83757 سجينا وسجينة بالمغرب والسجون تعيش على وقع الاكتظاظ

 

كشف المرصد المغربي للسجون عن عدد السجناء المتواجدين بالمؤسسات السجنية بالمملكة والبالغ عددهم الإجمالي 83757 سجينا وسجينة، منهم 32 732 يتابعون في حالة الاعتقال الاحتياطي و51025 سجينا محكوما خلال سنة 2018.
وحسب تقرير المرصد حول «وضعية المؤسسات السجنية والسجينات والسجناء بالمغرب سنة 2018»، بلغ عدد الاحداث ب 76 مؤسسة سجنية بالمغرب 1224 سجينا في حين بلغ عدد السجينات 1907 سجينات، وبالمقابل وصل عدد السجينات والسجناء الأجانب 1182 خلال سنة 2018، بالإضافة إلى 72 معتقلا يواجهون أحكاما بالإعدام.
وأبرز تقرير المرصد المغربي للسجون الذي أعد بتمويل من الاتحاد الأوروبي، تطور عدد المعتقلين والمعتقلات في المؤسسات السجنية خلال 6 سنوات الماضية، حيث بلغ عدد المعتقلين في سنة 2012 حوالي 70758 معتقلا، وفي سنة 2015 وصل عدد المعتقلين إلى 74039 معتقلا، و83 102 معتقل خلال سنة 2017.
وسجل التقرير أن بعض المؤسسات السجنية تصل نسبة الاكتظاظ فيها إلى 205 بالمئة أو أكثر، وهو ما يجعل ظاهرة الاكتظاظ السمة البارزة التي تعاني منها أغلب المؤسسات السجنية في ظل غياب إجراءات وحلول ناجعة لتجاوز هذه المعضلة والحد منه، مشيرا إلى التداعيات السلبية التي يفرزها الاكتظاظ وآثاره السلبية على الإصلاح وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج، وكذلك على نفسية السجينات والسجناء، ويتسبب في انتشار الأمراض وتنامي ظاهرة العنف وخرق حقوق الإنسان داخل هذه المؤسسات السجنية، كما يؤثر على ظروف عمل موظفي السجون.
وبلغت نسبة الاكتظاظ بالسجن المركزي «مول البركي» نسبة 173 بالمئة متبوعا بالسجن المحلي بالقنيطرة وسوق الأربعاء بنسبة 127 بالمئة، في حين سجلت سجون بني ملال وبوركايز بفاس والوداية بمراكش وعين السبع على التوالي نسبة 147 و143 و144 و159 بالمئة.
ودق المرصد، ومعه مكونات الحركة الحقوقية بالمغرب، ناقوس الخطر بخصوص الشروط والمساطر الجنائية والسياسة العقابية، خاصة تلك المتعلقة بتدابير الاعتقال الاحتياطي، التي تساهم إلى حد كبير في تنامي الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، ودعا في مناسبات عديدة إلى ضرورة تطبيق سياسة عقابية ناجعة من خلال اعتماد تشريعات تمكن من حل المشكلة بطريقة جذرية.
وجاء في التقرير أنه” لا إصلاح لمنظومة العدالة بدون إصلاح شامل للمنظومة الجنائية، فعوض أن يشكل الاعتقال الاحتياطي استثناء تحول إلى قاعدة وشبح يغرق السجون».
وأوضح المصدر ذاته، أن كلفة الاعتقال الاحتياطي -الباهظة الثمن-، لا يمكن حصرها في الآثار النفسية والاجتماعية على السجينات والسجناء فقط، بل تتعداها إلى الآثار الاقتصادية المكلفة من خلال الميزانية المخصصة للسجون في المغرب، كنفقات مباشرة على حاجيات السجناء الخاصة سنويا كالتغذية ومواد النظافة والأدوية والمواد الصيدلية الخاصة بالسجناء، مشيرا إلى أنه لا ينبغي اختزال الاكتظاظ في ارتفاع نسبة المعتقلين الاحتياطيين بل كذلك في النسبة الهامة للوافدين على المؤسسات السجنية، الذين يتم الحكم عليهم بعقوبات بسيطة أو يتم إطلاق سراحهم بعد الحكم عليهم بالبراءة.
وفي المقابل، بلغت نسبة النساء أكثر من 2 بالمئة من الساكنة السجنية والباقي أي 98 بالمئة تعود للرجال.
وفي تعليقه على الوضع أكد المرصد المغربي للسجون أن النساء مازلن يعانين صعوبات عديدة وإضافية مرتبطة بأوضاعهن كنساء أولا، خاصة التمييز وتداعيات المحيط الاجتماعي والثقافي الذي يدينهن وينظر إليهن نظرة دونية تحقيرية ونظرة المجتمع والأسرة إليهن كنساء سجينات، مشيرا إلى أنه من الضروري اليوم، الاعتراف بخصوصية هذه الفئة ضمن منظومة القوانين السجنية، وذلك بجعل قانون المؤسسة السجنية يتسم بقدر كاف من المرونة تجاه هذه الفئة، ليلبي احتياجات النساء السجينات عموما والنساء الحوامل والأمهات المرضعات والنساء اللواتي يرافقهن أطفالهن في السجن خاصة، مع الحرص على توفير فضاءات ومرافق لرعاية الأطفال في مختلف السجون، وتأهيل موظفي وموظفات المؤسسات السجنية في مجال مقاربة النوع ومراعاة الفروق بين الجنسين، والتعرف على الاحتياجات الخاصة للنساء وحقوق الإنسان المتعلقة بالسجينات حسب ما أورده التقرير.
وبخصوص السجناء الأجانب المتواجدين بسجون المملكة، بلغ عددهم خلال سنة 2018 ما مجموعه 1015 سجينة وسجينا موزعين حسب الجنسيات والبلدان، وتحتل القارة الإفريقية المرتبة الأولى بما مجموعه 610 سجينات وسجناء، تتصدرها دولة النيجر بمجموع 209 سجينات وسجناء، متبوعة بغينيا كوناكري 64 سجينة وسجينا ثم السينغال ب 38 سجينة وسجينا بالإضافة إلى الجزائر 47 سجينة وسجينا.
واحتلت القارة الأوروبية الرتبة الثانية بمجموع 232 سجينة وسجينا، يتصدرها الأجانب الحاملين للجنسية الفرنسية بمجموع 70 سجينا، ثم اسبانيا ب 64 سجينة وسجينا وهولاندا وبلجيكا على التوالي ب 33 و28 سجينة وسجينا، ثم القارة الأمريكية بمجموع 67 سجينة وسجينا ضمنهم 32 سجينة وسجينا من دولة البرازيل، ثم القارة الآسيوية بمجموع 50 سجينة وسجينا 25 منهم حاملين للجنسية السورية.
وأبرز المصدر ذاته، أن هذه الفئة من السجناء تخضع للنظام العام الخاص بالمؤسسات السجنية بالمغرب، رغم خصوصيتها النفسية والاجتماعية والصعوبة التي قد تواجهها في الاندماج والتواصل مع محيطها، كفئة تتواجد في فضاء جديد.
وسجل التقرير عددا من الصعوبات التي تواجه السجناء الأجانب أهمها، مشكل اللغة والتواصل مع الآخر، والبعد عن البلد الأصلي والأسرة، والأهم عدم مبالاة أغلب القنصليات بسجناء بلدانها -حسب التقرير- ومتابعة أوضاعهم والبحث عن حلول لمشاكلهم، خاصة السجناء المنحدرين من جنوب الصحراء وبعض البلدان العربية، الأمر الذي يتطلب مجهودات استثنائية وخدمات تضمن الحق في التواصل داخل الفضاء السجني والمحيط ومع الأسر ثم مع الإدارة.
وأوصى المرصد بالنهوض بأوضاع السجون وإحراز تقدم في هذا المجال الذي يتطلب الملاءمة الشاملة لمنظومة القوانين ذات الصلة بالشأن السجني بالمعايير الدولية، والتسريع بإخراج تعديلات القانون المنظم للمؤسسة السجنية رقم 23/98 إلى الوجود مع مراعاة اقتراحات الجمعيات الحقوقية في هذا الباب، بالإضافة إلى ضرورة ملاءمة القوانين وخصوصا المنظومة الجنائية العادية أوالعسكرية مع مقتضيات الدستور ومع الاتفاقيات ذات الصلة.


الكاتب : التازي أنوار

  

بتاريخ : 11/07/2019