«إساءة إذاعية» تغضب الأطباء وتدفعهم لتقديم شكواهم إلى «الهاكا»

 

وجهت الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء مراسلة إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، تشتكي من خلالها مضمون حلقة من برنامج إذاعي يحمل اسم «احضي راسك»، تم بثه على أثير الإذاعة الوطنية، والذي خلّف موجة سخط عارمة في أوساط الجسم الطبي، بالنظر إلى طبيعة التعاليق والردود وتوظيف منشطه لبعض المصطلحات والتوصيفات التي اعتبرها المهنيون «مسيئة لمهنة الطب ولهم، وتبخّسهم قدرهم وتزيد من رفع منسوب الاحتقان وجو اللاثقة بين المواطن والطبيب، وهو ما سيكون له تبعات وخيمة».
وأكدت المراسلة التي وقّعها الدكتور بوبكري محمادين، رئيس هيئة الأطباء، أن مقدم الحلقة اعتمد مجموعة من «الألفاظ والمصطلحات التي تعتبر أحكام قيمة وتهما مجانية حول مهنة الطب» مشددة على أنه تم «تكرار عدد من المغالطات التي تدخل في خانة القانون الجنائي من قبيل النصب والاحتيال، استعمال السلطة المعرفية من أجل ترهيب وتخويف المرضى، حث المرضى على التشكيك في كل ممارسة طبية، إلى جانب فساد مهنة الطب»، وطالبت هيئة الأطباء «الهاكا» باتخاذ التدابير المناسبة ضد «تلطيخ سمعة الطب».
بدوره التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص، الذي يضم ممثلين عن تنظيمات مهنية طبية متعددة وباختلاف التخصصات، راسل هو الآخر «الهاكا» معربا عن أسفه لاتهام الأطباء بممارسة النصب من طرف البرنامج ومعدّه، مشددا على أن عددا من وسائل الإعلام باتت تستهدف الأطباء وتحط من قيمتهم وكرامتهم وتنعتهم بأقبح النعوت، وتعمل على تقزيم أدوارهم مع تغافل كل الإيجابيات التي يحققها الأطباء للمرضى، مؤكدا أن جوّا من هذا القبيل لا يمكن إلا أن يرفع من منسوب الشحن والضغط ويتسبب في نتائج غير مرغوبة.
وفي تعليق له على ردود الفعل الغاضبة، نفى مقدم البرنامج من خلال تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن يكون قد عمّم أي وصف مسيء للأطباء، وشدّد على أنه «لأربع مرات وفي فترات متفرقة من عمر الحلقة، أكد أنه لا يعمم ويوجه تحية خاصة للأطباء الشرفاء»، مضيفا أنه قدّم صورا للتلاعب بصحة المواطنين من قبيل من وصفهم بـ «عدماء الضمير». وأبرز المتحدث أنه في ختام الحلقة «طالب هيئة الأطباء العمل على تنقية القطاع من المسيئين لمهنة الطب النبيلة».
مبرر لم يجد صداه عند عدد من الأطباء والمهتمين بالشأن الصحي الذين انبروا للدفاع عن مهنتهم، مستدلين على ذلك بالعديد من النماذج والأمثلة التي مكّنت من إنقاذ أرواح الكثيرين والتخفيف من آلام فئات عريضة من المواطنين في القرى والمداشر من خلال قوافل طبية وغيرها. وأكد الغاضبون أن هناك مؤسسات وقوانين تنظم العلاقة بين الطبيب والمريض، وإذا ما اعتبر أحد المواطنين أنه تعرض لضرر ما ويتوفر على ما يثبت طرحه، فهناك هيئة الأطباء التي يمكنه التوجه إليها لتقديم شكواه، كما أن هناك مفتشية تابعة لوزارة الصحة، فضلا عن مؤسسة القضاء، التي يمكنها تمكين الشخص من حقوقه إذا كان على صواب. وشدّد عدد من المهنيين على أنه يجب تسمية الحالات بمسمياتها عوض التعميم والنيل من سمعة الأطباء بشكل عام، الأمر الذي يزيد من تعميم الغضب والسخط، في ظل وضع صحي يعرف خصاصا مهولا في أعداد الأطباء، ويزيد الوضع احتقانا بالاستقالات التي يتم تقديمها عوض فك الإشكالات التي يتخبط فيها القطاع، مؤكدين أنه في ظل كل هذه الأجواء يتشبث الكثير من الأطباء بخدمة وطنهم عوض الهجرة إلى دول أخرى تقدم عروضا جد مغرية، داعين إلى احترام كل المهن عوض نشر ثقافة التيئيس والتخوين.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/08/2019