مدرسة المستقبل

هل ماتزال المدرسة المغربية كما كانت مصدرا مؤثرا على المجتمع ؟ أم ان مكانتها وبريقها قد خفت وفقدت اشعاعها التربوي. هل اصبحت المدرسة فعلا تكتفي وعن طواعية بكونها مجرد ممراجباري لتلقي المعارف والعلم والولوج الى التعليم الجامعي دون ان تترك اي اثر في تشكيل الشخصية…ثم هل لاتزال المدرسة تشكل مجالا ضروريا ووحيدا لاغنى عنه لتنمية القدرات العقلية والنفسية للتلاميذ؟.
تساؤلات كثيرة وأسبابها كثيرة كذلك..والموضوع شديدة الحساسية.
نحن اليوم امام اربعة أركان أساسية المدرسة بما تعنيه من فصول دراسية وخدمات وفضاء لتطبيق العملية التعليمية ومدرس مؤهل …وتلميذ ومنهج..انها الاطراف الاساسية للمنظومة التربوية والتعليمية التي لايمكن أن تتحقق بانعدام وجود احدها.اما اذا شابها القصور فإنه تنعدم جدواها بل تفقد المدرسة اعتبارها كمؤسسة تربوية ذات رسالة انسانية نبيلة.لكن كيف يمكن اخضاع هذه العناصر الاربعة :المدرسة،المدرس،التلميذ والمنهج في نسق منسجم لتحقيق الغاية من العملية التربوية والتعليمية. وماهي المقاييس  المطلوبة للحصول على اقصى ما يمكن من النتائج الايجابية؟
لاأحد يجادل في كون الهدف الاسمى للمدرسة يتمثل في اعداد التلميذ وتزويده بمهارات والاستثمار الواعي لكافة السبل والامكانات والتقنيات في تنفيذ فن طرق التعليم بواسطة كفاءات مؤهلة ومنهج دراسي متكامل ومترابط.
ان التأكد من فعالية التطور تتطلب تعاونا فعالا ومستمرا بين جميع المتدخلين في المنظومة التربوية وبمشاركة اولياء الامور والمجتمع وهذا يعتبر دعما كبيرا للمدرسة.
ان المدرسة التي نريدها ونأملها هي تلك التي تسعى الى اكساب التلميذ القدرة على التعامل مع الاخرين في ظل احترام مختلف الثقافات وتدريبه على استعمال اعلى مستويات مهارات التفكير الذهني والحركي من خلال منظومة انشطة مندمجة  منها الاندية التربوية كنادي القراءة ونادي الصحافة والشعر…..ويبقى الهدف الاسمى هو خلق انسان مثقف صاحب رسالة يوظف فكره ووجدانه وكل امكاناته.
ان المدرسة التي نريدها كذلك هي التي تنظم  ما يعرف ب:المناظرات بين التلاميذ في مختلف الاطوار الدراسية.هذه المناظرات الى جانب مساهمتها في غرس فضاء للحوار وتنمية اللغة  واكساب التلاميذ الشجاعة الادبية من خلال المواجهة المباشرة .فالمناظرات هي ايضا وسيلة فعالة للتدرب على تقبل الرأي الحر في مختلف قضايا الساعة دون تعصب.فالمدرسة التي نأملها هي المدرسة الديمقراطية والحاملة للمشاريع المفيدة والمنفتحة على محيطها.
علينا أن نعيد صياغة مفهوم المدرسة.فالمدرسة ليست مجرد فصول دراسية وحصص وإنما هي مؤسسة تعليمية وتربوية يفترص ان تساهم بفعالية في تشكيل هوية التلميذ وشخصيته ويتشرب  من خلال برامجها ودروسها وانشطتها وانديتها التربوية القيم النبيلة والمعارف المفيدة والسلوكات الحسنة .
* باحث تربوي


الكاتب : خليل البخاري

  

بتاريخ : 06/12/2018