مشروع قدم لجلالة الملك تحول إلى «كلسة» لمواد البناء

الملعب الكبير بتطوان مشروع ملكي ينتظر فقط الإعلان الرسمي عن وفاته

 
بات في شبه المؤكد أن الملعب الكبير لمدينة تطوان سيعرف نفس مصير مشروع المركب الرياضي لمدينة تطوان، الذي أدرج في ملف ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم 1994، والذي قدم في حينها للجنة الفيفا كمجسم فقط، بإحدى البقع الفلاحية بمدخل مدينة مارتيل، حتى أصبح أضحوكة يتداولها الشأن الرياضي بالمدينة.
الملعب الكبير لمدينة تطوان، الذي اختير له منطقة الملاليين على بعد فراسخ من مدينة تطوان، أصبح اليوم سرابا رياضيا، بفعل توقف الأشغال بصفة نهائية، حيث تحول المشروع إلى ورش للتخزين ولتصنيع مواد البناء وإعادة بيعها، هذا إلى جانب إتلاف وبيع مجموعة من المعدات والآليات التي كانت تابعة للمشروع، مما يؤكد أن حلم الملعب الكبير لمدينة تطوان دخل مرحلة الموت السريري، وينتظر فقط الإعلان رسميا عن تاريخ الوفاة من طرف الجهات الرسمية.

في البدء كان الحلم

إن الملعب الكبير لمدينة تطوان، والذي يعد أحد محاور الشق الاجتماعي للبرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والحضرية لمدينة تطوان 2014 – 2018، والذي وقع أمام جلالة الملك محمد السادس بمدينة تطوان يوم 12 أبريل 2014، رصد له 5،5 مليار درهم، بل أكثر من ذلك قام جلالة الملكب إعطاء انطلاقة الأشغال به يوم 20 أكتوبر 2015، وذلك بغلاف مالي إجمالي قدره 700 مليون درهم، على مساحة تقدر بـ 36 هكتار، حيث كان مبرمجا أن تبلغ طاقته الاستيعابية 40 ألف و410 مقعدا، منها 400 مقعد مخصص للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى 4 ملاعب للتداريب ومنصة رسمية وفضاءات للاعبين والحكام ومركز للصحافة ومرافق للإدارة والفيفا، بالإضافة إلى فضاءات ومرافق أخرى، حيث استبشر المهتمون بالشأن الرياضي والتنموي بهذا الصرح الرياضي الذي تفتقده المدينة، عندما انطلقت الأشغال به سنة 2017.
هذا الحلم أصبح كبيرا عندما قامت لجنة ترشيح المغرب لاحتضان مونديال 2026، يوم 15 مارس 2018، بمدينة زيوريخ، بإدراج الملعب الكبير لتطوان ضمن الملاعب 12 بالمغرب لاحتضان هذا العرس العالمي «الموؤود»، مما دفع بالمجلس الجماعي لمدينة تطوان إلى عقد دورة استثنائية فوض لرئيس المجلس فيها صلاحية التوقيع مع مصالح وزارة الشباب والرياضة والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ولجنة ترشيح المغرب لاحتضان نهائيات كأس العالم 2026، اتفاقية بين مدينة تطوان، حيث وضع رهنها ملعبا سانية الرمل والملعب الكبير بتطوان ومطار سانية الرمل ومختلف التجهيزات لأجل إنجاح هذا الحدث الرياضي الذي تبخر بدوره.
مباشرة بعد ذلك تم تغيير التصميم النهائي للملعب الكبير بتطوان، حيث عمدت لجنة ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم إلى اقتراح تغيير الطاقة الاستيعابية للملعب من 40810 متفرج إلى 62 ألف متفرج، وذلك من أجل ملاءمة ملف الترشيح مع دفتر تحملات الفيفا، ليدخل المشروع دوامة أخرى، بل ونفق السكتة القلبية الموعودة.

مشاكل تعترض المشروع

بالإضافة إلى مشكل تغيير الطاقة الاستيعابية التي فرضت على مسؤولي وزارة التجهيز توقيف المشروع من أجل تغيير التصاميم والإجراءات المسطرية والإدارية وكذا التقنية لملاءمتها مع الطاقة الاستيعابية الجديدة، اعترضت الشركة الإسبانية، التي رست عليها صفقة حفر الأتربة وتسوية البقعة الأرضية التي سيبنى عليها مشروع المركب الرياضي، مشاكل تقنية وجيوهيدرولوجية، حيث استعصى عليها تسوية أرضية الملعب، بل واجهها مشكل تدفق المياه من باطن الأرض، مما يؤكد أن الدراسات التقنية الأولية كانت معيبة وغير واقعية، وهو الأمر الذي دفع بالشركة الإسبانية إلى الانسحاب من الصفقة نظرا للخسائر التي تكبدتها، بفعل عدم تمكنها من وقف تدفقات المياه الباطنية، والتي أتلفت جميع التجهيزات والأشغال التي قامت بها.
إفلاس الشركة الإسبانية وتغيير التصاميم وبطء الأشغال كان سببا في انسحاب الشركة التركية الشريك الثاني في المجموعة التركية المغربية التي تكلفت بتشييد المشروع، حيث عمدت الشركة التركية إلى بيع تجهيزاتها ومعداتها التي كانت تنوي استغلالها في ورش بناء الملعب الكبير بتطوان، وتركت الشركة المغربية لحالها تتخبط في متاهات المشروع، سيما وأن الشركة المعنية تم النفخ فيها من أجل الظفر بهذا المشروع، الذي يفوق إمكانياتها التقنية والمادية.
ولأن المشاكل لا تأتي فرادى، فقد طفى على السطح إبان إنجاز المشروع فضيحة أخرى عندما  اتهم المهندس المعماري الإسباني كارلوس لاميلا، شركة الهندسة المغربية المكلفة بمشروع المركب الرياضي الكبير بتطوان بسرقة التصميم الخاص بالملعب.
وكان مكتب الدراسات الهندسية الشهير في إسبانيا قد قرر اللجوء إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» طلبا لتدخله في النازلة، التي يتهم من خلالها المهندس المغربي بـ «السطو» على مجهوداته ونسبها إليه، وقد أفاد مستشار كارلوس لاميلا، مدير المكتب بأن المهندس المغربي استحوذ على المشروع، رغم أنهما كانا شريكين في إنجاز تصمميه وفازا بصفقته معا.
لقد اتهم المهندس الإسباني كارلوس لاميلا، الذي يعتبر واحدا من أشهر المهندسين المعماريين في إسبانيا، حيث سبق له أن أشرف على توسيع ملعب سانتياغو بيرنابييو وملعب مايوركا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسبانية، أن المهندس المعماري المغربي «بخات» قام بسرقة تصميم الملعب، هذا الأخير نفى في تصريح خص به وسائل إعلام مغربية «اتهامات» المهندس الإسباني.

الكرة في ملعب والي الجهة

من الملفات التي باتت تؤرق والي جهة طنجة – تطوان –الحسيمة ملف الملعب الكبير لتطوان، بل وبحسب مصادر مقربة منه، فإن هذا الملف تكفل به شخصيا نظرا لخطورته وحساسيته، خاصة وأن «أسماء غليظة» ساهمت في صياغة هذه الأكذوبة، انطلاقا من اختيار موقع ومكان المشروع وكذا اختيار المقاولات، مرورا بالترويج وتسويق هذا المشروع الرياضي.
كما يتخوف الوالي من غضبة ملكية مرتقبة، خصوصا وأن المشروع قدم بين أيدي جلالته وتم إعطاء انطلاقة أشغاله من طرف جلالته منذ حوالي خمس سنوات ولم تتخط نسبة الأشغال به حاجز 10%، بل وانسحبت جميع الشركات المكلفة بالمشروع، ومنها من أعلنت إفلاسها، وتحول ورش المشروع الملكي إلى مكان لتخزين وخلط الإسفلت و»البيطون».


الكاتب : مكتب تطوان

  

بتاريخ : 21/02/2020

أخبار مرتبطة

  جيلنا أكثر ذكاء من الذي سبقه، قالها مارتن كوبر مخترع الهاتف المحمول. وأضاف منبها « اتركوا هواتفكم وعيشوا !»

تشكل الذكرى الـ 66 لاسترجاع طرفاية إلى حظيرة الوطن، محطة بارزة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الاستقلال وتحقيق الوحدة

النظام الداخلي بعد صدور قرار المحكمة الدستورية رقم 17/65 بتاريخ 30 أكتوبر 2017 المادة 23 يتألف مكتب مجلس النواب من:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *