واقع عرّت عنه وفاة ممرضة ووالدة مريضة أثناء نقلها إلى أكادير : مستشفيات أسا، كلميم وتزنيت تفتقد «الأهلية الطبية»؟

 

كشفت الحادثة المميتة التي وقعت في الساعات الأولى، من صباح أول أمس الثلاثاء 18 فبراير 2020، الذي يتم فيه تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية، على مستوى الطريق الوطنية رقم 1، بنقطة سيدي عبو، في دائرة ماسة بإقليم اشتوكة آيت باها، أثناء نقل مريضة بهدف العلاج من المستشفى الإقليمي لأسا صوب المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، والتي أسفرت عن وفاة ممرضة تخدير وإنعاش، حديثة التعيين ووالدة المريضة، عن واقع صحي مأساوي، في هذه المنطقة، حيث تبين وبالملموس على أن مستشفيات أسا وكلميم وكذا تزنيت، تفتقر لما يمكن وصفه بـ «الأهلية الطبية»، والقدرة على التعامل مع بعض الحالات المرضية، الأمر الذي يستوجب قطع مئات الكيلومترات نحو بنية استشفائية أخرى تتوفر على شروط ومواصفات أكثر؟
الحادث المأساوي الذي أدخل الشغيلة الصحية في حالة حداد، خاصة في صفوف هيئة التمريض بشكل عام، وتحديدا ممرضي التخدير والإنعاش والمولّدات، وأعاد طرح مجموعة من الأسئلة حول قانونية ومعايير وشروط القيام بعملية نقل صحي لمريض أو مريضة، أكدت مديرة المستشفى حسناء العمارتي في تصريح هاتفي لـ «الاتحاد الاشتراكي»، على انه يدخل ضمن خانة «القضاء والقدر»، مبرزة أنه أرخى بوقعه وتبعاته على المستشفى إذ سادت حالة من الحزن أوساط كافة المهنيين وتسبب في تسجيل حالات إغماء، معبّرة عن مواساتها باسمها وباسم كافة المهنيين لأسرة الراحلة، الصغيرة والكبيرة.
وفي جوابها عن أسئلة «الاتحاد الاشتراكي»، بخصوص وضعية المريضة وضرورة نقلها إلى المستشفى الجهوي بأكادير، وقانونية هذه الخطوة المتمثلة في تكليف الراحلة بمصاحبتها وتأمين الرعاية الصحية لها أثناء عملية النقل، وكذا وضعية السائق، وظروف وشروط النقل، شدّدت مديرة المستشفى على أن المريضة كانت تعاني من صعوبة في التنفس ومن وضع صحي يحتم خضوعها للعلاج بمصلحة للأمراض التعفنية، دون الخوض في تفاصيل الموضوع باعتباره يعتبر سرّا مهنيا، وهو ما ليس متوفرا في المستشفى، وكذا في باقي المستشفيات المتواجدة على مسار «الرحلة» نحو أكادير، مؤكدة على أنها كانت معرضة لأي انتكاسة صحية، وهو ما فرض أن ترافقها الراحلة، التي هي ممرضة متخصصة في التخدير والإنعاش، تتوفر على مقرر للتعيين، وقضت فترة مهمة في الممارسة، وكانت تقوم بتدخلات صحية في إطار مهامها مرارا وعلى دراية بطبيعة وهمية تدخلاتها، وبالتالي فتكليفها كان من صميم المهام الإدارية والقانونية، فضلا عن أن هذه الخطوة جاءت بناء على تقرير الطبيب الذي فحص المريضة وأوصى بضرورة نقلها. أما بخصوص السائق، الذي هو مساعد تقني، وليس تقنيا متخصصا في الإسعاف، فقد أوضحت المديرة أنه قضى حوالي 20 سنة وهو يزاول هذه المهمة، وبأنه كان من المفروض أن ينقل المريضة منتصف ليلة الاثنين الثلاثاء، لكن ولأنه كان قد أمّن عملية نقل سابقة، ومن أجل منحه وقتا للراحة قبل أن يتوجه إلى أكادير، فقد تم تأخير عملية النقل إلى غاية الخامسة والنصف من صباح الثلاثاء، مشددة في نفس الوقت على سلامة الحالة الميكانيكية لسيارة الإسعاف!
هذا، وعلمت «الاتحاد الاشتراكي» أن السائق الذي كان يقود سيارة الإسعاف التي حادت عن الطريق، قد تعرض لكسر على مستوى العمود الفقري، حيث تم نقله في البداية إلى المستشفى الإقليمي المختار السوسي باشتوكة ايت باها، قبل أن يتقرر نقله لاحقا إلى المستشفى الجهوي بأكادير، في حين أصيبت المريضة موضوع عملية النقل الصحي برضوض، وفارقت والدتها والممرضة الشابة الحياة. وعلى إثر هذه الواقعة أصدرت وزارة الصحة تعزية، لقيت صدّا عنيفا ورفضا من طرف فئة عريضة من الممرضات والممرضين الذين دعوها إلى وضع حلول للمآسي التي تقع أثناء عملية النقل الصحي، وتوفير الشروط القانونية والمادية لمزاولة المهنة. بالمقابل أصدرت مجموعة من التنظيمات النقابية بلاغات تنديد وشجب وتضامن مع أسرة الممرضة الشابة، وتمت الدعوة إلى تنظيم وقفات احتجاجية في مستشفيات المملكة مع قراءة الفاتحة، ومن بينها بلاغ للمكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو المؤسس للفدرالية الديمقراطية للشغل، الذي استعرض معيقات النقل الصحي وتبعاته في المغرب.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 20/02/2020