هل يوفر قانون محاربة العنف آليات الحماية لنساء المغرب؟

أقل من 10 مراكز إيواء بقدرات محدودة  لاستقبال الناجيات من العنف في المغرب

بعد أن حطت الحملة الوطنية لحماية العنف ضد النساء أوزارها، وقدمت الوزارة والجمعيات تقارير وحملات مناسباتية في الموضوع،ينتصب السؤال من قلب معاناة الواقع المغربي الذي تتعرض نساؤه كل يوم لاعتداءات عدوانية ولتحرش عنيف في الشارع العام وأيضا في مقرات العمل وحتى في غرف النوم الموصدة. بالرغم من صدور قانون خاص يجرم العنف وينص على معاقبة الجناة .
ما الذي يجعل تأثير القانون الجديد 103-13محدودا، ولم يسجل نقلة نوعية على ارض الواقع ورجة اجتماعية تحد من التطاول على أجساد نسائنا ضربا وحرقا وحتى قتلا ؟ للوقوف على الثغرات القانونية التي تحد من صناعة الفرق بين الظلم والحق ،نقدم بعضا من آراء الجمعيات النسائية المغربية وبعضا من تقرير هيومن رايتس ووتش حول الموضوع.

خلق قانون مكافحة العنف ضد النساء في المغرب قبل صدوره وبعدها جدلا قويا بين الجمعيات النسائية والوزارة المعنية بالقطاع ،حول العديد من النقط التي تعتبرها الجمعيات محورية وأساسية لإنجاح المشروع الذي اشتغلت عليه مدة سنوات وانتظرت خروجه حيز التطبيق   15 سنة . منتقدة طريقة الإعداد لمشروع القانون  التي أغفلت وجود حلول تشاركية في صياغته على خلفية إهمال إشراك قوى المجتمع الحية في عملية التشريع، كما أنّ عملية المصادقة على مشروع القانون في البرلمان تمّ في غياب أكثر من ثلثي الأعضاء بخصوص مجلس المستشارين وأكثر من ثلاثة أرباع الأعضاء بالنسبة لمجلس النواب في إطار القراءة الثانية.وبالتالي فهو لا يعكس تطلعات الحركة النسائية والحقوقية والديمقراطية ، ويلخص مكافحة العنف ضد النساء في إطار اللجوء إلى العقاب دون القضاء تلقائيا على العنف ويخلو من ديباجة تحدّد غايته والأهداف المرجوة منه.خلق قانون مكافحة العنف ضد النساء في المغرب قبل صدوره وبعدها جدلا قويا بين الجمعيات النسائية والوزارة المعنية بالقطاع ،حول العديد من النقط التي تعتبرها الجمعيات محورية وأساسية لإنجاح المشروع الذي اشتغلت عليه مدة سنوات وانتظرت خروجه حيز التطبيق   15 سنة . منتقدة طريقة الإعداد لمشروع القانون  التي أغفلت وجود حلول تشاركية في صياغته على خلفية إهمال إشراك قوى المجتمع الحية في عملية التشريع، كما أنّ عملية المصادقة على مشروع القانون في البرلمان تمّ في غياب أكثر من ثلثي الأعضاء بخصوص مجلس المستشارين وأكثر من ثلاثة أرباع الأعضاء بالنسبة لمجلس النواب في إطار القراءة الثانية.وبالتالي فهو لا يعكس تطلعات الحركة النسائية والحقوقية والديمقراطية ، ويلخص مكافحة العنف ضد النساء في إطار اللجوء إلى العقاب دون القضاء تلقائيا على العنف ويخلو من ديباجة تحدّد غايته والأهداف المرجوة منه.الجمعيات النسائية في المغرب، أو بعضها ، أوضحت  أنّ القانون لم يحدد مفهوم العنف ضد المرأة في مادته الأولى ، حيث جاء الأمر عموميا ومقتضبا متسم بالعمومية والاقتضاب، ولا يشمل كافة أصناف العنف، كما تم اختزاله في الأفعال الايجابية مع إغفال الأفعال السلبية كالامتناع عن القيام بالفعل، مضيفا أنّ القانون لا يحمل قيمة مضافة للقانون المغربي لكونه يحتفظ بنفس خلفيات التجريم والعقاب التقليدية مع ضعف أليات وتدابير الحماية.أنّ المادة 17 من القانون جاءت عامة وقابلة للتأويل حيث لم تحدد الالتزامات القانونية المباشرة والمسؤوليات السياسية والقانونية ،حيث اكتفى القانون بتحديد القواعد الموضوعية والشكلية لعملية الزجر دون الاهتمام بالموارد البشرية التي يجب تأهيلها لتفعيل وتطبيق هذه المقتضيات الزجرية، ثم إن المقتضيات الزجرية ورغم فعاليتها القانونية إلا أنه يجب مصاحبتها بتدابير قانونية ومؤسساتية في هذا المجال.هيومن رايتس ووتش»  في تقريرها ، أن قانون المغرب المُتعلق بمحاربة العنف ضد النساء  أقر أخيرا ببعض أشكال الإساءة التي تواجهها نساء كثيرات من قبل أزواجهن وأسرهن. لكن على المغرب أن يُعالج الثغرات لضمان حماية جميع الناجيات من الإساءة، وقيام الشرطة والنيابة العامة بعملها».- يُجرم القانون الجديد بعض أشكال العنف الأسري، يُنشئ تدابير وقائية، ويُوفر حماية جديدة للناجيات. لكنه يُطالب الناجيات برفع دعوى قضائية للحصول على الحماية، ولا يستطيع سوى القليل منهن فعل ذلك. كما أنه لا يُحدد واجبات الشرطة والنيابة العامة وقضاة التحقيق في حالات العنف الأسري، أو تمويل مراكز إيواء النساء. يتضمن القانون الجديد أحكاما إيجابية مثل تعريف العنف ضد المرأة على أنه «كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة». ومع ذلك، فإنه لا يُقدم تعريفا للعنف المنزلي ولا يُجرم صراحة الاغتصاب الزوجي.- رفع القانون من العقوبات المفروضة على بعض أشكال العنف الموجودة في القانون الجنائي عند ارتكابها داخل الأسرة، وأدخل جرائم جديدة بما في ذلك الزواج القسري، أو تبديد المال أو الممتلكات للتحايل على دفع النفقة أو مستحقات أخرى ناتجة عن الطلاق، أو طرد أو منع الزوجة من العودة إلى بيتها، والتحرش الجنسي في الأماكن العامة، والتحرش الإلكتروني.يُلزم القانون السلطات العمومية باتخاذ تدابير وقائية، بما في ذلك برامج لرفع مستوى الوعي حول العنف ضد النساء. وينص أيضا على وحدات مُتخصصة لتلبية احتياجات النساء والأطفال في المحاكم، ووكالات حكومية، وقوات أمن، ولجان محلية وجهوية ووطنية لمعالجة قضايا المرأة والطفل. غير أن هيومن رايتس ووتش وثقت مشاكل مع الوحدات القليلة القائمة، ولا يتضمن القانون آليات لمراقبة الوحدات أو اللجان، أو مساءلة السلطات إذا لم تقُم بواجباتها.يتضمن القانون الجديد أيضا ثغرات وعيوب كبيرة تترك المرأة عُرضة لخطر العنف الأسري، بما في ذلك عدم وجود أحكام بتمويل الاصلاحات.يسمح القانون بقرارات الحماية التي تمنع مُتهما من الاتصال، أو الاقتراب، أو التواصل مع الضحية. لكنها لا تصدر إلا أثناء المقاضاة أو بعد الإدانة. وعلاوة على ذلك، يُمكن إلغاء هذه القرارات إذا تصالح الزوجان مما يزيد من الضغط على النساء لإلغاء هذه القرارات.توجد «تدابير وقائية» بديلة «تُحذر» الشخص من ارتكاب عنف، أو التصرف في الأموال الزوجية المشتركة، إلا أن القانون لا يُحدد السلطات التي ستصدرها. يُمكن أن تُؤدي انتهاكات قرارات الحماية أو «التدابير الوقائية» إلى السجن أو غرامات.وعلى المغرب ضمان حصول الناجيات من العنف العائلي على قرارات حماية طارئة أو طويلة الأمد من خلال تدابير مدنية.تعرف هيومن رايتس ووتش أقل من 10 مراكز إيواء في البلاد تقبل الناجيات من العنف الأسري، وهي محدودة القدرات. تدير المنظمات غير الحكومية هذه المراكز جميعها، لكن عددا قليلا فقط منها يتلقى تمويلا حكوميا. ويضطر العديد من الناجيات من العنف الأسري إلى العودة إلى شركائهن المُسيئين لأنهن لا يملكن أي وسيلة أخرى للدعم أو الإيواء.  يُمثل الحصول على سكن آمن ومستقر مُعضلة حقيقية للنساء اللواتي تعرضن لسوء المعاملة ولأطفالهن، ويُجبرن في كثير من الأحيان على الفرار من عملهن ومدارسهن، أو التشرد، أو العودة إلى ظروف عنيفة».كما لم يُحدد القانون واجبات ملموسة للشرطة، والنيابة العامة، وغيرهم من موظفي إنفاذ القانون، والمسؤولين القضائيين في قضايا العنف الأسري.    كما لا ينص القانون على أنه ينبغي أن تنظر المحاكم في جميع أشكال الأدلة في قضايا العنف الأسري وأن تكون شهادة الضحية أمام المحكمة دليل كاف للوصول إلى الإدانة.كما لا يوفر القانون أيضا المساعدة المالية للناجيات، أو تحديد دور الحكومة بوضوح فيما يتعلق بتوفير الدعم والخدمات للناجيات من العنف الأسري، بما في ذلك المأوى، الخدمات الصحية، الرعاية الصحية النفسية.

 

 


الكاتب : اعداد: فاطمة الطويل

  

بتاريخ : 20/12/2018