مقتطفات من تاريخ الحركة الوطنية يرويها المقاوم امحمد الظاهر 25 مقتطفات من تاريخ الحركة الوطنية يرويها المقاوم امحمد الظاهر

قبل رحيله إلى دار البقاء ألف حول الحركة الوطنية بالمدينة القديمة، تحت عنوان ثنايا الذاكرة، إنه المناضل الكبير الغيور على وطنه المرحوم ذ. امحمد الظاهر، فمن هي هذه الشخصية البارزة، التي قاومت الاستعمار الفرنسي مع زمرة من المقاومين الذين نقشوا
تاريخ الحركة الوطنية بمداد من الفخر والعز والكرامة؟
ولد سنة 1931 بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، وفي أول خطوة له، نحو التمدرس التحق بالكتاب القرآني، فحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، بعدها التحق بالمدرسة العبدلاوية، حيث نال الشهادة الابتدائية، تم تابع دراسته بجامعة القرويين بمدينة فاس، وبها أدى القسم على يد الشهيد عبد العزيز بن ادريس العمراني الحسني رحمه الله ،بعدها انتقل إلى مؤسسة عبد الكريم لحلو بالدار البيضاء، إلا أن القرار الجائر الذي أصدره المقيم العام الجنرال جوان حال دون حصوله على شهادة البكالوريا، فالتحق بالتعليم الرسمي كمدرس للغة العربية بالدار البيضاء لحزب الاستقلال، ومنها مباشرة إلى صفوف المقاومة المسلحة المغربية .اعتقل يوم 16 يونيو 1963 بمقر الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالدار البيضاء، مزج بين النشاط الوطني والسياسي والعمل الجمعوي خلال مسيرة الجهاد الأكبر بعد الاستقلال، فحصل على الوسام الوطني لأطر ومسيري بناء طريق الوحدة من طرف الملك المحرر المغفور له محمد الخامس، وساهم في بناء »الاتحاد الوطني للقوات الشعبية«، حيث انتخب عضوا ضمن الكتابة المحلية لفرع المدينة القديمة، وعضوا في اللجنة المركزية بالدار البيضاء .انتخب نائبا برلمانيا بالدائرة الثانية لعمالة الدار البيضاء في أول برلمان يشهد النور على يد المغفور له الحسن الثاني. أنعم عليه جلالة الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، كما حصل على الدرع الوطني من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وحظي بتكريم من طرف مؤسسة الزرقطوني للثقافة والأبحاث.

كانت أولى العمليات المسلحة التي نفذتها المنظمة السرية.بعد أحداث 20غشت التي انتهت بخلع محمد الخامس بواسطة الفدائي الجرئ. الحسين سرحان. الذي اطلق اول رصاصة للمقاومة المسلحة بالدار البيضاء يوم الجمعة 4 شتنبر 1953 استهدفت الجاسوس العربي المسكيني الذي كان يعرف الكثير من الوطنيين ويشكل خطرا على تنظيمات المقاومة. فكان استئصاله امرا ضروريا وازاحته من الساحة تستوجب التعجيل وسرية التنفيذ قبل ان يستفحل امره. وتلتها في اليوم الموالي العملية الثانية التي أودت بحياة امحمد بنيس ليلة يوم السبت 5 شتنبر بالمدينة القديمة بالقرب من »عرصة الفرنسيس« سابقا. فكانت ثاني عملية نفذت في مسيرة المقاومة المسلحة . وأول رصاصة أطلقتها بالمدينة القديمة. وأول الغيث قطرة. كان امحمد بنيس شابا مثقفا وسيما جريئا وطموحا. ينحدر من أسرة طيبة ومحافظة. لها وزنها الاقتصادي والاجتماعي في الاوساط البيضاوية تقدر حسن الجوار وتحافظ على العلاقات المتميزة مع الآخرين. اشتهرت بتجارة الجلد وصناعة الاحذية مما خول لها مركزا اساسيا لابأس به. تعرض لحادثة تصادم مع ثلة من الاوروبيين بسينما »أ.ب.س« وهو برفقته خليلته الفرنسية. فكان طبيعيا ان يتحداهم ليدافع عن كرامته وليؤكد رجولته امام مرافقيه. ودخل معهم في صراع حاد وعنيف. انتهى بالقبض عليه من لدن البوليس. وبعد ان نال من خصومه مبتغاه. وأحيل على المقاطعة الأولى ببوسمارة. التي كانت في حالة مداومة. وينتهزها الكمندان روسو رئيس المقاطعة وضابط الشؤون الاهلية فرصة سانحة ليتدخل من أجل كسب عميل متميز. فيه جميع المواصفات التي كان ينشدها في متعاون من هذا النوع. ويغريه ويمنيه منوها برجولته وشهامته. فيقع في شباكه نتيجة هذا الثناء المغري المشحون بسم قاتل. مؤكدا له أنه حر طليق لا متابعة ولا تقديم ولا محاكمة. ولاهم يحزنون. مانحا اياه »الورقة البيضاء« التي كانت بمثابة التزام فرض عليه في ظروف قاسية. فلم يستطع التخلص منه. وليكون بداية تحول في حياته. من شباب كان يكره عميل الاستعمار ويبغضه بغضا شديدا شأنه شأن شباب زمانه التى أعقبتها العملية الاستشهادية الجريئة التي قام بتنفيذها الشهيد علال بن عبد الله يوم الجمعة 11 شتنبر 1953 بساحة المشور الملكي بجوار مسجد أهل فاس. التي كشفت القناع عن الافتراءات الكاذبة والمزاعم المفتعلة التي اعتمدتها الادارة الاستعمارية لتضليل الرأي العام الفرنسي حول حقيقة »السلطان« الذي نصبته ضدا على إرادة الشعب. استعمل فيها الشهيد سيارة من نوع »فورد« رمادية اللون تحمل رقم 2460 المغرب وصنع 1939 اشتراها من ماله الخاص رغم امكانياته المتواضعة واصطحب معه سكينا من الحجم لكبير. تربص للسلطان المزعوم بجوار المسجد وانتظر الموكب الملكي وعندما لاح له ابن عرفة. دهس حصانه واسقطه ارضا فتهشمت يده وهم بالاجهاز عليه الا ان الضابط الفرنسي »كينغ« رئيس الحرس الملكي اعترض سبيله وتمكن علال من اصابته في كتفه غير ان شرطيا في لباس مدني اطلق عليه عيارات نارية وأصابه بست رصاصات قاتلة. فكان البطل الجريئ علال بن عبد الله اول شهيد في طليعة ثورة الملك والشعب.
وذكر. ذ. عبد الله رشد في كتابه »”كفاح المغاربة في سبيل الاستقلال والديمقراطية«” ص 63 »ان الشرطي القاتل المسمى محمد بن الهواري امانة. هو من أصل جزائري. كان يقطن في حي العكاري الذي يسكنه الشهيد علال بن عبد الله ويتعارفان. وفي يوم العملية لم يكن الشرطي مكلفا بأنه مهمة. فهل الصدفة أوجدته بالقرب من مكان الحادث؟ يبقى السؤال بدون جواب. فالشرطة الفرنسية قامت باستجواب الشرطي التابع لها بضعة ايام ثم سمحت له باستئناف العمل. وبعد الاستقلال لم يغادر هذا الشرطي المغرب كما فعل عملاء الاستعمار المعروفون. وبرهن على بلادة نادرة حينما تلقى بغبطة نبأ ترقيته وتعيينه في جنوب المغرب ولم يكن يدري بأن المسؤولين يخططون للتخلص من شخص يحرجهم وجوده في ادارة الامن وكلهم يعرفون انه قاتل علال بن عبد الله.


الكاتب : إعداد: محمد تامر

  

بتاريخ : 19/08/2017