مركز الظرفية يرسم صورة قاتمة عن واقع المقاولة المغربية : ضعف التمويل والابتكار و ثقل الضرائب .. عوامل تهدد الشركات الناشئة بالافلاس

 

قال المركز المغربي للظرفية إن المقاولة في المغرب، لاتزال تعيش العديد من الإكراهات التي تحد من انتاجيتها و تكبح تطورها وتحد من قدرتها على الصمود .
وأوضح المركز في أخر تقرير أصدره حول حصيلة السنة المالية 2017 وأفاق 2018 و2019 أنه بالرغم من المجهودات التي قامت بها الدولة في السنوات الأخيرة، للرفع من قيمة المقاولة المغربية وزيادة تقوية فضاء الأعمال المتواجدة فيه، إلا أنها ما فتئت تواجه عدة إكراهات تتمثل في صعوبة الولوج الى القروض التمويلية والشح في القدرة الإبداعية والابتكارية، وكذا عدم توفر الدعم المالي للأبحاث، والمنافسة القادمة وبقوة من القطاع غير المهيكل، وارتفاع التكاليف المتعلقة بالإنتاج لاسيما أجور اليد العاملة، بالاضافة طبعا إلى الظواهر التي تدخل في دائرة الفساد الإداري و المالي.
ولعل ما يؤرق بال المقاول المغربي بالدرجة الأولى، هو مشكل الولوج إلى التمويل، إذ يؤثر سلبا على المقاولات الناشئة والصغيرة.
فقد أكد التقرير أن حجم القروض الذي تقدمه الأبناك لخلق المقاولات، تراجع خلال الفترة مابين 2002 و 2017، من 53 في المئة ليقف عند عتبة 39 في المئة، أي ما يعادل انخفاضا بنسبة 14 نقطة علما بأن مساهمة الأبناك في المقاولات مابرحت هي المهيمنة.
وبالموازاة، فقد ارتفعت القروض المخصصة للقطاع العام بانتقالها من 3 في المئة خلال 2002، إلى 8 في المئة خلال 2017، بزيادة 5 في المئة. وبالنسبة للقروض الموجهة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، فهي لم تتجاوز عتبة 20 في المئة من حيث القروض، رغم الجهود المبذولة منذ 2013 لتمويلها، فالمقاول يضطر عادة الى الاعتماد على أمواله الخاصة لتقوية رأس المال الشركة.
ومن بين العقبات التي تواجه المقاولة المغربية ،يضيف التقرير، ما يتعلق بالضعف المسجل على مستوى القدرة الإبداعية والابتكارية، بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي (FEM) لـ 2017-2018.
فبخصوص المقاولة المغربية، يلزم التنبيه إلى أن نفقات المخصصة للبحث والابتكار، لا تتجاوز 0,8 في المئة من الناتج الداخلي الخام، كما أنها تمول بنسبة 73 في المئة من طرف القطاع العام، وبنسبة 22 في المئة فقط من طرف القطاع الخاص، وبنسب 3 و2 في المئة من طرف الشراكات والمستثمرين على التوالي.
أما بالنسبة لدول ككوريا الجنوبية، فالنسبة توازي 4,3 في المئة من الناتج الداخلي الخام، و4,1 في المئة بالنسبة لإسرائيل و 1,2 في المئة بالنسبة للبرازيل.
وكشف التقرير أن سوق براءات الاختراع بالمغرب، يهيمن عليه الأجانب. فقد عرف خلال 2016 تسجيل براءات اختراع بنسبة 55,27 في المئة من طرف الجامعات، 27 في المئة من طرف المخترعين الأشخاص، 10,13 في المئة من طرف مراكز الأبحاث، وفقط 8,86 في المئة من طرف المقاولات.
ونبه التقرير إلى أن مدة سداد القروض من طرف المقاولات، قد تضاعفت ب4,6 مرات ما بين 2007 و 2017، كما تمثلت نسبة المقاولات التي أعلنت إفلاسها 40 في المئة.
ومن جهة أخرى، فإن ندرة عوامل الإنتاج، لعبت دورا مهما فيما يخص قدرة المقاولات على الصمود، والتي تلمس القدرة على استقطاب اليد العاملة للمقاولة، إذ أن نسبة 61,3 في المئة من الشغيلة خلال 2015، لم تمتلك شهادات مؤهلة للحصول على الوظيفة، كما أن المغرب يوفر7 آلاف منصب شغل مؤهل، وهو عدد لايستهان به مقارنة ب100 ألف مجاز كل سنة من الجامعات المغربية، وفق إحصائيات أجريت نهاية نونبر 2017، ما جعل المغرب يحتل الرتبة 120 في دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي لسنة 2017-2018.
ويبقى العبء الضريبي مرتفعا جدا، مقارنة بالدول المجاورة، رغم المحاولات الجدية للخفض منه. فبحسب مكتب «Ecofin» فإن هذا المعدل يوازي 49,3 في المئة بالنسبة للمقاولات المغربية، ما يضعها في المرتبة 38 من أصل 53 افريقيا، و بالنسبة للقطاع غير المهيكل، فهو يحظى بنسبة 11,5 في المئة من الناتج الداخلي الخام، الذي يعيق نمو المقاولات المغربية كما يضغط على البيئة الاستثمارية.
ومن خلال دراسة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، فإن هذا القطاع يشكل نسبة 20 في المئة من الناتج الداخلي الخام، بزنة 10 في المئة من واردات القطاع المهيكل.
وحسب دراسة لسنة 2016، فقد انتقل عدد الوحدات المنتجة من طرفه، من 1.55 مليون وحدة خلال 2007، إلى 1,68 وحدة خلال 2013 أي بزيادة 8,4 في المئة.
ويشكل الفساد الإدراي والإجراءات الإدارية المرهقة المترتبة عنه، تكاليفَ إضافية لاتقوى على تأديتها المقاولات المغربية.
وقد خلصت عدة مراكز أبحاث ودراسات دولية إلى أن مقاولة مغربية واحدة من أصل خمسة، تتحدث عن الفساد باعتباره المعيق الأول لبدايتها، مقارنة بنسبة 8 في المئة فقط من المقاولات المتواجدة في منطقة الشرق الأوسط. وبالرغم من تحسين المغرب لنتيجته ب9 نقاط مابين 2016 و2017 عالميا ضمن مؤشر مدركات الفساد، ومنتقلا من الرتبة 90 إلى 81 في 180 بلدا، إلا أن الفساد مازال كابوسا يؤرق المقاولة المغربية.


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 16/07/2018