متخصصون وخبراء شخصوا أعطابه : تحذير من انهيار قطاع الصيدلة ودعوة لإنقاذ المهنة

الدكتور حمزة كديرة، رئيس المجلس الوطني لهيئة صيادلة المغرب
صناع القرار مطالبون بالتدخل العاجل قبل فوات الأوان

 

أكد الدكتور حمزة كديرة، رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة بالمغرب، خلال كلمته أثناء افتتاح أشغال المعرض الدولي الرابع لصيادلة الجنوب، أنه منذ اعتماد سياسة تخفيض أثمنة الأدوية، صاحب مختلف المتدخلين بقطاع الصيدلة هذه الخطوة بنفس مواطناتي، في أفق تعميم التغطية الصحية التي تعدّ هي المطمح والمبتغى الجماعي بما يخدم المواطنين المغاربة، ويمكّنهم من الولوج إلى الدواء والعلاج بشكل سلس.
وأوضح رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة، الذي كان يتحدث أمام أكثر من 700 صيدلاني، وعدد من مسؤولي الهيئات والمجالس الصيدلانية، الأفارقة والعرب، فضلا عن والي جهة سوس، ورئيس الجهة، أن هذا الانخراط قابله غياب تفاعل إيجابي من قبل الشركاء من صناع القرار، الذين لم يفعلوا الإجراءات المواكبة الضرورية التي تم التعهد بها، حتى تضمن للقطاع التي استمرارية حياته وديناميته الاقتصادية، مبرزا أنه على الرغم من الاجتماعات المتعددة التي عقدت بتعاون مع الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، مع رئيس الحكومة، والقطاعات المعنية، من وزارة الصحة، الأمانة العامة للحكومة، التعليم العالي، وزارة الداخلية، والولاة والعمال وغيرهم؛ مع تقديم مذكرات واضحة، تحدد مكامن الإشكالات المطروحة، كما هو الشأن بالنسبة للجوانب المتعلقة بتبعات سياسة تخفيض أثمنة الأدوية، وبالشق التشريعي، في علاقة بالقانون 04/17، وما يرتبط بقرارات المجالس التأديبية، حق الكراء، وظهير 1976 المتعلق بالهيئات، ومنه مسألة الجهوية، وتوسيع صلاحيات المجالس وتطبيق القرارات التأديبية، ثم النص القانوني لـ 1922 الذي يهمّ المواد السامة وغيرها، فضلا عن مذكرات مفصّلة بخصوص الجانب الضريبي بشأن الضريبة على القيمة المضافة وضريبة «التمبر»، وكذا على المستوى القانوني من خلال تحديد وتعريف المهام والأدوار الجديدة للصيدلاني بالصيدليات، المدبّجة على شكل اتفاق يخص مهنة في وضعية أزمة، وما إلى ذلك من الجوانب التي تزاوج بين الشق التشريعي والاقتصادي؛ غاب أي تفاعل أو أجوبة عملية من الجهات المعنية في هذا الصدد.
الدكتور حمزة كديرة، أشار إلى أنه بات شبه مؤكد للجميع أن قطاع الصيدلة هو القطاع الاقتصادي الوحيد الذي لايمكن أن يعرف إلا المزيد من التخفيضات في الأثمنة، الأمر الذي يعدّ انحرافا معاديا للمنظومة الاقتصادية، ويضرب في الصميم قانون السوق في علاقة بالعرض والطلب. وأكّد رئيس الهيئة الوطنية للصيدلة، على أن الساسة من صناع القرار يجب أن يستوعبوا الوضعية الكارثية التي يعيشها القطاع الذي يعيش فترات حالكة، بالنظر إلى أنه تم فقدان 50 في المئة من القدرة الشرائية، فضلا عن كون أكثر من 75 في المئة من الصيادلة يعيشون بمدخول لايتجاوز 6 آلاف درهم شهريا، في ظل إكراهات وتحديات اقتصادية واجتماعية متعددة، دون إغفال الانتظارات المتوقعة منهم من طرف المواطنين، ودون الوقوف عند تبعات ذلك على العلاقة مع الموزعين والضرائب التي يطبعها نوع من عدم الرضا، مما جعل الصيادلة يتحولوا إلى محاسبين أكثر منهم مهنيين للصحة!
وشدّد الدكتور كديرة، على أنه في ظل هذا المنعطف الوحيد من نوعه منذ الاستقلال، أصبح قطاع الصيدلة يتواجد في وضعية عجز وعدم القدرة على تحمل أية تخفيضات مستقبلية في أثمنة الأدوية، إذ بات يعتبر قطاعا منكوبا، والصيادلة ينتظرون تدابير اقتصادية لإنعاشه وأكسجنته، خاصة وأن 3500 صيدلاني هم في وضعية إفلاس، مع تبعات ثقيلة على قطاع التوزيع الذي يعدّ مكسبا مهما للمغرب، شأنه في ذلك شأن قطاع التصنيع. واقترح رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة أن يتم اعتماد عدد من التدابير والإجراءات العملية لإنقاذ مايمكن إنقاذه، من قبيل نشر الدستور المرجعي للأدوية للسماح للصيدليات باسترجاع المستلزمات الطبية المعقّمة تماشيا والقانون 17.04، وتوجيه الأدوية المقتناة في إطار نظام المساعدة الطبية «راميد» صوب الصيدليات، وتحديد لوائح مضبوطة لاستعمال الأدوية بالمصحات الخاصة، ومحاربة الممارسة غير المشروعة للصيدلة، وغيرها.
الدكتور كديرة، عاد للاستغراب في معرض مداخلته بخصوص الكيفية التي يتم بها التوفيق في الزيادات المطلوبة لفئات معينة من الموظفين خلال جلسات الحوار الاجتماعي، في الوقت الذي يعيش فيه قطاع الصيدلة تقهقرا متواصلا ومكثفا، واصفا الأمر بكونه اختناقا مبرمجا، إذ أن الصيدلي لم يعد بإمكانه أن يزعم أنه يعيش من خلال نشاطه المهني وهو يجد نفسه يندحر يوما عن يوم نحو أسفل السلم الوظيفي؛ من باب المقارنة؛ مضيفا بأن الصيادلة لديهم الكثير من الأسئلة الجادة حول أدوارهم ضمن النظام الصحي، ويجدون أنفسهم في حيرة من أمرهم حيال موقف الإدارة التي لاتتفاعل مع شكاواهم، الأمر الذي يرخي بتبعاته على الآمال المعقودة، وإمكانيات تحقيقها من عدمه، المرتبطة بحسن نية المسؤولين عن قطاع الصيدلة. وواصل رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة بالمغرب استعراض كمّ الأسئلة والانتظارات الحارقة التي يعرفها الجسم الصيدلاني، متسائلا إن كانت ستستمر أو ستجد لها آذانا صاغية في آجال قريبة، مؤكدا على أنه بالرغم من هذه الوضعية العصيبة والصعبة، فهو يحث مجموع المهنيين، على الاستمرار في القيام بالمجهود المطلوب، حتى يكون الصيادلة في مستوى المهمة الملقاة على عاتقهم بما يتوافق مع الرؤية الملكية، مختتما كلمته بالإشادة بمستوى تنظيم هذا الحدث الذي أضحى مرجعا أساسيا يحظى بالكثير من الاهتمام والتتبع.

 

الدكتور لحسن الصنهاجي، رئيس التجمع المهني للتوزيع الصيدلي بالمغرب
30 % من الصيدليات تواصل فتح أبوابها بفضل تضامن قطاع التوزيع

 

نوه الدكتور لحسن الصنهاجي، رئيس التجمع المهني للتوزيع الصيدلي بالمغرب، بالشعار الذي اختير للنسخة الرابعة من المعرض الدولي لصيادلة الجنوب، والمتمثل في «مستقبل الصيدلة في المغرب في ظل الإكراهات الاقتصادية والتشريعية»، مؤكدا أنه راهني وجدّ موفق، بالنظر للصعوبات التي باتت تعترض القطاع منذ مدة، مشدّدا بالمقابل على أن الصيدلة في المغرب هي ليست في وضع جيّد ويجب الإقرار بذلك، والبحث عن سبل النهوض بها حتى يكون لها مستقبل أفضل مما هي عليه اليوم، وهو مايتطلب تعبئة جماعية وتظافرا لجهود كل المتدخلين، مقترحا في هذا الصدد العمل على تنظيم مناظرة عاجلة وجدّية مع وزارة الصحة بمقاربة جديدة تشاركية، تقطع مع الصيغ القديمة، وتجمع كل الأطراف المعنية للخروج بالقطاع من أزمته بما يخدم الصحة العامة للمواطنين.
الدكتور الصنهاجي، استعرض في مداخلته الأشواط التاريخية التي مرّ عبرها قطاع الصيدلة، والمراحل المزدهرة التي عاشها، وهو يتطور حتى بات مرجعا يضرب به المثل، الأمر الذي لايعكسه الواقع الذي تتخبّط فيه الصيدلة اليوم، مبرزا أن هذا القطاع كان سبّاقا إلى إعمال خراطة صحية بشكل تلقائي على امتداد ربوع المملكة لتأمين وصول الدواء إلى المواطن، وتيسير ولوجه إليه، علما أن خطوة بالغة الأهمية من هذا القبيل في دول أخرى، ولتحقيقها توفر القطاعات الحكومية المسؤولة محفزات استثمارية للقطاع الخاص حتى يتسنى ذلك، والحال أن الصيادلة المغاربة عملوا على ذلك دون انتظار أي مقابل.
وأوضح رئيس التجمع المهني للتوزيع الصيدلي بالمغرب، على أن تخفيض ثمن الأدوية هو عنصر من بين مجموعة عناصر أخرى يجب توفيرها حتى يتسنى تمكين المواطن المغربي من الولوج إلى الدواء، فهو لايمكن أن يحقق ذلك لوحده، في ظل عدم معالجة القدرة الشرائية للمواطنين وعدم تعميم التغطية الصحية، مبرزا أن 30 في المئة من الصيدليات المتضررة هي لم تغلق أبوابها لحدّ الساعة بفعل تضامن قطاع آخر معها وهو قطاع الموزعين، الذي بات بدوره يعني من تبعات هذه الوضعية، وتراجع هامش ربحه، لأن المستحقات المتأخرة هو يسدد عنها فوائد بنكية تنعكس على هامش الربح لديه.
ونبّه الدكتور الصنهاجي إلى عمق الأزمة التي يعيشها قطاع الصيدلة، مستدّلا على ذلك بأرقام ومعطيات رسمية لكبريات الجهات المختصة، مبرزا أنه لايمكن لهذا القطاع أن يخرج من كبوته ومعدل تطوره لايتجاوز نسبة 1.7 في المئة، وهو المؤشر الذي يضرب كل تفاؤل في هذا الصدد، بالرغم من جودة ومكانة الدواء المغربي، مشددا على ضرورة الانكباب على تصحيح مسار الصيدلة ومستقبل القطاع في المغرب بمعيّة وزارة الصحة، وإيجاد حلول للإكراهات المتعددة التي يتخبط فيها، منوّها بقوة وجود عمل المجالس المهنية وأدوارها في تأهيل المهنة بالرغم من كل التحديات.
واختتم رئيس التجمع المهني للتوزيع الصيدلي بالمغرب مداخلته بالتأكيد على حتمية التسريع بإخراج مشروع الجهوية والعمل به، وبضرورة التفاعل الإيجابي مع مطالب المهنيين، مؤكدا على أن الاستثمار في الدواء هو ليس بالأمر السهل والهيّن، ويتطلب جهدا مهنيا وزمنيا، وثقلا ماديا على حدّ سواء، مع التشديد على مكانة الموزع الأساسية ضمن أضلاع هذه المنظومة المهمة والذي يعدّ ضامنا لاستمرار الدواء.


بتاريخ : 19/04/2018