بعد «الأيام الأخيرة لمحمد» هالة الوردي تثير الجدل بجديدها  « LES CALIFES MAUDITS»

لم يكد السّجال الفكري حول كتاب «الأيام الأخيرة لمحمد» الصادر منذ ثلاثة أعوام يضع أوزاره، حتى انفلت عقال مراء واسع جديد مداره صدور كتاب  « LES CALIFES MAUDITS»( الخلفاء الملعونين) لنفس الكاتبة هالة الوردي، الباحثة في المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية وأستاذة الأدب الفرنسي بالجامعة التونسية، خاصّة بعد وصف المؤرخ هشام جعيّط للمؤلف الجديد بـ»الرواية التاريخية ذات المنحى الإيديولوجي».

سردية أدبية أم بحث تاريخي؟

أثار صدور «الخلفاء الملعونين»ردود أفعال متباينة، حيث رأى المؤرخ والمفكّر هشام جعيّط، في الكتاب تحايلا فظّا على التاريخ لافتقاده للقراءة المعمّقة للمصادر والمراجع وفق وصفه. مضيفا في ذات السياق، أن المؤلّف لا يعدو أن يكون سوى «رواية تاريخية من صنف الأدب الروائي وهي ذات منحى أيديولوجي». كما اعتبر المؤلف مهاجمة وتحقيرا لفترة مهمة من تاريخ الإنسانية أعطي شكل الرواية وأعطي من وراء ذلك للرواية شكل التاريخ المدقق والموثق، فيما ذهب الباحث في الحضارة العربية سامي براهم، وفي معرض ردّه على كتاب «الخلفاء الملعونون» ومؤلفها السابق «الأيّام الأخيرة للرسول أنّ» الكتاب الأخير لا يعدو أن يكون سوى سرديّة أدبيّة وأن ما يقوّض طروحاتها الهشّة هو اعتمادها على «عملية جمع مجتزأ انتقائي لنصوص موجودة في كتب التراث دون تمحيص ودون تدقيق».
وعلى النقيض، اعتبر عميرة عليّة الصغيّر، الجامعي المختص في التاريخ المعاصر ومدير وحدة البحوث والدراسات التاريخية بالمعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية، أن الباحثة هالة الوردي ورغم عدم تخصصها في مجال الدراسات التاريخية فإنّها استجابت لشروط البحث التاريخي وأجهدت نفسها في فضح الثقافة التمجيدية التي تملّكت ذهنية العديد من الباحثين، وهو ما ذهب إليه شكري المبخوت، الجامعي والأديب، في تدوينة فايسبوكية حيث أكّد ما ذهب إليه المؤرخ علية عميرة من اعتبار تعليق جعيط على كتابي هالة الوردي لا يرقى لمرتبة النقد العلمي. معتبرا أنّها ليست المرّة الأولى التي ينتصب فيها الأستاذ جعيّط محقّرا لأعمال تونسيين آخرين». مضيفا في ذات السياق أن تصريح جعيّط هو « تعال ومصادرة للمعرفة ولحرية البحث العلمي».

تصالح بين النصوص

الكاتبة التونسية هالة الوردي، خلال استضافتها في قناة «فرنسا24»، قالت إنها لا تدّعي تقديم أطروحة جديدة وإنّما عملت على جمع شتات نصوص تراثية سنيّة وشيعيّة ثمّ قامت بـ»تصالح» في ما بينها. مشيرة إلى أنّ كتابها الجديد هو مواصلة وتتمّة لكتابها «الأيّام الأخيرة لمحمد» الصادر سنة 2016.
و اعترفت هالة الوردي بأنّ كلّ ما ورد في كتابها الأخير «الخلفاء الملعونين»، وهي الترجمة الأقرب لعنوان النسخة الفرنسية للكتاب «Les califes maudits»، ليس إلاّ تجميعا وإعادة قراءة لنصوص تراثيّة إسلاميّة أو ما أسمته بـ»تصالح بين النصوص»، مشيرة إلى أنّ كتابها الجديد هو مواصلة وتتمّة لكتابها «الأيّام الأخيرة لمحمد» الصادر سنة 2016.
وتدافع هالة الوردي على فكرة أن الرسول قد قتل مسموما من قبل أصحابه (الخلفاء)، الذين تسمهم بالغدر والانتهازية. وتقول إنها اعتمدت على صحيحي البخاري ومسلم في إثبات فرضياتها، مدّعية أنّ «الصراع بين السنة والشيعة بدأ بتغييب عائلة الرسول المصغّرة من مشاورات تعيين الخليفة بعد موته».


بتاريخ : 07/09/2019