محمد بلشقر يشهر «سيف الحرف»

صدر مؤخرا عن منشورات عبودة برانت بتازة مؤلف موسوم ب»سيف الحرف» للزجال محمد بلشقر، وهو أضمومة في 73 إشراقة شعرية ، 59 منها قصيدة زجلية و14 منسوبة إلى الشعر الفصيح . الإصدار المومأ إليه جاء في 193 صفحة من القطع المتوسط مزدانا بتصميم للمبدع توفيق الوطني وغلاف ظهر لجيلالي كربيش.

ومحمد بلشقر رجل تربى في أحضان اليسار أيام فورانه، وعاش تقلبات موازينه ، لذلك نجد عنفوان المناهضة لكل ما هو غير مستقيم يسكنه بإصرار ، لقد كتم الرجل أشعاره وهواجسه ، وأجل قلقه المشروع لأزيد من عقدين قبل أن يبوح بكل شيء ، على شكل زفرات ظليلة متدفقة حزينة فرحة، غريقة،حارقة، وملتهبة تتمدد كشبح مخيف على تخوم المرحلة فاضحة للمستور،كأحلام مزعجة تتوسد الذكريات ، بإيقاعات متواترة في انتظار اليوم الذي ترى فيه النور ..
في تقديم بهي للإعلامي والروائي عبد الإله بسكمار للإصدار، نستشف حرقة الشاعر في صدامه العنيف بواقعه ، وصرخته العظمى تجاه شياطين السياسة ، والمتاجرين في الدين ، والمناوئين لأحلام الوطن ، لكن رغم كل هذا ستظل ذات بلشقر وسيرته ومنحى حياته حاضرة متوهجة تعلن عن نفسها أمام كل عصيان . كما تبرز القصيدة ملاذا صفيا لتنقية الدواخل ، بلسما للروح ، وردة لتعطير الخاطر، وتنهيدة لتطهير ما علق في الروح العميقة من ذبذبات ماكرة، فقط كي تحب الذات البقاء ، ولا تسأمه.
سيف الحرف أول ما حصد بلشقر من غرسه الحرفي المديد الذي يطاول المديات ..ولعل ما يطفو على السطح المجتمعي من اختلالات وأعطاب، وما يخفت في اللاشعور من انتظارات وطموح الجماهير المجهضة ، هو ما حفز بلشقر الإعلامي ورجل المسافات الطويلة ،على اغتراف لسعة الحرف ، وارتشاف مرارته على أن مازال في جعبته الكثير ، هي صرخة إذن ستتلوها بكل تأكيد صرخات..
فحين تشتد الأزمات ..يكتب بلشقر قصيدته أو يركض لمسافات طويلة، فغابة بوكربة في أحواز تازة شاهدة ، كما حلبات مراكش الحمراء وميادين الشد الطويل.
بلشقر عنيد في رفضه للفساد ، ليس من منطلق العناد ، بل هجوعا نحو عالم يصفو فيه الحرف ، وتترنم فيه القيم بعذب الكلام ، ويستطيع فيه الفرد أن يصرخ دونما محضر أو تنقيط أمني في مواجهة صقيع السياسة ، وأعطاب الزمن الذليل …
هي إشراقات أراد لها كاتبها أن تكون وهجا مستنيرا في مسالك صعبة الارتياد، يحف بها الظلام وتعشعش العتمة في أركانها فسادا بكل التلاوين الممكنة.
هو أيضا حقوقي ومنافح عن المال العام وله في ذلك ألف حكاية ورواية تشهدها فصول المحاكم من متابعات وحق مدني ، هو إلى ذلك كاتب وإعلامي منشغل بقضايا المجتمع وشغل لمدة رئيسا للقسم الاجتماعي لجريدة فاس اليوم ، له كتابات منشوره هنا وهناك ويرى أن الوقت قد حان للبوح بها .
محمد بلشقر الى ذلك رئيس جهوي لفرع تازة للهيئة الوطنيّة لحماية المال العام بالمغرب وله ملفات ومتابعات في أروقة المحاكم في حق عدد من المسؤولين المحليين والجهويين، واتهامات موثقة بالضلوع في ملفات فساد، وكانت عملية تجديد المكتب الوطني للهيئة اسفرت مؤخرا عن تمكين عبد العزيز الدرويش من رئاسة الهيئة الوطنية لحماية المال بالمغرب، وحظي محمد بلشقر بمسؤولية النائب الأول فيها.


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 08/06/2019