وداعا المناضل النقابي والسياسي المختار عقيل

شيعت جموع غفيرة المناضل السياسي والنقابي المختار عقيل، عصر السبت الماضي بمدينة القصر الكبير، بحضور مناضلين من الطيف السياسي والنقابي والجمعوي والحقوقي، وأبن المرحوم المختار عقيل الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل عبد الحميد فاتحي، الذي عدد مناقب المرحوم، أخلاقا وسلوكا ونكرانا للذات وحضورا وازنا في كل المعارك النضالية اتحاديا وكونفدراليا و فدراليا، وتواضعا من شيم الكبار.
وكان في مقدمة مشيعي المرحوم محمد العلمي ومصطفى عجاب والمشيج القرقري، أعضاء المكتب السياسي، بالإضافة إلى عبد الحميد فاتحي، عبد الصادق السعيدي نور الدين فاتح، أعضاء المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والمموحي، الكاتب الجهوي للحزب بجهة الشمال بالإضافة إلى أعضاء الكتابة الجهوية والكتابات الإقليمية والفروع بالجهة وأعضاء المجلس الوطني .
وفي توديعه المناضل النقابي والسياسي المختار عقيل قال مصطفى عجاب من جانبه:
وداعا أخانا المختار عقيل.
على حين غرة، تخطف منا المنون رمزا آخر من رموزنا في هذه الجهة، لا نكاد نبرأ من ألم فراق عزيز حتى نفجع في آخر…
أشفق قليلا أيها الموت عنا.
ما عادت المرثيات تسعف.
ضقنا ذرعا بالصبر من هول الرزايا..
في العاشر من مارس الماضي نظم إخواني في إقليم العرائش حفل تكريم للمختار عقيل، وغصت جنبات قاعة دار الثقافة المختار الكنوني بالقصر الكبير بالحضور حتى إنها ضاقت على رحابتها من أن تسع لإخوة وأحبة ورفاق المختار والاتحاد..كلفت يومها بأن أبوح بشهادة في حق الرجل.. كانت المهمة كأن أتحدث عن الرجل في حضرته…ولأنه لم يكن لي بد من تقديم شهادتي في حقه…ارتجلت بضع كلمات ما كان لها أن توفي الرجل حقه:
عرفت سي المختار العاقل، هكذا كنّا نناديه، في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي مناضلا اتحاديا ونقابيا صلبا في القصر الكبير والعرائش وعلى الصعيد الوطني..غير أن رفقتي به عن قرب ابتدأت سنة 2006 عندما انتخبنا معا في عضوية الكتابة الجهوية للحزب بجهة الشمال بقيادة الفقيد الكبير، ورفيق الدرب، الحاج مصطفى القرقري.
منذ 13 سنة إذن كنت على مقربة من الرجل، كانت الاجتماعات واللقاءات تتوالى، وكان حبل المودة يزداد قوة ومتانة..
كنّا نحرص على أن نستمع لرأي العاقل..
فيما كان هو يتعفف عن الكلام..
في صمته تكمن الحكمة..
وعندما يتحدث يوجز..
وحديثه دوما حديث العاقل..
ما كان فينا، ولا منا، من يجادل سي المختار عندما يبدي رأيا..
بعد غياب الحاج المصطفى، كان الحاج المختار هو المرجع..
هو امتدادنا في الزمان..
هو عمقنا في المكان..
هو بصيرتنا حين يشتد التيهان..
أعود لحفل تكريم سي المختار، وكأن الذين رتبوا الحفل تنبؤوا بقرب رحيله، قلت إنني وَجِل أن أتحدث عن خصال الرجل في حضرته، ومع ذلك استأذنته في البوح ببعض مناقبه كما عرفته:
– إنه رجل مبدأ: لم يساوم على قناعاته رغم المحن والشدائد.
– إنه رجل واقعية: مواقفه وقراراته تنبع من تفكير عقلاني عميق، تجعله يقدر الظروف والملابسات، ولا ينجرف مع المزايدات والشعارات الرنانة.
– إنه رجل مسؤولية: في الحزب كما في النقابة، لم يسجل عنه أنه نافس على موقع أو مسؤولية، بل المسؤولية هي التي تطلبه، وكان دائما أهلا لها، وفي مستواها.
– إنه رجل خُلق: لم أسمعه يوما في مجالساته يغتاب أحداً، أويخوض في أعراض الآخرين، كان حريصا على أن يخيط بالأبيض في كل الأحوال.
– إنه رجل أمانة وعهد: كان إخوانه يأتمنونه على مال وممتلكات الحزب والنقابة، وما عرف عنه إلا الوفاء والصدق.
– إنه رجل عِشرة: صحبته أنيقة، كما معاشرة العطار في القول المأثور “من عاشر العطار نال من طِيبِه..”، وفي عِشرة المختار تنال الطيبة والود والطمأنينة ..
في ختام حفل تكريمه باح فينا المختار بوحا شفافا..أجمل ما أذكره منه، وفاضت عيني دمعا..عندما قال في الحضور وفي صوته بحة عذبة..اعتذر لزوجتي رفيقة دربي عما كان لي من تقصير في حقها بسبب التزاماتي ..
في حضرتك الثناء صعب يا مختار..
وفي رحيلك الرثاء أصعب يا مختار..
وداعا أيها العزيز..إلى جنة الفردوس إن شاء الله.. أحر التعازي لأرملتك وأبنائك وكل أهلك ورفاقك..


بتاريخ : 22/07/2019