5 سيناريوهات محتملة للخروج من الأزمة بالجزائر

 

نشرت صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية تقريرا استعرضت فيه خمسة سيناريوهات قد تساعد الجزائر على الخروج من أزمة المظاهرات الأخيرة احتجاجا على الولاية الخامسة لبوتفليقة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إنه بينما يواصل الجزائريون التعبئة لمعارضة ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، هناك خيارات من شأنها أن تحل هذه الوضعية. فما يحدث في الجزائر تعبئة تاريخية لا تشهد أي تراجع. وفي محاولة لاحتواء غضب الجزائريين، لاسيما الشباب المحبطين من احتمال تمتع عبد العزيز بوتفليقة بولاية خامسة، قررت الحكومة هذا الأحد تقديم العطلة وتمديد مدتها.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة تهدف من خلال هذه الخطوة إلى دفع العديد من الطلاب إلى مغادرة الحرم الجامعي، خاصة أن العديد من أولئك الذين يواصلون دراستهم بعيدًا عن منازلهم يقيمون في المدن الجامعية التي سيتم إغلاقها خلال العطلة. لكن من المؤكد أن هذه المناورة لن تنجح في تهدئة الاحتجاج الذي يعبر عنه المتظاهرون بشكل مكثف طوال الأسابيع الثلاثة الأخيرة في شوارع العاصمة الجزائر والمدن الرئيسية للبلاد. وفي الوقت الذي ينبغي فيه عقد الانتخابات الرئاسية يوم 18 أبريل، فإنه وفقا للمراقبين هناك خمسة سيناريوهات على الأقل للخروج من الأزمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن السيناريو الأول يتمحور حول احتفاظ المجلس الدستوري بملف ترشح بوتفليقة رغم الرفض الشعبي له في الشوارع. وترى المعارضة أن هذا السيناريو هو أشد السيناريوهات خطورة لأنه قد يدفع الجزائر نحو المجهول وطريق مسدود. وقد بيّن أكاديمي من الجزائر العاصمة أن «وجود بوتفليقة في السباق الرئاسي يعني أنه سيفوز بالانتخابات، الأمر الذي لا يريده الجزائريون أن يحدث». وذكر مدير حملة بوتفليقة عبد الغني زعلان أنه «يجب احترام رأي الذين لا يشاركون في المسيرات».
وأوردت الصحيفة أن السيناريو الثاني يتمثل في سحب بوتفليقة لملف ترشحه للانتخابات الرئاسية وفسح المجال أمام مرشح جديد قد يكون مدعوما بشكل سري من طرف المؤسسة العسكرية. ومن المحتمل أن يكون هذا الشخص هو اللواء المتقاعد علي غديري. وإلى حد الآن، لم يشارك غديري الذي تخلى عنه معاونوه، على غرار المحامي مقران آيت العربي، في اجتماعات المعارضة.
وحسب السيناريو الثالث، من المتوقع أن يرفض المجلس الدستوري ملف ترشح بوتفليقة «لأسباب صحية». ومن شأن هذا الموقف أن يضفي المصداقية على هذا المجلس الذي يديره المقرب من الرئيس المنتهية ولايته، الطيب بلعيز. كما سيسمح بمواصلة العملية الانتخابية في ظل مشاركة المرشحين الآخرين دون تدخل الجيش.
وأفادت الصحيفة بأن السيناريو الرابع يحتمل تأجيل الانتخابات. وتحتاج هذه الخطوة إلى تغييرات تشريعية محفوفة بالمخاطر، إذ لا يسمح الدستور بتأجيل الانتخابات إلا في حالة الحرب؛ ما يشير إلى ضرورة تنقيحه بسرعة. ولن يتم ذلك عن طريق إجراء استفتاء لأن الوقت لن يسمح بذلك، وإنما من خلال تنظيم «كونغرس» (أي اجتماع بين غرفتين من البرلمان).
وبموجب هذا التنقيح، سيتم تحديد مدة تأجيل الانتخابات لتجنب الفراغ في السلطة، علما وأن الولاية الحالية للرئيس بوتفليقة تنتهي بحلول منتصف ليلة 16 نيسان/ أبريل. وبعد هذا التاريخ، ستغرق البلاد في حالة من الفراغ المؤسسي.
أما السيناريو الخامس فيتمثل في إلغاء العملية الانتخابية. وفي هذه الحالة، قد تدخل البلاد في مرحلة جديدة من الانتقال السياسي. ويميل جزء من المعارضة إلى تفضيل هذا الاقتراح شريطة إنشاء «مجلس تأسيسي» لتبني دستور جديد وتغيير نظام الحكم وإعادة النظر في القوانين السياسية والاقتصادية الأساسية. وبالنسبة للمعارضة، لا يتعلق الأمر بإخراج بوتفليقة من الحكم، وإنما بتغيير النظام بأسره والسير نحو إرساء «جمهورية ثانية».
5 شخصيات محورية لفهم ما يحدث

نشرت صحيفة «البايس» الإسبانية، الأربعاء، تقريرا تحدثت فيه عن الشخصيات المحورية في الاحتجاجات الضخمة التي تجتاح شوارع الجزائر.
وقالت إن «الاحتجاجات الحاشدة التي غصت بها شوارع الجزائر يوم الجمعة الماضي ضد ترشح الرئيس الثمانيني عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، خلفت وضعا غير مسبوق في البلاد».
ويبدو أن «هذا البلد الأكثر استثمارا في مجال الأسلحة العسكرية، الذي تشتري منه إسبانيا حوالي 60 بالمئة من الغاز الذي تستهلكه، يمر اليوم بأكثر اللحظات احتقانا منذ وصول بوتفليقة إلى السلطة سنة 1999»، بحسب الصحيفة.
وسلطت الصحيفة الضوء على الشخصيات المحورية في الساحة السياسية الجزائرية التي من شأنها أن تساعد على متابعة الوضع والتحركات القائمة في الجزائر. ومن بين أبرز هذه الشخصيات، الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، الذي ولد سنة 1937 في مدينة وجدة المغربية على بعد خمسة كيلومترات عن الحدود مع الجزائر. وعندما اندلعت حرب الاستقلال بين سنتي 1954 و1962، كان بوتفليقة في سن السابعة عشر.
وفي سنة 1956، أي في سن التاسعة عشر، عبر بوتفليقة الحدود للانضمام إلى جبهة التحرير الوطني. ومع نهاية الصراع، عُين بوتفليقة وزيرا للشباب والرياضة، ثم وزيرا للخارجية ولم يكن عمره آنذاك قد تجاوز 26 سنة.
وأوردت الصحيفة أنه خلال فترة التسعينيات عاشت البلاد تحت وقع حرب أهلية، وكان بوتفليقة الرجل الذي اختاره الجيش لإحلال السلام في البلاد. وقد كان بوتفليقة حاضرا في الانتخابات الرئاسية لسنة 1999 ولم يغادر منصبه منذ ذلك الحين.
وقد تمكّن بوتفليقة من السيطرة على الشباب خلال ثورات الربيع العربي في سنة 2011. وفي سنة 2013، عانى بوتفليقة من جلطة دماغية، ومنذ ذلك الوقت شوهد فقط في مناسبات قليلة حيث كان دائما على كرسي متحرك. وكانت آخر مرة تحدث فيها علنا قبل سبع سنوات.
وأضافت الصحيفة أن شعار «الشعب لا يريد بوتفليقة ولا سعيد» كان من أكثر الكلمات المسموعة خلال المظاهرات القائمة هذه الأيام ضد الولاية الخامسة. ولكن شقيق الرئيس الأصغر سعيد بوتفليقة، البالغ من العمر 61 سنة، لم يجر قط أي مقابلة ونادرا ما يُرى في الأماكن العامة. وقد عُين سعيد في منصب المستشار الرئاسي، لكن المرسوم الذي عين وفقا له لم يُنشر أبدا.
بالنسبة للعديد من الجزائريين، إن سعيد الشخص الذي يمارس السلطة الحقيقية في الظل، خاصة منذ تدهور صحة الرئيس سنة 2005 بسبب قرحة المعدة وتعرضه لجلطة دماغية سنة 2013. ويقول بعض الخبراء إنه بغض النظر عن مدى قوة سعيد ومدى ضعف عبد العزيز بوتفليقة، فسوف يتعين على سعيد الاعتماد على الجيش لاتخاذ قرارات مهمة.
وذكرت الصحيفة أن المليونير رشيد نكاز أصبح في الجزائر، البلد الذي تمثل فيه نسبة السكان دون سن الخامسة والعشرين 45 بالمئة، يحظى بشعبية كبيرة لدى الآلاف من الشباب. وفي أوائل التسعينات، أسس نكاز شركة إنترنت صغيرة، ثم باعها بعد عشر سنوات.
ومع الأموال التي حصل عليها، بدأ نكاز حياته المهنية كمستثمر عقاري. وقد روج نكاز لمسيرته السياسية من خلال إنشاء جمعية «لا تلمس دستوري»، التي كان الغرض منها دفع الغرامات المالية والدفاع عن النساء اللاتي يرتدين النقاب والبرقع في فرنسا.
وتجدر الإشارة إلى أن نكاز ظهر بالفعل في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 في الجزائر، لكنه لم يستطع خوض الانتخابات بعد فشله في جمع 60 ألف توقيع. ولكن نجح نكاز هذه المرة في تحريك الحشود في جميع المدن التي يذهب إليها، متسلحا بمواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضحت الصحيفة أن أحمد أويحيى يعد من أكثر الشخصيات غير المحبوبة في الجزائر. ويتولى أويحيى، البالغ من العمر 67 سنة، منصب رئيس الوزراء منذ سنة 2017 ومنصب الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحد حلفاء جبهة التحرير الوطني في الحكومة.
وقد شغل أويحيى منصب رئيس الوزراء مع بوتفليقة لمدة عشر سنوات (1995-1998، 2003-2006، 2008-2012). وفي سنة 2012، دعت الأحزاب المعارضة إلى إقالته لأنهم يعتقدون أنه بوجوده لا يمكن ضمان انتخابات برلمانية حرة ونزيهة.
ونقلت الصحيفة تصريحات أحمد أويحيى، الاثنين الماضي، حيث دعا إلى «اليقظة» لأن هناك «دعوات مجهولة» للتظاهر، وأكد أن «المظاهرات هذه المرة تكتسي طابعا سلميا، لكن يمكن أن تتخذ طابعا مختلفا في المستقبل».
وأشارت إلى أن رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح من بين الشخصيات المحورية في المشهد السياسي الجزائري. ويشكل الجيش إلى جانب الرئاسة والخدمات السرية، أقوى ثلاث عشائر في البلاد. وطالما كانت العلاقة بين هذه القوى الثلاث متوترة، خاصة بين الجيش ودائرة الاستعلام والأمن.
وكان قايد صالح، باعتباره القائد الأعلى للجيش، أحد ألد أعداء الجنرال محمد الأمين مدين، المعروف باسم الجنرال توفيق، رئيس دائرة الاستعلام والأمن الذي عُرف أيضا بصانع الملوك. وبعد إقالة هذا الجنرال من منصبه سنة 2015، لا يملك بوتفليقة ولا قايد صالح اليوم أعداء من هذا الحجم.
وأبرزت الصحيفة أن أحمد قايد صالح، البالغ من العمر 79 سنة، قد شغل منصب رئيس الأركان لمدة 15 سنة ومنصب نائب وزير الدفاع منذ سنة 2013. وعندما عارض البعض ترشح بوتفليقة لولاية رابعة بعد تدهور حالته الصحية، عبّر صالح عن دعمه للرئيس.
ونوهت الصحيفة بأنه منذ ظهور الأصوات الأولى المنددة بالولاية الرئاسية الخامسة للرئيس، ضاعف قايد صالح من مناسبات ظهوره الإعلامي موجها رسالة إلى «أعداء البلاد من الداخل والخارج»، وناكري الجميل القادرين على «بيع أمن واستقرار البلاد». ويبدو أن دعمه لترشح الرئيس بوتفليقة لن يتزعزع إلى حد اللحظة.

ماذا يريد الجزائريون ؟

نشرت مجلة «لوبوان» الفرنسية تقريرا ذكرت فيه أن عددا من الجزائريين كسروا حاجز الخوف وخرجوا للتعبير عن رفضهم لترشح بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة، تماما مثلما حدث في تونس، حين صرخ الشعب «ارحل» في وجه زين العابدين بن علي سنة 2011.
وقالت المجلة، في تقريرها إن يوم الجمعة شهد مظاهرات في العاصمة الجزائرية رفضا للترشح الخامس لبوتفليقة، وهي احتجاجات تكتمت عنها الأخبار التلفزيونية التي فضلت الحديث عن السياحة.
وصرحت المجلة أن مستخدمي الإنترنت في الجزائر اشتكوا من تراجع سرعة شبكة الإنترنت على الرغم من تكذيب شركة اتصالات الجزائر لذلك، وهو ما يشير إلى أن النظام بدأ يلعب لعبته لطمس حقيقة خروج الشعب ضده.
وأضافت المجلة أن الوزير الأول الجزائري، أحمد أويحيى، تحدث في خطاب له يوم الاثنين، عن أن «حق التظاهر محفوظ في الدستور»، كما أن الجزائريين لهم الحق في التعبير عن رأيهم عبر صناديق الاقتراع. وعلى غرار فنزويلا، وصف النظام الجزائري الاحتجاجات بالخطيرة والتي تسعى إلى إدخال البلاد في حالة من الفوضى، كما وصفها بالبربرية وتحركها أياد صهيونية. في المقابل، أكد الجزائريون يوم الجمعة، عبر احتجاجهم السلمي، أنهم ضاقوا ذرعا برئيسهم والنظام الذي يبقيه في مكانه.
وأشارت المجلة إلى أنه على غرار ما حدث في تونس سنة 2011، خرجت المظاهرات بصورة عفوية، أي دون تأطير من رؤساء أحزاب أو شخصيات رسمية. ولكنها خرجت للتنديد «بخماسية» عبد العزيز بوتفليقة، الذي تراجع ظهوره «العلني» بشكل كبير منذ أن أصيب بسكتة دماغية. كما أضحت زيارات بوتفليقة الدولية فقط للعلاج، حيث حل في كل من فرنسا، وسويسرا نهاية هذا الأسبوع.
وأفادت المجلة بأن الجزائريين لا يستهدفون بصراخهم «لا للولاية الخامسة» أعلى هرم السلطة فحسب، بل النظام كله، وتحديدا نظام «الحاشية» الذي حول الجزائر إلى أشبه بمنطقة مصالح شخصية. في هذا الإطار، تساءل دبلوماسي جزائري رفيع المستوى، دون أن يفصح عن اسمه، «عن أي جزائر نتحدث؟ عن جزائر حاشية بوتفليقة الرئاسية، أم عن الجيش، أم جزائر الأجهزة السرية، أم جزائر سوناطراك؟»
تطول قائمة المصالح بين مختلف الأطراف المكونة للنظام الجزائري، لكن القاسم المشترك بينها يتمثل في عبد العزيز بوتفليقة. ولهذا السبب، سيخرج الشعب الجزائري كل يوم جمعة للاحتجاج والتظاهر والرفض.
ونوهت المجلة بأن تونس تتابع بإثارة، وبتخوف، وبفخر، هذه المظاهرات، لا سيما وأن صور ثورة يناير 2011 عادت للأذهان من جديد، وهو الحال ذاته بالنسبة للمغرب. وعلى الرغم من أن الربيع العربي لم يشمل في البداية سوى تونس، إلا أنه ترسخ في الأذهان وأكد أنه لا وجود للمستحيل، ولعل أبرز دليل على ذلك، سقوط نظام حسني مبارك فيما بعد.
وقالت المجلة إن الجزائريين صرخوا ضد «الترشح الخامس» الذي أضحى بمثابة ضرب من ضروب الرئاسة مدى الحياة. وتعيش الجزائر الوضع نفسه الذي عرفته تونس نهاية سنة 2010، عندما اكتشف النظام التونسي الأعمى حقيقة أن شعبه لم يعد يؤيده، قبل أن يضرم محمد البوعزيزي النار في جسده معلنا عن أول شرارة للربيع العربي.
وفي الختام، ذكرت المجلة أن عناد وتسلط النظام جعل الشعب الجزائري يشعر بالإهانة، ولهذا السبب قرر الجزائريون الخروج أفواجا إلى الشارع وكسر حاجز الخوف والوقوف في وجه تطلعات بوتفليقة لولاية خامسة.

من الحراك الشعبي إلى العصيان مدني

بعد ثلاثة أسابيع على المظاهرات السلمية والحراك الشعبي غير المسبوق في الجزائر، ظهرت دعوات جزائرية جديدة الأحد، تطالب بتوسيع الحراك ليشمل الإضراب العام والعصيان المدني، لكن هذه الدعوات أثارت انقساما في الشارع الجزائري ما بين مؤيد ومعارض.
ودعت قوى سياسية معارضة الجزائريين لبدء إضراب عام لخمسة أيام، رفضا لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، في حين حذر حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم من دعوات الإضراب والعصيان المدني، داعيا المتظاهرين إلى اليقظة والحذر من التهور في القرارات.
وقال الحزب إن «ما وصل إليه الحراك الشعبي إلى الآن يعتبر مكسبا ومفخرة للشعب الجزائري»، مشيرا إلى أن «جهات مجهولة تريد الزج بالجزائر وشعبها نحو المجهول، وإننا نتحرك مع كل الأطراف السياسية للخروج من هذه الأزمة، بأقل الأضرار للحفاظ على سلمية الحراك ولضمان الأمن والاستقرار».
وأمام هذا التباين، رأت الناشطة الجزائرية خولة شنوف أنه «فعليا بدأ اليوم الأول في العصيان المدني»، مشيرة إلى أن «هناك ولايات جزائرية استجابت بشكل كامل للعصيان، وهناك من استجاب ولكن بصورة أقل».
وأضافت شنوف أن «هناك من يرفض خطوة العصيان المدني ويعتبرها خطوة سابقة لأوانها ولا ضرورة لها»، معبرة عن تفاؤلها بنجاح فكرة العصيان، «لأن هذه الأصوات كانت تشكك بالبداية بسلمية الحراك ونجاحه، وها هي الآن تتغنى به»، بحسب وصفها.
وتوقعت شنوف أن «العصيان المدني لن يستمر إلا لأيام قليلة، وسيستثني المستشفيات والصيدليات»، منوهة إلى أن الأدوات الأخرى التي يمتلكها الحراك الشعبي والشارع الجزائري تتمثل في «الضغط والمسيرات بالدرجة الأولى».
واعتبرت الناشطة الجزائرية أن «التمسك بسلمية المظاهرات يعطيها القوة التي امتلكتها على مدار أسابيع من انطلاقها».
وحول احتمالية الاستجابة السريعة من النظام والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لمطالب الجماهير، قالت شنوف إن «النظام نفسه طويل، ولن أتوقع منه الاستجابة السريعة، ولكن قد يحدث تطور بخصوص صحة الرئيس، وقد يتغير الكثير»، بحسب تقديرها.
في المقابل، أكد الصحفي الجزائري حسام تكالي أن «هناك انقسام في موضوع العصيان المدني»، مشددا على أنهم «قلة من يدعون لهذه الخطوة، بينما ترى الأغلبية أن المضي في السلمية أسلم وأكثر نضجا».
وقال تكالي فإن «زخم المظاهرات والاحتجاجات لم يهدأ، وهذا في حد ذاته أداة فعالة»، لافتا إلى أن «هناك فعاليات مدنية عدة انضمت للحراك من طلاب ومحامين وصحفيين ونقابات عمال».
وذكر تكالي أن «هناك تطور ملحوظ في لهجة قائد الأركان الذي وصفت ضمنيا المحتجين في البداية بالمغرر بهم، وصولا إلى وصفهم بأن الجيش والشعب لهما رؤية واحدة»، متوقعا أنه «في حال استمرت المظاهرات بهذا الزخم، فسيتم تأجيل الانتخابات».
من جانبها، أوضحت المدونة الجزائرية خيرة مطاي أنه «في أول أيام العصيان المدني أو الإضراب العام الجزئي في البلاد، من الصعب التكهن بمستقبله»، مستدركة بقولها: «حسب الأصداء فإن هذه الخطوة ليست إلا مرحلة من مراحل الحراك الشعبي الرافض للعهدة الخامسة».
وتابعت مطاي أنه «قد تليها مراحل أخرى مستقبلا، لذا فإن مدة العصيان المدني متعلقة مباشرة بالقرارات التي قد تصدر من الحكومة، خاصة مع ترقب وصول طائرة الرئيس القادمة من جنيف»، مشددة على أهمية «الاستمرار في المظاهرات والعمل النقابي حاليا».
واستكملت رأيها بالقول إنه «إذا وافق المجلس الدستوري على ملف عبد العزيز بوتفليقة، فقد يلجأ الشارع لمقاطعة الحملات الانتخابية مع الاستمرار في التظاهر والمسيرات المنظمة»، معتقدة أن «الشارع الآن ينتظر ما الذي سيسفر عنه وصول الرئيس للجزائر».

الشارع منقسم

لفتت مطاي إلى أن «الشارع منقسم بين متفائل بتحرك النظام واستجابته لمطالب الشعب وتجنيب البلاد الدخول في الفوضى، وبين متشائم يرى أن النظام يسير في خطته غير آبه بالحراك»، موضحة أنه «في النهاية نحن أمام نظام يعرف جيدا ما يفعل، لكن حراك الشعب فاجأه أيضا، والدليل القرارات الفجائية التي يصدرها بين الحين والآخر، وباختصار الانتظار سيد الموقف».
وتحدثت مع القائمين على صفحة «الجزائر بشعبها» إحدى صفحات موقع «تويتر» المهتمة بالحراك الشعبي، وقالت إن «الجزائريين يستبعدون الوصول إلى عصيان مدني طويل الأمد في الوقت الحالي»، معتقدة أن «الجدول الزمني مرتبط بالانتخابات حاليا، والكل يترقب يوم 14 مارس المقبل، لمعرفة قرار المجلس الدستوري حول تشرح بوتفليقة».
وشددت على أن الشارع الجزائري «لن يتقبل فكرة العصيان طويل الأمد، إن كان سيؤثر سلبا على توفير ضروريات الحياة».


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 12/03/2019