من يقف وراء «تخلف» المستوى التعليمي للتلميذ؟

أتساءل وأنا أضع مقارنة بين التعليم في سنوات مضت والتدريس في الوقت الحالي، ماذا تغير بين المرحلتين، هل الأساتذة؟ أم المناهج؟ أم التلاميذ؟ أم ماذا؟.
تلميذ اليوم يظهر أنه تخلف عن مستوى مثيله في سنوات الثمانينيات، بحيث أنه أصبح ركيكا في خطه، ضعيفا في حجم معلوماته ومفاهيمه الدراسية، ولا يقوى على المجادلة المبنية على أسس تعليمية مضبوطة.
هناك من التلاميذ، وهم كثر، حتى في مستوى الإعدادي والثانوي يجدون صعوبة في قراءة النصوص الفرنسية، وبالأحرى الحديث السليم بها..
الشيء نفسه، بالنسبة للغة الأم، العربية، فكثير من التلاميذ لا يفقهون قواعد الإعراب والصرف والتحويل، وغيرها من الأبجديات الضرورية في لغة الضاد.
هذا الاتجاه حقيقة يعتبر معاكسا إلى أقصى حد لما كان عليه الأمر في السنوات الماضية، فالأساتذة بدورهم كانوا يجدون صعوبة في مجاراة إيقاع القسم الذي يتسم بالتنافسية والندية بين التلاميذ، إلى درجة أن المدرس يضطر إلى الإعداد الجيد وجمع أكبر عدد ممكن من المعارف والمعلومات، التي قد يجدها محل سؤال للتلاميذ النجباء في القسم، الذين يشكلون القاعدة، أي أن أكثر من 60 في المائة، من التلاميذ كان مستواهم الدراسي بين لا بأس به وجيد، فيما المستوى الآن، يؤسف له، باعتبار أن المجتهدين والجادين في القسم لا يتجاوزون أصابع اليد، فكيف ياترى وصل تلامذتنا لهذا المستوى المنحل في التعاطي مع الشأن التعليمي؟
قد يكون السبب مرتبطا بالوضعية الاجتماعية والاقتصادية العامة، تجعل العديد من الأسر تتنحى عن دورها في مواكبة التلميذ ومراقبته، بالنظر إلى الجري المستمر نحو البحث عن لقمة عيش تساير مطالب الحياة، هذا دون إهمال، أن الآباء في الماضي كان مستوى نسبة كبيرة منهم متواضعا جدا، إن لم نقل أن جلهم أميون.
المناهج الدراسية بدورها تتحمل المسؤولية حيث أصبحت ضاغطة وثقيلة على الفهم لدى البعض، بل إن كثرة المقررات تجعل المدرس منهمكا طيلة الوقت في السرد والإملاء، في سباق مع الزمن بغية إتمام الدروس في الوقت المحدد.
وهذه الكثرة بالطبع، قد يكون لها تأثير سلبي على فهم الكنه والمحتوى، وهذا ما يستشف من طبيعة التدريس في الماضي، حيث كانت محفظة التلميذ لا تحتوي إلا على اللوحة والطبشورة والتلاوة، وفي مستويات أخرى، كتاب الحساب والفرنسية، والنتائج حينها كانت جد مرضية، سواء في الأقسام الابتدائية، التي كانت تتوج بالشهادة الابتدائية، التي كان لها وقع خاص لدى الأسر المغربية، أو بشهادة «البروفي»، أو الباكلوريا وفق النمط القديم.
كما أن تواضع مستوى التعليم يرجع أيضا إلى بعض المدرسين، فمنهم من يفقه الشيء الكثير في الجوانب البيداغوجية، ويبقى أسلوبه التعليمي غير مجد ولا يصل إلى ذروة ما ينتظره المتلقي.
ومن أجل مواجهة هذا التراجع المهول في المستوى التحصيلي للناشئة، على الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم، أن تقف على عدة نقط إيجابية، يعد تنفيذ بنودها نقطة الارتكاز لبناء التعليم المغربي على أسس سليمة، وهذه المقاربة، تبتدئ بالعنصر البشري، الذي هو في حاجة ماسة إلى إعادة تكوينه، بما يوافق الوضعية الراهنة للمشهد السوسيو اقتصادي، وذلك عبر إرساء البنيات الجهوية للتكوين وإعداد خارطة طريق تراعي التكوين الموضعي تتخذ من التطور المعلوماتي نسقا لتيسير تدبير هذا الملف، الذي بإمكانه أن يضع بيداغوجيا التدريس على سكتها الصحيحة، وبالتالي يعيد الاعتبار لمهنة التدريس ويبت روح المسؤولية كذلك لدى التلميذ ويجسر الهوة التي كانت نتيجة التهاون والتخاذل، الذي أدى إلى العزوف والتسرب الدراسي.
وما من شك أن الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم والوزارة الوصية واعية بأهمية الأجرأة، والتفعيل، الذي يعد الحلقة الأساسية في ضمان إصلاح مستمر ومتوال، كما أن الانكباب على فتح ورش تكوين المكونين من خلال عقد شراكات مع مؤسسات عمومية متخصصة، لمن شأنه أن يساهم في إذكاء الجودة في روح التكوين وجعل نتائجه إيجابية وفعالة على مستوى العملية التعليمية التعلمية.
إن توفير هذه الآليات ليس سهلا وفي المتناول، بل يتطلب ذلك جهدا جهيدا ونكران الذات لما فيه مصلحة التعليم والمتعلم،وهكذا يمكن أن نتطلع إلى أداء تعليمي في مستوى طموح مغربنا.


الكاتب : ذ/ عبد المجيد صراط

  

بتاريخ : 18/04/2018