هذه هي قيمنا النبيلة في زمن كورونا

جائحة كورونا التي اجتاحت العالم، ومن ضمنه بلادنا، سلطت الضوء على الحس الإنساني من خلال المبادرات الفردية والجماعية ، وجعلت قيم التضامن الاجتماعي الأصيلة التي تربى عليها المغاربة حاضرة وجلية في السلوك اليومي في مدننا وقرانا .
في العالم الافتراضي، تسابق المغاربة على إبراز هذه القيم، التي ترجمت على أرض الواقع ،من خلال عدة مبادرات، لتحفز الآخرين على نهج نفس السلوك، فهذا مهاجر مغربي بالديار الإيطالية ،ورغم ما تعيشه هذه البلاد من أزمة حقيقية بسبب تفشي وباء فيروس كورونا، ومع كل الأخبار المقلقة من هناك، أبى إلا أن يتضامن مع إخوته المغاربة، وتنازل عن ثمن كراء شقته التي يمتكلها في مسقط الرأس لصالح أسرة مغربية، تضامنا معها في هذه الظروف الصعبة، وغيره كثيرون ،فهناك من تكفل بمؤونة العديد من الأسر المحتاجة، وهناك من المغاربة من اقتنوا هواتف ذكية،حتى يستطيع تلامذة العائلات المعوزة ،مواصلة تعليمهم عن بعد ،وهناك من وضع أسطوله من السيارات التي كان يستغلها في الكراء، بسائقيها رهن إشارة المرضى، خاصة المصابين بالقصور الكلوي، حتى يتمكنون من تصفية الدم، ولا يفوتون الفرصة من أجل الإستفادة من حصصهم الأسبوعية.
بمدينة الدار البيضاء، هناك حكاية مغايرة لما حدث تماما ،كما حكت لنا سيدة بالحي المحمدي بالدار البيضاء، التي كانت على موعد مع طبيبها، ولأن الطبيب يوجد بالقرب من مستشفى ابن رشد، والمسافة طويلة، كان لابد لها من الاستعانة بسيارة أجرة صغيرة، وهو ماتم ، لكن مالم يكن بالحسبان ،هو أن سائق الطاكسي رفض أن يتسلم منها ما احتسبه العداد، وعند إصرارها على ذلك، كشف لها، أن أحد المغاربة الأحرار كما وصفه ، كان بصحبته في الطاكسي، ولما ذهب به إلى وجهته، سأله عن «الروسيطا «، وثمن البنزين الذي يستهلكه في اليوم، وقد سلمه مبلغ ذلك، وطلب منه ألا يتسلم أي مبلغ من أي زبون، لأنه لا يخرج في هذه الظروف وفي حالة الطواريء الصحية من منزله، إلا من هو فعلا مضطر لذلك، لذلك سيدتي يقول سائق الطاكسي، لن أتسلم منك ولو درهما واحدا، «راه قلدني وماقاد على تقليد «،وسأظل أقوم بهذه المهمة مع المواطنين إلى أن أنهي ساعات عملي.
هكذا هم المغاربة في زمن كورونا، و في لحظات الشدة، وهكذا هي قيمهم النبيلة التي تربوا عليها من جيل لجيل.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 27/03/2020