وسط «تحفظ» عن التصريح بآخر أرقام المستفيدين منها 10 ملايين مغربي بدون تغطية صحية ومنظمة الصحة العالمية تدعو إلى تعميمها

دعت منظمة الصحة العالمية الدول، في اليوم العالمي للصحة الذي يتم تخليده اليوم السبت 7 أبريل 2018، والذي يصادف مرور 40 سنة على تأسيس هذه المنظمة، إلى العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتفق بشأنها، والالتزام باتخاذ خطوات فعلية من أجل تحسين صحة المواطنين عبر العالم، من خلال تمكين المواطنين من الحصول على الخدمات الصحية الأساسية الجيدة دون أن تعترضهم في ذلك أية صعوبات، خاصة منها المادية، وذلك عبر توفير التغطية الصحية الشاملة للجميع بدون استثناء.
موضوع التغطية الصحية يطرح إشكالا كبيرا في المغرب، بالنظر لعدم تعميمها وحرمان العديد من الفئات منها، إذ يقدّر عدد المحرومين منها بعشرة ملايين مواطن مغربي، مقابل استفادة 34 في المئة من المواطنين من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، و28 في المئة من المستفيدين من نظام المساعدة الطبية «راميد»، الذي مرّ على إطلاق تجربته 6 سنوات بأعطابه المتعددة على مستوى التنزيل، بالنظر لوضعية المستشفيات العمومية وفي ظل غياب جرأة على مستوى اتخاذ قرار تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص للاستفادة من خدمات هذا الأخير، بنفس الكلفة دون زيادة في التسعيرة، على غرار تجربة مرضى الكلي، التي ساهمت في القطع مع لوائح الانتظار أو ما كان يعرف بلوائح الموت. حرمان من التغطية الصحية، يترتّب عنه تأخر في التشخيص والعلاج، ويؤدي إلى تبعات صحية وكذلك اجتماعية واقتصادية وخيمة، علما أن المؤمّنين هم بدورهم يصطدمون بإشكالات متعددة، بالنظر إلى أنهم يتحمّلون 54 في المئة من نفقات العلاج، نتيجة لعدد من الاختلالات وعلى رأسها عدم مراجعة التعريفة المرجعية، هذا في الوقت الذي تطرح فيه القيمة المادية للاقتطاعات الخاصة بالتأمين عن المرض إشكالا كبيرا يرتبط بالعدالة الاجتماعية، إذ أن السقف المعتمد هو نفسه، ويعادل بين شخص ذي دخل بسيط ومتوسط مع آخر دخله الشهري مرتفع، هذا في الوقت الذي يكون المؤمّن على مستوى «كنوبس» مدعوا لتحمّل تكملة تقدّر بـ 14 في المئة، في حين أن المنخرط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يتحمّل وزر تكملة علاجية تقدّر بـ 30 في المئة !
وبحسب التقرير السنوي العام لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض برسم سنة 2015، فإن عدد المستفيدين من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض كان محدّدا في 8.7 ملايين شخص، 5.7 ملايين بالقطاع الخاص، و 3 ملايين بالقطاع العام، علما أن هذا الرقم قد شهد ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة، وفقا لتصريحات وزير الصحة السابق في مناسبات متعددة، إلا أن الأرقام المحيّنة لم تجد طريقها للنشر بعد، بالنظر إلى أن الوكالة الوطنية للتأمين الصحي بمعية شريكيها، تتحفظ عن الكشف عنها إلى أجل غير مسمى !
وكان التقرير السابق قد أشار إلى أن أكثر من 50 في المئة من الساكنة المشمولة بالتغطية الصحية برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض المدبر من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، تتمركز في المدن الكبرى، كما هو الشأن بالنسبة لجهة الدارالبيضاء – سطات التي وصلت فيها النسبة إلى 24.7 في المئة، و 17.4 في جهة الرباط سلا القنيطرة و 10.8 بجهة مراكش أسفي وغيرها.
تخليد اليوم العالمي للصحة باختيار شعار تعميم التغطية الصحية يعتبر مناسبة لتسليط الضوء على آلام المرضى المقهورين الذين لا إمكانيات مادية لهم، إذ أنه لحدّ الساعة لايزال الأزواج الذين يجدون صعوبة في الإنجاب محرومين من تغطية مصاريف الخطوات العلاجية التي يتعين اتباعها بهدف تحقيق حلم الإنجاب، علما أن تكاليفها جد باهظة وليست في متناول الجميع، أخذا بعين الاعتبار أن 15 في المئة من الأزواج يعانون من هذه المشاكل، كما أن الجراحات التقويمية التي تهم عددا من التدخلات الجراحية على مستوى ترهل البطن وتبعاته على العمود الفقري والظهر والقدمين، وعموم العظام، هي الأخرى لايتم تحمّلها وتترتب عن ذلك تبعات صحية جد قاسية، والحال أنه إذا ما تم فسح المجال لتعويضها فسيمكّن ذلك من تفادي مصاريف ثقيلة لها صلة بأمراض تنتج عنها، ونفس الأمر بالنسبة لتقويم مخلّفات الاعتداءات بالسلاح الأبيض على الوجه وغيرها، والكثير من العلل التي تظل بدون تغطية، وتفرض واقعها على يوميات المغاربة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 07/04/2018