، دون حصر المناطق المركزية في الرتبة الثانية للأولويات، والانتقال إلى منع الصراعات والاستثمار أكثر في الدبلوماسية الوقائية وفي الإنذار المبكر، والتوفر على الأدوات اللازمة لمراعاة سلسلة السلام، ومنع نشوب الصراعات مرورا بحفظ السلم.
وأشار الوزير إلى أنه، وبالنسبة للمملكة المغربية “فإذا كان مجلس السلم والأمن يرغب في أن يكون فعالا، ويصبو إلى عدم إحباط الآمال وإثبات قدرته على الوفاء بوظائفه كاملة، يتعين أن يتوفر على الموارد البشرية والمالية الكافية”. وأضاف أنه وبدون مجلس فعال للسلم والأمن، لن يكون هناك إصلاح للاتحاد الإفريقي الذي تدعو إليه البلدان الإفريقية، لاسيما المغرب، وأنه في غياب “تغيير حقيقي للاتحاد الإفريقي، فإن إفريقيا الجديدة التي نطمح إليها جماعيا، سوف تظل حبرا على ورق «…
و أكد ناصر بوريطة ، أن انتخاب المملكة المغربية في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الافريقي يشكل اعترافا بريادة جلالة الملك، كما يعد في الآن ذاته دليلا على الثقة القوية للدول الإفريقية الشقيقة وتعبيرا عن التقدير للانخراط الملموس والطويل الأمد للمملكة في القارة الإفريقية. وأضاف أن “هذا الانتخاب، الذي جاء في سياق خاص، وبالأساس، في فترة قياسية بعد عودة المملكة إلى أسرتها المؤسسية، يكرس الدور البناء والمثمر للمغرب، وكذا مقاربته البراغماتية والتضامنية، لفائدة السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا”.
وسجل الوزير أن دخول المغرب إلى مجلس السلم والأمن لم يكن قائما على توجه “انتقائي”، مشيرا في هذا الصدد إلى أن التزام المملكة اتجاه القارة يعد “شاملا”.
وقال إن “أية أزمة، وأي توتر ، وأي نزاع، لن يتم تهميشه أو تجاهله، أو وضعه في المستوى الثاني للأولويات”، مشيرا إلى أن أولويات القارة الإفريقية لا تتسم بالهرمية، وإنما تحظى بنفس الاهتمام. “لأنه بالنسبة للمملكة أمن القارة غير قابل للتجزيء”.
وأكد الوزير، بهذه المناسبة، أن المغرب، بصفته عضوا في مجلس السلم والأمن، يعتزم وضع خبرته الغنية في عمليات حفظ السلام رهن إشارة المجلس، في مجال توطيد السلام ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
وأبرز بوريطة أن المملكة تروم ، في إطار ولايتها، المساهمة بشكل فعال ومباشر في أنشطة هذه الهيئة، من خلال ترسيخ قيمتها المضافة التي تصل لـ60 سنة من الخبرة المتراكمة من شأنها صون السلام والأمن في إفريقيا.
وأضاف أن المغرب سيستمر في بذل الجهود، سواء داخليا أو خارجيا، لتحسين أساليب مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، التي تمر، على وجه الخصوص، من خلال مراجعة معايير العضوية، وتخصيص جدول أعمال مناسب ومشاركة مكثفة في أشغال المجلس وتحديث آليات التصويت وتعزيز الشفافية في الأنشطة. وتروم الندوة، التي تنظمتها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالتعاون مع جامعة محمد الخامس بالرباط، حول موضوع “تحسين أساليب عمل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي”، تسليط الضوء على الحدود التي يواجهها المجلس في مواجهة التحديات الأمنية الكبرى للقارة. وتتمحور هذه الندوة، أيضا، حول بحث السبل والوسائل الكفيلة بتحسين فعالية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي وكفاءته، والتفكير، بعمق، في الأولويات التي تمكن المجلس من تحقيق الفعالية في أداء مهمته المتمثلة في درء الأزمات القارية وتسويتها، والإسهام في تعزيز سلطة المجلس ودوره في مجال الوساطة ودرء النزاعات.


بتاريخ : 12/05/2018