مُتَوَّجاً بالأبدية تُغَنِّيكَ النَّايَاتُ

نص شعري من إبداع الأستاذ والشاعر والمناضل الاتحادي سفيان الماديلي، يرثي فيه رحيل المجاهد الأكبر السي عبد الرحمان اليوسفي

… مُكَلَّلاً بالبَهَاءْ
يُلَوِّحُ بأيادٍ مشتعلة
تَحْضُنُ أَسْرَابَ النجوم،
وتَكْتُبُ أُغْنيتها المَلْحَمِيَّةَ
على صفحة السَّماءْ
… وفي الطريق إِلَيْكَ؛
تَشْرُدُ المعاني هائِمَةً
تُناجي القصيد،
والكَلِماتُ تَتِيهُ مُسَرْنَمَةً،
يَتَخَطَّفُهَا الهَبَاءْ.
… وَحْدَهُ العِشْقُ،
وَأَلَقُ الكبرياء يَتَدَفَّقُ؛
فَتُمْطِر النَّوَارِسُ،
والمَسَافَاتُ تَرْتَسِمُ بِلَوْنِ الأبدية
وَسِيرَةِ الاِشْتِهَاءْ.
تَنْتَفِضُ بَرَاءَةُ الأُقْحُوَانْ
لِتُعْلِنَكَ شمسا،
تَزْرَعُ أَنْساغَهَا القُرْمُزِيَّةَ
وَتُبْقي الحُلْمَ نابِضاً
يُقَارِعُ المستحيل،
وفي الدروب يَشْتَعِلُ النِّداءْ،
… هُوَ “وَعْدُ البَنَفْسَجِ” إِذًا
يُورِقُ في الجِبَاهْ
وَرْدًا تَنْثُرُهُ الشِّفَاهْ
حتى تَرَاتِيلُ الغيابِ
وأَذْكَارُ الرَّحِيلِ، يُبَدِّدُهَا جُمُوحُكَ
المُضَمَّخُ بالربيع والأُغْنياتْ
وأمام سَطْوَةِ بُزُوغِكَ اللاَّزُوردي؛
تَسْقْطُ كُلُّ قِلاعِ الزيف،
ويَخْفُتُ نَعِيقُ الغِرْبان
ويَغْمُرُنَا فَيْضُكَ، أيها العَائِدُ أَكْثَرْ
لَنْ تَبْكيكَ القَصَائِدُ يوما،
ولا أَدْمُعُ الرِّثاءْ
سَتُخَلِّدُكَ الأُغنياتُ،
تَكْتُبُكَ النَّجْماتُ… نشيدا
تَعْزِفُهُ النَّايَاتُ.
أَيُّهَا المُسَافِرُ
لن يَنَالَ منك الرَّحِيلُ،
وأنت تقود الفَرَاشَاتْ،
وَتَنْحَتُ النُّورَ على وجه الغَمَامَةِ،
فَيَنْهَمِر الفَجْرُ مِنْ أَصَابِعِكَ
المَنْذُورَةِ للفرح والأُبَّهَاتْ.
وفي غَمْرَةِ عُرْسِكَ السَّرْمَدي،
تَنْشَقُّ عُيُونُ النَّرْجِسِ،
لِتَصيرَ أَجْنِحَةً تَقْتَفي
أَجْراسَكَ… أَنْخَابَكَ… شَدْوَكَ،
المُوَشَّحَ بالقُبَّرَاتْ.
وَمَعَ خَفْقِهَا، تُرَفْرِفُ رُوحُكَ المَسْجُورَةُ بالصَّحْوِ، تَحُفُّهَا الأَقْمَارُ
وَتَخُطُّ الضِّيَاءَ على جَبِينِ لَيْلٍ
يَبْتَلِعُ سَوَادَهُ،
يَسْحَلُ ظَلاَمَهُ،
لِتَتَلاَشَى العَتَمَاتْ.


الكاتب : سفيان الماديلي

  

بتاريخ : 06/06/2020