مخيم المرصد المغربي لنبذ الإرهاب و التطرف بأصيلة نموذجا . . . عندما تساهم المخيمات الصيفية في ترسيخ قيم المواطنة و التسامح بالمزج بين التربية والتكوين والترفيه

المخيم مكسب وطني ومجال للتنشئة الاجتماعية للطفولة المغربية، فهو مؤسسة تربوية اجتماعية وثقافية وترفيهية تهتم بمجال التنشيط السوسيوتربوي. ، فالنشاطات المنهجية التي يشرف عليها طاقم متدرب ومؤهل يلعب دورا كبيرا في تنمية مواهب الأطفال، و مجموعة من الأطر الإدارية والتربوية وكذا مجموعة من التجهيزات والأدوات تتعامل وتتكامل لإنجاح العملية التخييمية من خلال العمل على تنمية الروح الاجتماعية للأطفال المشاركين، وتوسيع مداركهم الفكرية والعقلية. وتساهم المخيمات الصيفية في غرس الكثير من القيم الأخلاقية والاجتماعية ونشر روح العمل التعاوني الاجتماعي بين الأطفال، وتساعدهم في تعزيز التنشئة الاجتماعية لهم، حيث تعمل على صقل شخصية الطفل، علما بأن اغلب الأطفال في عمر المراهقة، وهي فترة بحاجة إلى عملية صقل وبناء شخصية وثقة بالنفس. ويجب الإشارة إلى قضية مهمة جدا، وهي أن المخيم الصيفي ليس بعيدا بأهدافه وبسياساته عن أهداف المدرسة وأهداف الأسرة، لو لاحظنا الخطط التي يتم وضعها من قبل القائمين على المخيمات الصيفية سنرى فيها انسجاما وتوافقا، بحيث تسعى في المحصلة النهائية إلى هدف استراتيجي، وهو تنمية شخصية الطفل وخلق مواطن صالح.

 

انتشرت حركة المخيمات انتشارا كبيرا لكونها لونا من ألوان نشاط حياة الخلاء حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من البرامج التربوية الشاملة، وينظر إلى هذا اللون من النشاط على أنه وسيلة مساعدة للخبرات التعليمية التي تتم في غرفة الدراسة، الأمر الذي يغلب أن يتركز في النظريات اللفظية، في حين أن الخبرات التي يكتسبها الفرد في هذه المخيمات تدربه على الاعتماد على النفس، وتقوي حواسه، وتيسر له دراسة الطبيعة وممارسة مختلف نواحي المهارات والفنون النافعة والخدمة العامة. لم تعد المخيمات مكانا يقضي فيه الفرد أو الجماعة وقتا للترويح أو الترفيه فقط، بل أصبحت وسيلة فاعلة في المساهمة في تربية شاملة.
بالمخيم الصيفي بأصيلة المقام في الفترة الممتدة ما بين 26 يوليوز و 6 غشت 2017 المنظم من طرف المرصد المغربي لنبد الارهاب و التطرف تحت شعار « لأجل ترسيخ قيم المواطنة و التسامح « كانت الفرصة سانحة لنا للوقوف على العديد من الجوانب التي تقتضيها مراحل التهيئ الجيد قصد انجاح المخيم الصيفي و الذي استفاد منه ما يزيد عن 170 طفلة وطفل, تبلغ أعمارهم ما بين 7 سنوات و 15 سنة كانوا يتشكلون من مدن مغربية مختلفة من بينها سيدي بنور و بنسليمان و الدار البيضاء و الرباط و مراكش و الرباط و الجديدة … تم اختيار طاقم تربوي شاب لمواكبتهم و تنشيطهم , طاقم متميز بما لديه من قدرة و كفاءة في التنشيط و ضبط الامور المتعلقة بحياة الطفل داخل المخيم طيلة فترة اقامته به ، لقد كان اليوم الأول مليئا بالعمل الاداري و التربوي شمل الجانب المتعلق بالمسؤوليات و تقسيم الادوار و اعلان رؤساء الجماعات كما كان الجانب الصحي حاضرا و بقوة ,حيث تم تقديم المسؤول عن الاسعاف وصيدلية المخيم ، لقاء تمت الاشارة فيه الى برنامج التغذية والمسطرة المتبعة في اطار تقديم تغذية متكاملة للمستفيدات و المستفيدين من المخيم, كما تناول اللقاء مجالات لامست الجانب القانوني و الانضباطي بما يجعل الجميع مستعدا بما فيه الكفاية قصد انجاح المخيم ، الجانب التنشيطي ادى النقاش حوله الى وضع برنامج متكامل و حافل بما يساهم في كسب الاطفال مجموعة من الكفايات و المهارات و المدارك في هذا الجانب كان لنا لقاء مع المؤطر الشاب فيصل المسعودي من مدينة برشيد ، و الذي حاورناه حول أهداف المخيم الصيفي و ما يشكله من فضاء رحب لممارسة الهوايات ، حيث أفادنا بالقول أن أهم أهداف المخيمات تكمن في تنمية الكفايات البدنية وصيانتها عن طريق الحياة في الهواء الطلق النقي و ممارسة القواعد الصحية السليمة كممارسة ألوان من النشاط الرياضي و تناول الغذاء الصحي السليم في مواعيده, مع النوم والاستيقاظ مبكرا ,كما يهدف الى تنمية الصحة النفسية والعقلية بقضاء فترة زمنية في جو من الهدوء والراحة والبعد عن التوترات العصبية وإشباع حب المغامرة الكامنة في نفوس الشباب والفتيان, و كذا تنمية القدرات والعلاقات الاجتماعية نتيجة اشتراك الفرد مع زملائه في النشاطات المتعددة وتعاونه معهم على إنجاز مختلف الأعمال في ظل ممارسة الحياة الديمقراطية، حيث يعيش الأفراد معا في تعاون تسوده الروح الديمقراطية، فيذوب التفاوت بين الأفراد من ناحية المستوى الاجتماعي أو اللون أو الدين، فإن كلا منهم يتحمل المسؤولية ويحترم الآخرين ويتعاون معهم ويبدي رأيه بصراحة فكل ذلك يعد ممارسة للحياة الديمقراطية في مجتمع يمثل المجتمع الكبير كما يتم تعريف الأفراد ببيئتهم ووطنهم، لأن المخيمات تقام في أماكن متعددة من الوطن و يضيف فيصل أن المخيم الصيفي من اهدافه كذلك تنمية قدرة الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية وخدمة الآخرين و إكساب الفرد مهارات وخبرات جديدة، تجعله يقدر قيمة الأعمال التي يقوم بها الأفراد في حياتهم العادية مهما كانت بسيطة
تنمية مهارات ترويحية ذات قيم تربوية وصحية واجتماعية مؤكدا أن المخيم الصيفي يتيح الفرصة للفرد أن يتعلم عن طريق الممارسة والعمل، فالفرد في المخيم يتعلم عن طريق تفاعله مع المواقف التعليمية و تنمية القيادة الصالحة بين الأفراد، لأن فرص التدريب على القيادة لا توجد بشكل ملموس إلا في مجالات العمل الفعلية حيث تعد المخيمات من أكثر هذه الميادين فاعلية ويضيف الشاب فيصل المسعودي أن المخيم يعد كذلك فضاء للدراسة و اكتساب المعارف, لأنه يتيح الفرصة للفرد للدراسة وإجراء التجارب عن طريق الملاحظة والمشاهدة كما يتم ذلك داخل الورشات ( ورشة الابداع – الفن – المسرح – الندوات العلمية و الثقافية …) .
المخيم الصيفي 2017 المقام بأصيلة من طرف المرصد المغربي لنبد الارهاب و التطرف تميز بإدارة متمرسة من طرف المدير المسؤول رفقة رؤساء الجماعات المخيمة, الامر الذي جعله يحقق كل النجاح المنتظر منه ، سيما و أن الأنشطة اليومية كانت تنقل على مواقع التواصل الاجتماعي بالمباشر مما سهل على أسر المستفيدات و المستفيدين من المخيم متابع فلذات أكبادهم و الاطلاع على أحوالهم عن كتب ، و في هذا الجانب يكون مدير المخيم قد أبان عما يختزنه من قوة ابداعية على المستوى الاعلامي و التواصلي, بالاضافة الى ما يتوفر عليه من قدرات في تسيير و تدبير المخيمات الصيفية و تحمله لكل المتاعب في سبيل ارضاء و خدمة الأطفال بالمخيم الصيفي .
تسهم حياة المخيم في تعزيز الإيمان والقوى الروحية لدى الفرد عن طريق التأمل والتفكير في الطبيعة وخالقها، علاوة على احترام المظاهر الطبيعية واحترام الإنسان .
التنظيم الجيد يساعد المسؤولين على الإفادة من الإمكانات المادية والبشرية المتاحة، والتنسيق فيما بينها، والتغلب على ما قد ينشأ من صعاب، ويكون التنظيم موجها لتحقيق الأهداف المرسومة ، ومن هنا فإن التنظيم الجيد يضمن نجاح المخيم في تحقيق أهدافه لتطوير مهارة التعبير عن المشاعر كما يساهم في الزيادة بالوعي الذاتي عن طريق تنمية مهارة إدارة الوقت وكيفية الاستفادة من وقت الفراغ ولتحقيق هذه الأهداف, صمم المدير المسؤول عن المخيم برنامجا ليضمن لجميع المشاركين التفاعل بكافة الفعاليات بشكل متساوي من خلال زوايا عديدة يعبرون بها عن مشاعرهم بطرق مختلفة مثل الندوات الفكرية والثقافية، الأشغال اليدوية، الفنون، حلقات النقاش التي ضمت العديد من الفعاليات التي تساعد المشاركين على التعرف على ذواتهم ، حيث يتعرفون على المفهوم المعنوي للوقت, وكيف يتعاملون مع وقت الفراغ بطرق إيجابية تساعدهم على الإنتاجية والفعالية وبالتالي زيادة تقديرهم لذواتهم بشكل أكبر، ولقد ساهمت الأنشطة الترفيهية والثقافية بتحقيق أهداف المخيم ، حيث تضمن المخيم العديد من هذه الأنشطة مثل الرحلات الى مدينة أصيلة و مدينة طنجة و جماعة الهدارات ، زيارات للمناطق الأثرية والتاريخية مغارة هرقل و غيرها من المآثر الداخلية,حيث جندت لذلك حافلات لنقلهم ,و مساهمة من جمعيات و تعاونيات كتلك المتعلقة بتعاونية انتاج و تسويق الحليب لجماعة مطران باقليم سيدي بنور و الذي كان لرئيسها ( جماعة مطران ) و عمالة اقليم سيدي بنور وقع ايجابي في دعم و تشجيع الأطفال على الاقبال على المخيمات الصيفية, خصوصا تلك التي من شأنها أن تغرس فيهم القيم الفاضلة المتجلية أولا في حب الوطن و الاخلاص في خدمته , و من هنا وجب الاقتداء بهذه المبادرات الانسانية و الاجتماعية من طرف الجميع .مؤسسات و أفراد خدمة في تكوين جيل المستقبل الذي يعد عماد البلاد .
في نقاش دار بيني و بين أصدقائي ( عدنان حاد – بوشعيب الحرفاوي– نوفل المرس) بالمخيم الصيفي بأصيلة 2017 خلصنا الى خلاصة بعدما عشنا التجربة هناك ,أن المخيمات الصيفية تلعب دورا هاما في تنمية الطفل، فالنشاطات المنهجية التي يشرف عليها طاقم متدرب ومؤهل تلعب دورا كبيرا في تنمية مواهب الأطفال، من خلال العمل على تنمية الروح الاجتماعية للأطفال المشاركين، وتوسيع مداركهم الفكرية والعقلية. وتساهم المخيمات الصيفية في غرس الكثير من القيم الأخلاقية والاجتماعية ونشر روح العمل التعاوني الاجتماعي بين الأطفال، وتساعدهم في تعزيز التنشئة الاجتماعية لديهم، حيث تعمل على صقل شخصية الطفل، علما بأن اغلب الأطفال في عمر المراهقة، وهي فترة بحاجة إلى عملية صقل وبناء شخصية وثقة بالنفس. ويجب الإشارة إلى قضية مهمة جدا، أن المخيم الصيفي ليس بعيدا بأهدافه وبسياساته عن أهداف المدرسة وأهداف الأسرة، لو لاحظنا الخطط التي يتم وضعها من قبل القائمين على المخيمات الصيفية سنرى فيها انسجام وتوافق، بحيث تسعى في المحصلة النهائية إلى هدف استراتيجي، وهو تنمية شخصية الطفل وخلق مواطن صالح.

على سبيل الختم :

تكمن أهمية المخيمات الصيفية في توفير جو من المرح والسعادة للأطفال، فبعد مرور عام كامل من الدراسة وما يعانيه من مشاكل مدرسية ,سواء مع المناهج أو الأساتذة أو الإدارة المدرسية، حيث أن الضغط المدرسي يكون كبيرا جدا على كاهل الأطفال, من هنا تلعب المخيمات الصيفية دورا كبيرا في رسم البسمة على شفاه أطفالنا. ومن خلال المخيمات الصيفية يتم تعويد الطالب على استغلال واستثمار أوقات الفراغ، حيث أن سوء استغلال وقت الفراغ في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها قد تقود الطالب للتفكير ببعض السلوكيات السلبية، لذلك يتم توجيه الأطفال إلى سبل وآليات استغلال الوقت بصورة ايجابية ، وتكمن أهمية المخيمات في أنها تعمل على إشاعة جو من الديمقراطية بين المشاركين وتعويدهم على ممارسة هذا النهج الديمقراطي في حياتهم العملية، وذلك من خلال بند مهم جدا وهو التثقيف المدني، حيث يتم تناول مفهوم التثقيف المدني والمواطنة والديمقراطية والقانون وحقوق الطفل، ويعمل على خلق قيادات شبابية قادرة على تحمل المسؤولية، كما يتم تدريب المنشطين على كيفية التعامل مع الأطفال، حتى يلامسوا ثقافتهم وهويتهم الوطنية بأسلوب علمي بعيد عن التلقين، وإعطاء الأوامر والتعليمات، وذلك من خلال العصف الذهني والمشاركات الفعالة من قبل الأطفال في التمثيل وغيرها.


الكاتب : أحمد مسيلي

  

بتاريخ : 26/08/2017

أخبار مرتبطة

ربط القنيطرة بمراكش طرح المغرب مناقصة لإنشاء خط سكك حديدية فائق السرعة في إطار استراتيجيته التي تبلغ قيمتها 37 مليار

  في خطوة إجرامية تصعيدية أقدم «عضو» في شبكة لترويج المخدرات على استهداف عناصر أمنية بسلاح ناري فجر أول أمس

تمكنت عناصر الشرطة بولاية أمن مراكش، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أمس الثلاثاء، من توقيف ثلاثة أشخاص،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *