مافيا «الذهب الأخضر» تُعدم ألف شجرة أرز بميدلت وتُقبر 20 هكتارا كل سنة

في سياق إطلاق برنامج «غابات المغرب» لإنقاذها

 

الغابة ليست فقط الرئة التي تتنفس بها رقعة جغرافية معينة، وأدوارها لا تقتصر على المحافظة على التوازن البيئي والحيواني وغيرهما فقط، وهي لا تشكّل قبلة للأشخاص، أفرادا وعائلات، من أجل الراحة والاستجمام وتنفس هواء نقي فحسب، بل تعدّ مصدر عيش للبعض الآخر، وهي منبع ثروة لفئة أخرى، وإذا كان هناك من يتعامل معها باحترام بل وحتى بـ “قدسية”، فإن البعض الآخر لا يرى فيها إلا مصدرا للدخل، فيسخّر كل إمكانياته ومجهوداته، لكي يضع يده على أشجارها، بأية كيفية من الكيفيات؟
تطاول على الأشجار لا يكون بغرض التدفئة، كما هو الحال بالنسبة لأشجار البلوط في تاونات وأزيلال وغيرهما، حيث يمكن لهذه الأشجار أن تعيد “إحياء” نفسها، وإنما الإشكال الكبير هو ما يقع في غابات ميدلت، التي تعتبر إرثا لأشجار الأرز الصناعي المعمّرة، التي منها التي قضت أكثر من 600 سنة باسقة شامخة تعانق السماء، لكنها في نهاية المطاف لم تسلم من مناشير مُعدمي الذهب الأخضر، الذين ينهبون هذه الثروة الوطنية، والإرث الذي تتميز به المنطقة ويميز المغرب ككل مقارنة بدول العالم، ويعملون على تصفيته في واضحة النهار وتحت جنح الليل؟
يتميز إقليم ميدلت بثروة غابوية جدّ مهمة تقدّر بحوالي 460 ألف هكتار، وهو ما يمثل نسبة 35 في المئة من مساحة المنطقة الشاسعة والمترامية الأطراف، في حين أن نسبة 40 في المئة من هذه الثروة هي تتشكل من سهوب الحلفاء، و 25 في المئة من إكليل الجبل، إضافة إلى 13 في المئة من الصنوبريات، و 11 في المئة من الأرز، ثم 8 في المئة من البلوط، بينما باقي عناوين التنوع الغابوي تمثل نسبة 3 في المئة من مجموع المساحة ككل.

تونفيت الذهب الأخضر

تعتبر منطقة تونفيت من المناطق التابعة لإقليم ميدلت الغنية من حيث التنوع البيومناخي، انطلاقا من الجاف الأدنى إلى الرطب والرطب جدا، مما يفسح المجال لجميع التشكيلات النباتية بدءا بالطبقات المتوسطية الساخنة، إلى الطبقات المتوسطية الجبلية، الأمر الذي أضفى على المنطقة تنوعا بيولوجيا نباتيا وحيوانيا غنيا.
منطقة بغابات غنية على امتداد حوالي 62 ألف هكتار، حبلى بأشجار الأرز التي تمتد على مساحة 13 ألف هكتار، تمتاز بخاصيات وأوصاف لا مثيل لها فيما سواها من الأشجار، فطولها يفوق 40 مترا، بل ويصل إلى غاية 60 مترا، ودائرتها تتراوح ما بين 5 و 8 أمتار، وهي أشجار معمّرة، شاهدة على التاريخ، حرصت على أن تظل شامخة لسنوات تراوحت ما بين 600 و 800 سنة، مما يضفي عليها نوعا من الهيبة والجمال، ومكّنت المغرب من أن يكون متميزا بتوفره على هذه الثروة، بالنظر إلى أن هذه الأشجار تتواجد في 3 أماكن في العالم، هي الهمالايا بالصين، ولبنان، ثم أرز الأطلس والريف في المغرب، الذي بات مستهدفا من طرف مجموعة من المهرّبين، و”عصابات” تقوم بإعدام هذه الأشجار بـ “جرّة منشار”!

الأرز والبلوط

تنمو أشجار الأرز بمرتفعات يتراوح علوها ما بين 1250 و 2500 متر على سطح البحر، حيث تشكل مناطق خصبة تتوسطها مساحات شاسعة تتأثر بعوامل المناخ الحار خلال الصيف، ويقتصر حضور غابات البلوط الأخضر على المناطق التي يبلغ علوها 1150 متر، أما غابات الأرز فإنها تنبت بمرتفعات انطلاقا من علو 1400 إلى 4000 متر، وهو ما جعل عددا من الباحثين المختصين يتخذون شجرة الأرز معيارا في الدراسة العلمية المتعلقة بالمتغيرات المناخية بالمغرب، في حين وبالمقابل فإنه نظرا للجودة التي يتميز بها خشب الأرز، فهو يستعمل في العديد من المصنوعات على مستوى ما يمكن وصفه بالنجارة الراقية، صناعة الأثاث، تجميل البنايات في الهياكل والأعمدة الخشبية وكذا حطب التدفئة، وهو ما جعل أشجار الأرز تكون محطّ أطماع متعددة.

إعدام شجر

تعاني الثروات الغابوية بتونفيت من تخريب منهجي، الأمر الذي أدى إلى تدميرها وتقليص مساحتها، عن طريق الاستغلال العشوائي، ليس بهدف الاستغلال الشخصي لخيراتها فحسب، بل بهدف تسويقها عبر صفقات تطرح أكثر من علامة استفهام.
ويعتبر تهريب خشب غابات الأرز من الآفات الخطيرة التي تهدّد أرزيات غابات تونفيت بالزوال، فضلا عن العوامل التخريبية الأخرى، البشرية والحيوانية، وكذا الطبيعية من جفاف، وأمراض طفيلية، وعواصف، وحرائق قد تكون عفوية أو مفتعلة.
الثروات الغابوية بتونفيت تم استغلالها استغلالا مفرطا، قد يؤدي آجلا أم عاجلا إلى كارثة بيئية، سيستحيل أو يتعذر إيجاد حلول لمعالجتها ، إذ يعتبر السطو على شجرة الأرز النادرة، إلى جانب الاستغلال الحيواني أو الرعي غير المنظم والمفرط للغابات، من الآفات الخطيرة التي تهدد الغطاء الغابوي بالمنطقة. وبحسب مصادر “الاتحاد الاشتراكي” فإنه يتم كل سنة إعدام حوالي 1000 شجرة في السنة، أي بمعدل يتراوح ما بين 5 و 20 هكتارا، باحتساب الاستئصال المباشر في حدود المساحة الأولى، والتبعات غير المباشرة المتعلقة بمحيط الأشجار التي تم إعدامها في محيط المساحة الثانية، الأمر الذي يبيّن وبوضوح حجم المعضلة التي تتفاقم حدّتها يوما عن يوم؟

أزمة اجتماعية

أمام ضيق العيش ومستويات الفقر العالية، وفي غياب برامج اجتماعية تساعد العديد من الأسر في عدد من الدواوير على مواجهة أعباء الحياة اليومية وتبعاتها، وجد البعض ضالتهم في أشجار الغابة، التي باتت مورد كسب بالنسبة لهم، في ظل غياب أو ضعف المشاريع التنموية النموذجية التي تمكّن من توفير فرص الشغل، على مستوى التعاونيات وغيرها.
واقع دفع الكثيرين إلى استهداف أشجار الأرز، من أجل العيش، بالنظر إلى أن هذا النوع من الخشب الصناعي يرتفع الطلب عليه، ويوفر دخلا مهما، وما شجّع على ذلك أنه حتى بعض مؤسسات الدولة، كما هو الحال بالنسبة للجماعات القروية، تقوم بنفس الخطوة، وتعتمد على المداخيل الغابوية في تدبير شؤونها، علما بأن آثار تلك الميزانيات لا تنعكس إيجابا على المواطنين، الذي لا يلمسون وقعها، مما يغري البعض منهم للسير على نفس المنوال، علما بأن الساكنة المحلية وفي حدود سنة 2006، واجهت استغلال هذه المجالس للغابات وحالت دون ذلك؟

“السعار”

ما تتعرض له أشجار الأرز من هجمات متواصلة ومحمومة، لا يمكن وصفها إلا بالسعار، إذ بالرغم من المجهودات المبذولة لوقف هذا النزيف، إلا أن الجهات التي تقوم بنهب هذه الثروة الغابوية تواصل حربها، إذ في ظرف أسبوعين اثنين، على سبيل المثال لا الحصر، تم إعدام العديد من الأشجار، حيث اقتفت السلطات المحلية بتونفيت آثار 5 أشجار بجماعة سيدي يحيى ايوسف، وتمكنت من العثور على حوالي 30 رافدة، بشعاب منطقة توالت، وذلك يوم السبت فاتح فبراير الجاري.
جرائم توالت، إذ تم يوم الخميس 6 فبراير، قطع 7 أشجار، بالمكان المسمى اذمر اوبوهو بالقطاع الغابوي لايديكل، وفي اليوم الموالي تم بتر 11 شجرة في بويشران نايت اعتو، وشجرة ببويشران نايت الحاج، وفي اليوم الثامن تم حجز 4 رافدات من خشب الأرز، طول كل واحدة منها مترين، بمنطقة تقادوست المجاورة لدوار ثلاث نواعراب، كما تم اكتشاف خلال نفس اليوم قطع شجرة بالمكان المسمى بن الصغير بدوار ايت شعو أوعلي، كما استأصل مهربون شجرة أخرى بتيزي نتكجديت، هذه الأشجار التي يتم اكتشافها من طرف أعوان السلطة خلال الحملات التمشيطية التي يقومون بها، وفقا لمصادر الجريدة.
استنزاف للثروة الغابوية لم يتوقف، وإن كان يتم إحباط تهريب الرافدات الخشبية بعد إعدام الأشجار، كما وقع خلال يومي الثلاثاء 11 والأربعاء 12 فبراير، حيث أحبطت السلطات المحلية والدرك الملكي، تهريب 12 رافدة من نوع الأرز الصناعي على متن سيارة مجهولة الهوية وبدون ترقيم، لاذ سائقها ومن معه بالفرار، حين تم الوصول إليهم من طرف السلطات المختصة، التي قامت خلال نفس اليوم بمداهمة ورشة للنجارة بدوار تمالوت بجماعة انمزي قيادة اكوديم، حيث تم ضبط أحد المستخدمين بصدد الاشتغال على حوالي نصف متر مكعب من خشب الأرز مجهول المصدر. وفي نفس السياق تم العثور خلال نفس اليوم على 10 روافد خشبية من الأرز، طول كل واحدة منها مترين، كانت مخبأة بالمكان المسمى ادمر ابوهو، والتي جرى حجزها. وفي اليوم الموالي 13 فبراير تم العثور على بقايا 3 أشجار تم جزّها بادمر ابوهو، كما تم قطع شجرة في تشنيوين قرب دوار اسكا، إلى جانب 4 أشجار أخرى يوم 14 فبراير باقي نسيدي بلقاسم التابع للمنطقة الغابوية ايديكل؟

نهب و”تجاهل”

“غابتنا تتعرض للنهب والسطو تحت مسمع وأنظار المسؤولين، وعلى رأسهم عناصر المياه والغابات”، هكذا اختار ادريس بودجاج، الفاعل الجمعوي بتونفيت أن يستهل النقاش معنا بخصوص الوضع الذي تعيشه الغابة، مؤكدا أنه رغم الاحتجاجات والبيانات الاستنكارية فإن استهداف أشجار الأرز يتواصل الأمر الذي يؤثر على الغابة والبيئة والسكان، مبرزا أن خبيرة تشيكية كانت في زيارة للمنطقة وأكدت بحكم خبرتها وتجربتها أن استئصال شجرة يعادل فقدان 800 طن من المياه، وهو ما ينعكس سلبا على الفرشة المائية ويضر بالبيئة، ويضعف منسوب التساقطات الثلجية.
وشدّد الفاعل الجمعوي، على أن أشجار أرز تونفيت شُيّت بها مدن متعددة، مبرزا أن النهب يستمر على بعد 40 أو 50 مترا من عناصر المياه والغابات، التي تعجز عن الحدّ من الظاهرة، مؤكدا على أن التقني يجب أن يكون حاضرا ومتواجدا بكيفية مستمرة في الغابة لا أن يتواجد في المدينة، مؤكدا أنه لولا يقظة وحزم السلطات المحلية لبلغ نهب الأشجار معدلات قياسية، مشددا على أن الحملات المشتركة بينها وبين عناصر الدرك الملكي تمكن من مطاردة المهربين وحجز الروافد بمعدلات تبين ما تتعرض له الغابة من تخريب.
ادريس، ابن المنطقة، أوضح أن المدير الإقليمي لمندوبية المياه والغابات وعد السكان خيرا حين تعيينه، دون أن يتغير الواقع المر الذي تعرفه الغابة، واعتبر المتحدث أنه لا بد من إحداث مجمع صناعي يجمع حرفيي النجارة، مؤكدا أن جماعة سيدي يحيى اويوسف، يوجد فيها أكثر من 30 محلا مرخّصا للنجارة، وهو أمر يفتح الباب على كل السيناريوهات المحتملة، مضيفا بأن التعاونيات مجمّدة، وبأنه يجب التساؤل عن مصدر عيش المتعاونين الذين يحفظون الغابة عن ظهر قلب، ويبلغون عناصر المياه والغابات بما يقع فيها، مشددا على أن الساكنة لا تستفيد من عوائدها، لا من حيث الأشجار أو حطب التدفئة، وبأنه ليست هناك حماية لإرث الأرز، الذي وصفه الحسن الثاني رحمه الله، بأن عروقه في المغرب ورأسه في لبنان. واختتم الفاعل الجمعوي تصريحه بالتأكيد على أن هذا الإرث يضيع يوما عن يوم.

دموع أشجار

“هل تعلمون أن الأشجار تذرف الدمع؟ إنها الحقيقة، فالأشجار تبكي حين يتم قطعها، ويتم العبث بها وتهريبها دون أن يجفّ دمعها”. سؤال وجواب في نفس الوقت، جاء على لسان، محمد الخياوي، أحد أبناء المنطقة التي رأى فيها النور لأول مرة، وهو الذي يبلغ من العمر اليوم 53 سنة.
يؤكد محمد في حديثه لنا، على أن غابات تونفيت تحتضر، وأصبحت في حالة يرثى لها، مشددا على أن الصور أبلغ من أي كلام وغنية عن كل تعليق، ويمكن لأي كان أن يقف على هذه الحقيقة إذا ما غادر مكتبه وجاء ليرى بأم عينيه، ما الذي أصاب أشجار الأرز من نتطاول ونهب.
وشدّد محمد، الذي يرى الغابة تتدهور أمام عينيه يوما عن يوم، مقارنة بما عاشه بين ثناياها في الماضي، على أن المنعطف وقع بعد التقسيم الجماعي، وما صاحب ذلك من ارتفاع في أعداد الرخص التي منحها لـ “المناشير” التي تم توزيعها بين الدواوير، والتي انتشرت كما ينتشر الفطر. ودعا المتحدث إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، مشددا على أن من تبث تورطه تجب محاسبته لا أن يستفيد من قرار تنقيل إداري يشجع غيره على إتيان نفس الممارسات.
“قمنا بوقفات احتجاجية .. رفعنا نعوشا .. ونادينا بحماية الغابة وحماية أشجار الأرز التي تنهب”، تصريح آخر جاء على لسان محمد، الذي شدّد على أن مجموعة من العوامل ساهمت فيما يقع اليوم، وبأنه يجب على الساكنة حماية غابتها وإرثها، ويجب على السلطات المختصة أن تولي الاهتمام للبعد الاجتماعي وأن تعمل على إنشاء مجمع صناعي تجمع فهي الحرفيين في منطقة واحدة، تمكن من تنظيم العمل وضمان العيش الكريم للمواطنين.

“المياه والغابات”

إدارة المياه والغابات، كان لها رأي آخر، فيما يقع داخل غابات تونفيت، إذ شدّد يونس محيب، المدير الإقليمي بميدلت، في تصريحه لـ “الاتحاد الاشتراكي” على الجدية التي تتعامل بها عناصر المياه والغابات ومحاربة التصحر مع هذا الموضوع، مؤكدا على أن “الهجمة” التي تتعرض لها الإدارة، قد يكون دافعها تضييق الخناق الذي وجدت بعض العصابات نفسها أمامه، لكنه لم ينف تواصل عمليات النهب وسرقة الأشجار، والإكراهات التي تعترض عمل هذه العناصر.
وأكد محيب أنه خلال هذا الأسبوع فقط تم إغلاق محلين اثنين تم ضبط مواد مسروقة بهما، وبأن التحقيقات تتواصل والاعتقالات لا تتوقف، مشيرا إلى أن عناصر المياه والغابات قامت بأكثر من 10 عمليات لحجز المواد المهربة، مشددا على أن هذا لا يلغي أن العصابات التي تنشط في هذا المجال هي تراقب تحركات العناصر وتستغل بعض الفترات للقيام بنشاطها الإجرامي. وأبرز المتحدث أن هناك متدخلين آخرين يتم التنسيق المشترك بينهم، وفقا لمضمون الدورية 321، وعلى رأسهم وزارة الداخلية والدرك والنيابة العامة، مما ساهم في تراجع منسوب تدمير الغابة، مشيرا إلى أن ما تم بيعه خلال 3 أشهر الأخيرة من خشب مشروع وقانوني، هو غير مسبوق، إذ تم خلال هذه الآونة تكثيف المجهودات لمواجهة الحرب ضد أشجار الأرز .
المسؤول الغابوي، أوضح أنه يتم إدماج الساكنة في حماية الموارد الغابوية، وفي ردّه عن أسئلة “الاتحاد الاشتراكي” بشأن عدد العناصر وتقسيم القطاعات الغابوية، وأجور المتعاونين، أجاب بأن هناك “مركزين اثنين، الأول في تونفيت ويضم 5 قطاعات غابوية، والثاني في أوكديم ويضم 4، وبأنه بكل قطاع هناك رئيس مركز وحارس”، الأمر الذي طرح لنا علامات استفهام متعددة، حول الكيفية التي يمكن بها لعنصرين اثنين تامين قطاع غابوي مساحته قد تتجاوز 10 آلاف هكتار، فجاء جواب محيب، بأنه تتم الاستعانة بالمتعاونين الذين يستفيدون من الخشب الميت واليابس، الذي له قيمة اقتصادية مهمة، وهي تعوّض الأجور؟
وأضاف محيب، أن إدارة المياه والغابات لديها برنامج تنموي وآخر زجري، مجيبا عن سؤال حول المسالك الغابوية، بأنها في 2020 ستعمل على فتح 6 مسالك و صيانة 8 بمعدل 14 كيلومترا، وبأن هناك متدخلين آخرين لا يمكن تعويض مهامهم، مشيرا إلى أن هناك مشاريع للتشجير وأخرى لتسييج المحيطات وتنقية الغابات، وكذا محاربة انجراف التربة، مؤكدا أن الغابويين لا يمكنهم لوحدهم حماية الغابة، وبأن ثروة الأرز ثمينة وبالتالي فهي مستهدفة، وأن عناصره لا تواجه مخالفين وإنما عصابات منظمة ومزودة بأحدث الوسائل، فضلا عن كونها مسلّحة لتحقيق أهدافها ومخططاتها!

“غابات المغرب”

شكّل الخميس 13 فبراير 2020، يوما استثنائيا، تمثل في ترؤس الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، بجماعة اشتوكة آيت باها، حفل إطلاق الإستراتيجية الفلاحية الجديدة لتطوير القطاع الفلاحي “الجيل الأخضر 2020-2030″، والاستراتيجية المرتبطة بتطوير قطاع المياه والغابات “غابات المغرب”.
وبهذه المناسبة، “قدمّ وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عرضا حول محاور الرؤية الإستراتيجية الفلاحية الجديدة التي تفضل جلالة الملك بإعطائها اسم “الجيل الأخضر” 2020-2030، وفيما يتعلق بموضوع الاستراتيجية الجديدة المتعلقة بقطاع المياه والغابات “غابات المغرب”، أبرز أخنوش أهمية الفضاءات الغابوية، التي تناهز مساحتها 9 ملايين هكتار، ووظائفها البيئية والاقتصادية والاجتماعية”.
وكان وزير الفلاحة قد أوضح أن الغابة المغربية “توجد في وضعية متدهورة، لاسيما تدهور الغطاء الغابوي على مساحة 17.000 هكتار سنويا، ومحدودية قدرة إنتاج الخشب بالغابات المؤهلة للإنتاج المكثف في نسبة تتراوح بين 20 و 30 بالمائة، وضعف تثمين غابات البلوط الفليني، والاستغلال المفرط للحطب وللمجالات الرعوية”، معلنا عن جملة من التدابير الموزعة على أربعة محاور تتمثل في:
المحور الأول يهدف إلى خلق نموذج جديد بمقاربة تشاركية تكون الساكنة أول شريك في تدبيره، ويهم بالخصوص إحداث أكثر من 200 منظمة محلية لتنمية الغابات، وإنشاء شبكة جديدة للتنشيط الترابي تضم أكثر من 500 منشط، وإحداث هيئة جهوية للغابات، والتنسيق مع الفاعلين المحليين في تدبير الشؤون الغابوية من خلال المجلس الجماعي للغابات، وتعزيز مصداقية المجلس الإقليمي للغابات.
– المحور الثاني يتمثل في تدبير وتطوير الفضاءات الغابوية حسب مؤهلاتها، عبر عدة برامج أهمها تشجيع الاستثمار الخاص على مساحة 120 ألف هكتار، وتهيئة وتثمين شبكة المنتزهات الوطنية العشر، ومحاربة التصحر.
– المحور الثالث يروم تطوير وتحديث المهن الغابوية عبر رقمنتها، ويشمل برامج تهم إنشاء مشاتل غابوية حديثة بمواصفات عصرية بشراكة مع القطاع الخاص، بما يضمن الحفاظ على الخاصية الوراثية للغابات وإفساح المجال للقطاع الخاص لإنتاج شتلات الأشجار الغابوية. كما يهدف هذا المحور إلى رقمنة وسائل تدبير القطاع والمهن المتعلقة به.
– المحور الرابع يهم الإصلاح المؤسساتي للقطاع، من خلال إعادة هيكلة التنظيم المؤسساتي عبر إحداث وكالتين لتدبير الملك الغابوي وتدبير المنتزهات الوطنية، وكذا تأهيل الموارد البشرية وإنشاء قطب للتكوين والبحث.
استراتيجية بمحاور وتدابير، تلقاها أنصار الغابة بانشراح كبير، وهم يمنّون النفس بأن تسعف في إنقاذ الغابة عامة، وأشجار الأرز بمنطقة ميدلت وخصوصا بتونفيت، وأن يكون لها وقع وأثر ملموس على يوميات الساكنة، لضمان قوتهم اليومي من جهة، ولإنقاذ أرز المغرب من الانقراض.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 22/02/2020