الإجهاد الترابي والبشري، عندما أعلن الملك، «شيء ما ينقصنا»

عبد الحميد جماهري

من أوجه الإجهاد الترابي ( اقرأ الناصري، بوجروف…)، هو الفوارق المجالية التي يكشفها التقسيم الجهوي.
وقد فتح المغرب حوارا حول »دستور ترابي «متكاملٍ لتجاوز الأوضاع التي ترتبت عن ذلك:
أولا من خلال فتح المجال لحوارات وطنية حول إعداد التراب، من عهد حكومة التناوب، وثانيا من خلال تجويد التدبير الترابي للدولة، من خلال اللامركزية( الجهوية )، في تجاوب مع تجويد التدبير الإداري للدولة من خلال اللاتمركز ( إصلاح الإدارة).
وقد سبق أن كتبنا، أن المغرب جاهد من أجل طي صفحة الماضي، وتطوير البناء المؤسساتي، وحل العقد السياسية، من أجل أن ينتقل إلى دورة أكبر، مفادها الرفع من التأهيل الشامل ذي الطبيعة المادية والاقتصادية، يليها التدبير الجيد والشفاف لمشاكل التنمية البشرية، الفقر والبطالة والتعليم ومستوى المدرسة الوطنية… إلخ..
لم يعد في حكم القاموس الجديد للملكية، أن تخفى الحقيقة الاجتماعية بمساحيق الإطمئنان الذاتي، لهذا لا نعتقد بأن هناك ميلا إلى تقديم حصيلة وردية في سياق اجتماعي وترابي صعب للغاية، كما لا نشعر، منذ خطاب الذكرى الثامنة عشرة 18/ أن الملك يميل إلى أن يعلي من شأن المنجزات على حساب الخصاصات الهائلة والنواقص الرهيبة اجتماعيا، فقد طالب الملك بتحديد مكان الثروة الوطنية ( أين الثروة؟) ورافق ذلك بالتنصيص على أن ما تحقق في المغرب يذهب أدراج الشك، عندما نحكم عليه من خلال توزيع الثروة والمستفيدين منها، بل تجاوز ذلك إلى أن طالب بأن تقوم دراسة علمية بوضع الأشياء في نصابها.. نفس الدراسة التي أمر بها الملك بينت أن قيمة الثروة الإجمالية للمغرب “تجاوزت الضعف ما بين 1999 و2013 “، وأن المغرب لا يزال يواجه العديد من التحديات التي يتعين رفعها لا سيما ما يتعلق بالبطالة في صفوف الشباب، والفوارق الاجتماعية والجهوية. «…
واضح أن الفوارق الاجتماعية والمجالية، أصبحت في صدارة الأولويات، وذلك ما سيجعل التفكير في الفقر، وفي التراجع وفي الهشاشة، إلى غير ذلك من عناوين الإجهاد الترابي – البشري، متحررا من الاستعمال السياسوي أو الانتخابوي، سواء من مدخل التدين أو من مدخل الفساد الانتخابي.
التفكير في المواطنين في حالة إجهاد اجتماعي أو في المناطق ذات الإجهاد الترابي، كتحد مشترك، وكموضوع تفكير بعيد المدى وعقلاني ومتضامن عوض التفكير الانتهازي كموطن إيديولوجي أو رأسمال للحساب الانتخابي.
اليوم، نحن نقف على عتبة ثالث تحول استراتيجي في المغرب:
تحول أول، في بنية الدولة ومسارها القانوني والسياسي وتحول ثان، عبر المسار الاقتصادي للتأهيل المادي الشامل…
ونحن اليوم في عمق مسؤولية النموذج البشري الذي نريد، لتجاوز معضلة الفقر، ويصبح كل تفكيرعقلاني في الدولة وفي السياسة ممكنا….
لقد أصبح من الممكن رسم مسارات الدولة من خلال الكفاءة البلاغية الجديدة للدولة في المجال الاجتماعي، كما هو الأمر بالنسبة لسؤال الثروة
والحديث عن معادلة شبه شكسبيرية في المجال الاجتماعي، شيء ما ينقصنا في المملكة بنبرة انتقاد لا تخفى، والحديث عن العلاقة بالمواطن ورسم حدود قدرة الملك في حل معضلات كل من يلقاه، كما في حديثه عن الإدارة…
إنها بلاغيات تدخل إلى السجل التاريخي المشترك بين المغاربة وملكهم تعوض في المخيال الجماعي سجلا آخر، كان يؤلمنا من العهد السابق.…
ليس هنا واجب إجباري لتقديم حصيلة، في هذا الباب أو في غيره، لكن الخلاصة الممكنة هنا بعد عقدين، أن الملك يريد منا أن نقدم حصيلة اسمها المغرب، أطلق ديناميتها العهد الجديد، لكنها عمل مشترك بين الملك والحكومات والقوة المجتمعية والمجتمع المدني وكل مَواِطن المُواطنَة…

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 29/07/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *