مغاربة أوروبا: أوروبيون من أصل مغربي، الجنسية المزدوجة والمواطنة كاملة

“هذا الموضوع حول الجنسية المزدوجة، هو موضوع جديد، ومرتبط بالأحداث التراجيدية التي عرفتها فرنسا في باريس في شهر نونبر الأخير.وأجواء التضامن مع ضحايا هذه العمليات الإرهابية، والنقاش الذي جاء بفرنسا على مزدوجي الجنسية، هو بسبب ،الانتماء المزدوج لجزء من مقترفي هذه العمليات، وفي النقاش الذي عرفته فرنسا، تم –فقط- الاحتفاظ بالجانب السلبي. من هنا يقول صلاح المانوزي رئيس الجمعية الفرنسية المغربية بين الضفتين-جاء مشروع وضع نزع الجنسية الفرنسية من أصحاب مزدوجي الجنسية بالدستور الفرنسي”،مضيفا”أن هذه القضية أصبحت مطروحة من طرف كل مكونات المجتمع الفرنسي بما فيها الإعلام .
ويتحدث علي بادو -وهو منشط أحد برامج كنال بليس- عن أن ازدواج الجنسية الذي كان أمرا إيجابيا،اليوم أصبح مشكلا. إذ هناك شخصيات سياسية تحمل الجنسية المزدوجة، ولها مسؤوليات مهمة بأوروبا مثل خديجة اعريب التي تترأس البرلمان الهولندي ومريم الخمري التي تتحمل مسؤولية بالحكومة الفرنسية كوزيرة للشغل.
وفي هذه الندوة، يقول المانوزي “حصرنا النقاش حول الأوروبيين من أصل مغربي، والذين يشكلون حوالي أربعة ملايين نسمة..كما حرصنا على طرح هذا الإشكال من الضفتين بحضور ممثلين عمن مختلف البلدان الأوروبية وحضور جمعيات من المغرب”.
وأشاد عبد الرحيم لغبابرة ، الذي نشط هذه الندوة، بهذا التطور الذي يعرفه مغاربة أوروبا، والدور الذي أصبح يلعبه شباب الهجرة اليوم، والمسؤوليات التي يتحملها، وما يعكسه العدد الكبير من الشباب من أصول مغربية، والذي يلعب دورا في الحياة السياسية، رغم الصعوبات والمشاكل التي تعترضه، ورغم ذلك، يظل حاضرا، ويؤدي دورا في الحياة السياسية بهذه البلدان .
واعتبرت حبيبة بغدادي- نائبة عمدة مدينة نانتير ومكلفة بقضايا الصحة بالمدينة- أن “العديد من المواطنين بفرنسا لهم جنسيات متعددة، وهناك بعض البلدان، مازالت تمنع هذا الإزدواج في الجنسية في أوروبا، وهناك بلدان أخرى، كانت تمنع هذا الازدواج.. وأن فرنسا تسمح بالمشاركة السياسية لمزدوجي الجنسية في الحياة السياسية، من غير أن يكون هناك مانع في حالة التوفر على جنسيات أخرى. وهناك أكثر من 5 في المئة من الفرنسيين لهم أكثر من جنسية. وهناك 50 في المئة من الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية يحتفظون بجنسيتهم الأصلية. وفيما يخص علاقتها بالمغرب، تقول- “أشعر عن طريق آبائي أنني مرتبطة ببلدي الأصلي، من خلال نموذج والديّ اللذين يرتبطان بالمغرب من خلال الثقافة، ومن خلال عاداتهم في مساعدة الآخر، خاصة ما كانوا يقومون به في البلد لصالح العائلة. وهو ما جعلني أنخرط في منظمات الدفاع عن الحقوق بفرنسا، ومساعدة الأجانب في اكتساب حقوقهم، وكذا النضال من أجل الحقوق.وفي مايخص قضية المواطنة بفرنسا ، فإن العيش في هذا البلد، هو دائما يدفع بك إلى هويتك وأصولك.”
وذكر بيرنار ديلموت رئيس منظمة الهجرة والحقوق المدنية، فيما يخص المواطنة في أوروبا، بالجانب التاريخي، مضيفا “أنه تم التوقيع على اتفاقية بين البلدان الأوروبية سنة 1963 وأنها كانت تمنع ازدواج الجنسية، وهذه المسألة، طرحت من أجل قضية الخدمة العسكرية، وكيف يمكن الجمع بين الانتماء إلى بلدين. وألمانيا كانت من البلدان التي تمنع الجنسية المزدوجة حتى سنة 2000 .وسمحت ألمانيا للأتراك بالحصول على الجنسية الألمانية مقابل التخلي عن الجنسية التركية. ولكنها اليوم تغيرت، وأصبحت تقبل بالواقع ألا وهو ازدواج الجنسية. لكن هذا الازدواج في الجنسية، هو غنى بالنسبة لهذا البلد”.و أضاف ديلموت ” كيف هناك إرادة في إدخال سحب الجنسية في الدستور الفرنسي اليوم، رغم صعوبة حصول ذلك، في حين لم يتم إدخال حق تصويت الأجانب في الانتخابات المحلية بفرنسا، وهو حق يوجد بالعديد من البلدان الأوروبية، والأغلبية الحالية بفرنسا كان بمقدورها ذلك، ما بين 2011 و2014 ، حيث كانت لليسار أغلبية بالمجلسين.وكيف أننا اليوم، لا نشرك الأجانب المقيمين بفرنسا، منذ أكثر من عدة عقود بالمشاركة في الحياة المحلية.
وتدخل محمد المباركي -مدير الهجرة والصحة- باسطا القضية الثقافية وقضية القبول بالآخر، فقبول الأجنبي وقضية المواطنة هي قضية المواطنة الكاملة، وكيف –يقول- نطرح هذا الجانب الإيجابي؟ وكيف نبحث عن التحالف بدل البحث عن الصراع؟ وركز في مقاربته على”هذا الغنى الثقافي الذي يتمتع به المهاجر، وكيف أن بعضنا منقسم بين ثقافتين: بين ابن عربي ونتشه، أي التواجد بين ثقافتين.”
وطرحت الزوهرة دراس -وهي مستشارة جهوية- قضية أحكام القيمة الموجودة حول المرأة في الهجرة المغربية ،وان المرأة في المنزل والرجل في العمل. “بدايتي-تقول- كانت في العمل الجمعوي ، فقد كنت أشتغل مع النساء والأطفال. وأحاول أن أكسر هذه الصورة من خلال التواجد بالميدان.واشتغلت في هذا الميدان منذ عدة عقود. والتزامي بالعمل السياسي والتقدم إلى الانتخابات، جاء تلقائيا من خلال العمل الميداني، الذي كنت أقوم به، والعمل الدؤوب بالميدان، ونجاحي في الانتخابات وتجاوب المواطنين معي، كان بمثابة تتويج ورد لهذا الجميل، خاصة اأنه تم التصويت علي بنسبة 67 في المئة.”
وذكرت فاطمة الزهرة بوقيسي –التي تمثل في هذه الندوة المغرب بقانون المواطنة بالمغرب، وبالإصلاح الذي عرفه قانون الجنسية المغربي، والذي أهم ما فيه هو السماح للمرأة المغربية بمنح الجنسية لأبنائها، وهو الأمر، الذي كان مستحيلا في القانون القديم. أما اليوم فالقانون المغربي، أصبح يتضمن العديد من البنود ،فيما يخص طريقة الحصول على الجنسية بالنسبة للأجانب، أو في ما يخص فقدان الجنسية من طرف المغاربة، الذين لهم جنسيات والحالات التي يتم فيها ذلك.
وتقول فاتن شهير- وهي طالبة ترى أنها فرنسية ومغربية في الوقت نفسه، وأن انتماءها الهوياتي انتماء متوازن، بفضل-تقول-” تربيتي العائلية، وهو ما جعلني أكثر توازنا، وقد كنت محظوظة،إذ تربيت تربية بين الثقافة المغربية والفرنسية.
واختتم هذا اللقاء بأمسية فنية للتراث المغربي، وكذا بمساهمات لشباب اميان من خلال مقاطع لراب وسلام، وهي أشكال فنية سائدة في أوساط الشباب الفرنسي.


الكاتب : يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 10/08/2017