بلغ عدد متتبعي سهراته وفقراته إلى أزيد من 120 ألف شخص .. اختتام فعاليات الدورة 19 لفعاليات المهرجان الوطني لعبيدات الرما بخريبكة

أسدل الستار على فعاليات المهرجان الوطني لعبيدات الرما، في دورته التاسعة عشر، بخريبكة، بعد أن أجمعت ارتسامات وانطباعات غالبية المهتمين والمتتبعين على نجاحه بما تضمنه من كرنفال كبير وفقرات فنية وندوة فكرية ومعرض للفنون التشكيلية وعروض بالمؤسسات السجنية، علاوة على بلوغ عدد المتتبعين إلى أزيد من 120 ألف، بحسب تصريح للمديرة الاقليمية لوزارة الثقافة، وعلى ما سجله من ارتفاع في عدد المشاركين والفرق التي تخطت الثلاثين، وتمثل أقاليم خريبكة، الفقيه بن صالح، بني ملال، بن سليمان، تازة، أزيلال وقلعة السراغنة، تم بها إحياء سهرات غنائية بمدن خريبكة، وادي زم وأبي الجعد، إلى جانب فرق اختيرت «ضيف شرف» من ألوان فنية تراثية أخرى.
وفضلا عن تميز دورة المهرجان بالطقوس المغربية الأصيلة، مثل الهدية (بتسكين الهاء)، وفن الحلقة الذي أبى المنظمون إلا رد الاعتبار له كتراث ثقافي، إنساني فرجوي مهدد بالانقراض، تميز أكثر بتنظيم كرنفال تراثي كبير جاب أهم شوارع مدينة خريبكة، على طول المسار الفاصل بين المركب الثقافي وساحة المجاهدين، شاركت فيه جميع الفرق المشاركة، وتخللته فرق شابة استعراضية، كما زينته مجسمات، عبارة عن دمى ضخمة، ترمز لشيخات وشيوخ الفنون الشعبية، وكانت للمنظمين لمستهم الفرجوية على هذا الكرنفال الذي جرى بإخراج وكوريغرافيا الفنان المغربي سعود بوحسين.
ومن تقديم وتنشيط الفنانة المسرحية حنان الخالدي، أعلن رسميا، من ساحة المجاهدين، عن انطلاق فعاليات المهرجان، في حضور جمهور غفير، وعدد كبير من الفاعلين والفنانين والجمعويين، والإعلاميين والمنتخبين ورؤساء المصالح الخارجية، والشخصيات المدنية والعسكرية، يتقدمهم عامل إقليم خريبكة، عبد الحميد الشنوري، مدير الفنون بوزارة الثقافة، محمد بن يعقوب، والمديرة الإقليمية لوزارة الثقافة والاتصال، خديجة برعو، حيث جرى تكريم قيدومين من شيوخ فن عبيدات الرما، الشرقي مطرب، عن مجموعة الخلالطة، ومحمد الحمداوي، عن مجموعة الرواشد، احتفاء واعترافا بما قدماه لهذا الموروث اللامادي الأصيل من عطاء وصيانة.
وخلال ذلك، تقدم مدير الفنون بوزارة الثقافة، ورئيسا المجلسين الاقليمي والبلدي بكلمات بالمناسبة، أجمعت في مجملها على أهمية المهرجان وإسهامه الأساسي في ما يرمي إلى إبراز التنوع المتميز بتعدد الروافد والمجالات، والخصوصيات الثقافية والفنية والحضارية واللغوية بجهات المغرب، وكيف أضحى مهرجان خريبكة منارة ثقافية بمساهمته في تثمين التراث المادي واللامادي، وضمان استمراريته، وبنجاحه في التعريف بفن عبيدات الرما التراثي الشعبي وتلاقح أجيال رواده، وكونه رافدا مهما من روافد الهوية المغربية، وقد عاشت الساحة على إيقاع لوحات تراثية و»سيمفونية الرما» تفاعل معها الحضور بحرارة، ومن ضمن الوسائل اللوجيستية بالساحة، لم يفت المنظمين تعزيز التظاهرة بشاشة كبرى تابع الحاضرون من خلالها فقرات البرنامج.
ومن بين فقرات المهرجان، وفي سياق انفتاح المهرجان على الجامعة المغربية، احتضنت الخزانة الوسائطية التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط، معرضا للفنون التشكيلية، حول «تيمة عبيدات الرما»، بمشاركة مجموعة من الفنانين التشكيليين، والذي لقي إقبالاً وتفاعلاً كبيراً من الزوار، وتوزعت الأعمال المشاركة بين مختلف الاتجاهات والتصورات، كما تم، بذات الفضاء، تنظيم ندوة فكرية في موضوع: «تطور وتجدد المواضيع المغناة في فن عبيدات الرما»، افتتحها عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية ببني ملال ، وشارك فيها باحثون وأساتذة جامعيون، ذة. سعاد بلحسين، ذ. محمد عاميلي، ذ. صالح شكاك وذ. الحبيب نصيري، وتسيير ذ. نبيل العياشي، حيث تمكنت أوراق الندوة من جر الحضور إلى الانغماس في نمط وتاريخ وحضارة الموروث الشعبي الفني المذكور، وإلى تفاعل جدي من النقاش المثمر.
وبينما جرى، على هامش الندوة الفكرية، تنظيم حفل توقيع كتاب «كلام الرما المطرز»، من جمع وتقديم الشاعرة والاعلامية، نوال الشريف، والكاتبة والمديرة الاقليمية لوزارة الثقافة، خديجة برعو، تحت إشراف د. شرقي النصراوي، د. لكبير الشميطي، والشاعر الموسيقي ذ. أحمد زلال، سجلت فعاليات النسخة الأخيرة من المهرجان حضور ركن من الذاكرة الشعبية والموروث اللامادي، وهو «فن الحلقة»، تحت إشراف المسرحي ذ. ادريس الطلبي، بمساعدة أحمد خزران، وتقريبه من عدة مواقع، مثل البيوت، ساحة القدس، ساحة المركب الاجتماعي الزيتونة، ساحة الحي المحمدي، والذي عرف أشكالا فرجوية، تعبيرية وفطرية ممتعة، جمعت بين المسرح الشعبي والقدرة على السرد، وبراعة الحكي والتشخيص والسخرية، وذلك من تنشيط رواد الحلقة من أمثال الحجاجي، الشرقاوي وقربال.
المهرجان في دورته التاسعة عشر، والذي سجل قفزة نوعية على مستوى التنظيم والثراء، ومستوى المقاربة التشاركية مع المجتمع المدني، والانفتاح على المحيط العام، نجح في إشراك أهم فرق ومجموعات عبيدات الرما على الصعيد الإقليمي، إلى جانب فنون أخرى متنوعة كعيساوة وكناوة، ومثل فرقة إعريمن من آيت وراين بتازة، وفرقة تيزويت أحيدوس من قلعة مكونة، وفرقة بوغانيم بوكماز، ومجموعة إيفريضن من أزيلال، ومجموعة اولاد علي الواد من بني ملال، وغيرها، وبعض هذه الفرق تم اعتبارها «ضيف شرف» بالمهرجان، إلى جانب فنانين مرموقين من أمثال محمد الأمدي، سعيد الخريبكي، عادل الميلودي.
وتميزت دورة المهرجان أيضا بتوسيع دائرة إشعاعه وسهراته على مستوى أماكن متفرقة، مثل ساحة المجاهدين وساحة مرجان بخريبكة، ساحة الشهداء بوادي زم، وساحة محمد الخامس بأبي الجعد، كما لم يفت المنظمين إدماج نزلاء مؤسستي السجن المحلي بخريبكة ووادي زم للبرنامج، في إطار انفتاح المؤسسة السجنية بالمغرب على المبادرات الانسانية والتثقيفية التي تسعى إلى إدخال البهجة والسرور على النزلاء والنزيلات، وإذكاء روح الإحساس لديهم بالانتماء للمجتمع في سياق مساعي التأهيل والادماج، حيث قام منظمو المهرجان بتنظيم عرس فني، بمشاركة عدد من الفرق الفنية، تفاعل معه النزلاء بحماس وفرح كبيرين.
ومعلوم أن مهرجان عبيدات الرما أضحى رمزا من الرموز الفنية والثقافية لخريبكة، جنبا إلى جنب مع مهرجان السينما الإفريقية، والذي امتدت فعالياته على مدى أربعة أيام، من الخميس 11 يوليوز إلى الأحد 14 يوليوز 2019، تحت شعار «فن عبيدات الرما، ثقافة وانتماء»، يعد تظاهرة سنوية من تنظيم وزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة)، بتعاون مع عمالة إقليم خريبكة ومجلس جهة بني ملال – خنيفرة والمجالس المنتخبة بالإقليم والمجمع الشريف للفوسفاط.


الكاتب : خريبكة : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 18/07/2019