مركز الظرفية يدعو إلى قانون مالية تعديلي يتضمن إعفاءات ضريبية لدعم الاستهلاك والمقاولات

أوصى بتحويل المساعدات الممنوحة للأسر إلى تعويض دائم عن البطالة

 

اعتبر المركز المغربي للظرفية أن تمديد حالة الطوارئ الصحية سوف يكون له عواقب وخيمة على النمو المخطط له لعام 2020 أو حتى لعام 2021. وهو ما جعل حاجة المغرب ملحة لتنفيذ استراتيجيات شاملة تساهم في تعافي الاقتصاد ودعم مناخ الأعمال، والبحث عن أنماط جديدة للإنتاج تسمح بالتأقلم مع هذا النوع من الأزمات على المدى الطويل ويساعد على تقديم دعم قوي للطلب.
بعدما تم تمديد تدابير الحجر لمدة ثلاثة أسابيع. وهو ما كان أمرا ضروريا يهدف إلى الحد من انتشار الفيروس وإنقاذ الأرواح وحماية صحة المواطنين، ارتفع الثمن الاقتصادي الذي يتعين دفعه والذي يصل حسب وزير الاقتصاد والمالية والإصلاح الإداري إلى مليار درهم لكل يوم إضافي من الحجر الشامل.
وبحسب دراسة حديثة، يقدر المركز الاقتصادي المغربي للظرفية (CMC) أن «تمديد حالة الطوارئ الصحية، حتى خلال هذه المدة المحدودة إلى حد ما، ستؤدي بالتأكيد إلى تفاقم وتيرة تراجع النمو المخطط له لعام 2020 وستعطل استئناف الأنشطة خلال النصف الثاني من العام لتعويض الخسائر الإنتاجية المسجلة خلال الأشهر الأولى من العام «.
ويضيف المركز أن «الصدمة الاقتصادية قوية جدًا، مثل الزلزال، بحيث تتجاوز آثارها هذه السنة التقويمية وسينعكس تأثير ارتداداتهاعلى الأداء الاقتصادي لعام 2021 والسنوات التالية».
وأوضحت الدراسة أن العواقب ستكون وخيمة، وللخروج من هذه الأزمة ، يصر المركز المغربي للظرفية على الحاجة الملحة لوضع استراتيجيات مناسبة. ومن ثم يقترح اتجاهين أساسيين: من ناحية ، بات من الضروري اعتماد تدابير وإجراءات استعجالية لمواجهة الصدمة العنيفة لهذه الأزمة ومحاولة سد الفجوة العميقة الناجمة عن توقف الأنشطة الاقتصادية، وفقدان الدخل وتفاقم البطالة. ومن ناحية أخرى، نحتاج إلى وضع رؤية جديدة ونموذج تنموي يأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من هذه التجربة المؤلمة ويضع خططا استراتيجية طويلة المدى تتسم بالتناسق والشمولية.

إجراءات وتدابير الطوارئ

إذا كانت المؤسسات الاقتصادية الدولية التي قامت بتقييم حجم الركود الاقتصادي قد توقعت انخفاض النمو في نهاية 2020 بحوالي ناقص 3.8٪ ، فإن المركز المغربي للظرفية قد قام بمراجعة تقديراته للنمو بشكل أكبر متوقعا انخفاضًا بناقص 4.3٪ للعام الحالي.
ووفقا لتحليل المركز المغربي للظرفية، فإن «الإجراءات التي يجب اتخاذها على وجه السرعة تبدأ أولا ، مثل ما هو الشأن في جميع البلدان، من خلال اعتماد سياسة ميزانية أكثر جرأة من المعتاد، وذلك من خلال قانون مالية معدل يخفف العبء عن الشركات و عن الأسر في استهلاكها المعيشي على أساس خطط انتعاش متناسقة «. وبشكل أدق، فإن المركز يوصي بزيادة ميزانية وزارة الصحة بشكل كبير كأولوية مطلقة والرفع من ميزانية القطاعات الاجتماعية، مع سن تخفيضات في الضرائب الاجتماعية وضريبة الدخل والوقف المؤقت لدفع بعض الضرائب، والسماح بإعادة الجدولة أو الدفع المؤجل للقروض المصرفية، وكل ذلك مع زيادة تعزيز الدعم من خلال خصم الرسوم على الأسعار التفضيلية للمدخلات الانتاجية في الزراعة (البذور والأسمدة وشراء المعدات الزراعية …).
وبناء على المجهود الذي تم بذله مع المنخرطين في نظام التغطية الصحية AMO وأولئك الذين هم خارج هذا النظام، سيكون من الممكن، يضيف المركز، تعميم التغطية الصحية على جميع السكان. من خلال الاستفادة أيضا من قاعدة البيانات الجديدة التي تم تحديثها والتي مكنت من توزيع المساعدات الاجتماعية، و أوصى مركز الظرفية أيضا بدراسة إمكانية تحويل هذه المساعدات الممنوحة للأسر منذ شهر يوليو إلى نظام دائم للتعويض عن البطالة.

رفع الحجر التدريجي

يرى المركز المغربي للظرفية أن رفع تدابير الحجر يمكن أن يتم حسب الجهات والمناطق بناءً على مستوى معدل تكاثر الوباء . وهكذا ، «بالنسبة لجميع المجتمعات التي يكون فيها Rt أقل من 0.5 ، فإن رفع الحجز سيظل ممكنا مع احترام الحواجز الصحية» ، ومع ذلك ، فمن بين 132 ألف شركة مهيكلة متوقفة عن العمل، «يمكن للشركات الموجودة في المناطق التي انتهى فيها انتشار كوفيد 19 أن تستأنف نشاطها بالفعل من خلال الاحترام الصارم لتدابير النظافة والوقاية والتباعد « .
وأوضحت الدراسة أن أولئك الموجودين في المناطق التي يقل فيها معدل تكاثر الفيروس Rt عن 1 يجب أن يستأنفوا أنشطتهم تحت شروط الوقاية الصحية وتعقيم المباني ومع مراقبة صارمة من قبل السلطات المحلية على أساس دوري. بالإضافة إلى ذلك، وفي ما يتعلق بالوحدات الإنتاجية الواقعة في مناطق الخطر (Rt> 1) والتي يفي إنتاجها بالحاجة، ينصح المركز المغربي للظرفية بإعادة إطلاق أنشطتها بشرط استمرار المتابعة من قبل خلية المراقبة التي تحددها السلطات المحلية المختصة.
أما بالنسبة للمدارس والجامعات والمقاهي والمطاعم ودور السينما والأنشطة الثقافية والرياضية الأخرى فإن المركز يعتبر أنه من الضروري الانتظار حتى منتصف يونيو، إذا نجحت هذه المرحلة الأولى من رفع الحجر. وبالنسبة للمناطق القروية الأقل تأثرا بالوباء بسبب انخفاض الكثافة السكانية نسبيا، يوصى المركز برفع الحجر الصحي للسماح للمزارعين بالبحث عن أنشطة للتعويض عن فقدان الدخل الناجم عن الموسم الفلاحي السيء.

استراتيجيات متوسطة وطويلة المدى

وتمهيدا لوضع هذه الاستراتيجيات، دعا المركز المغربي للظرفية إلى ضرورة تسريع عمل اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التي ستحدد نتائجها الخطوط العريضة للمشروع المجتمعي المطلوب بدقة وتفاصيل أكبر. ومع ذلك، تصر دراسة المركز المغربي للظرفية على أهمية إعطاء الأولوية للقطاعات الاجتماعية، خاصة أن «الدروس المستفادة من انتشار «كوفيد 19» أظهرت بشكل صارخ أن المغرب لم يكن مسلحا بما يكفي لدرء هذا النوع من الأوبئة. ولقياس أوجه القصور الموجودة في نظامنا لحماية المواطنين ورفاههم «، وقال المركز إن» الاستراتيجيات المقترحة يجب أن تدمج كأولويات أساسية في تنمية القطاعات الاجتماعية: الصحة والتعليم والتوظيف والضمان الاجتماعي والمجالات الأخرى ذات الصلة «. كما أن البحث والتطوير له مكانته في رؤية المركز لرفع وتيرة النمو كما هو الشأن في الدول الناشئة، داعيا إلى مصالحة اجتماعية متناغمة وتقاسم عادل لرأس المال والعمل في شكل عقد اجتماعي أو اتفاق جماعي منسق بين أصحاب المصالح (العمال والشركات والنقابات والدولة).

التنمية القروية

حظي العالم القروي بزاوية هامة في دراسة المركز المغربي للظرفية وقال «إن الأولوية هي توفير سياسة تنموية للعالم تشكل قطيعة مع ما تم إنجازه حتى الآن». وأوضح : «يجب أن تؤدي إلى تصالح بين الإنسان والبيئة وإنتاجية الأنشطة الاقتصادية المستدامة. يجب أن تستفيد مساحة العيش هذه، التي يتم قياس أهميتها حسب سكانها والأراضي التي تشغلها، من جميع إمكانيات الولوج من حيث الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية التي من المحتمل أن تخلق جاذبية العالم القروي. وإبقاء السكان هناك بل وعكس اتجاه الهجرة بمرور الوقت «.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 01/06/2020