مجلس الحسابات ينتقد تدبير وزارة الفلاحة لسلسلة الزيتون : غياب التتبع وعدم وضوح الرؤية وسوء تصريف الدعم العمومي

 

انتقد التقرير السنوي الأخير للمجلس الأعلى للحسابات العديد من الاختلالات والنقائص على مستوى مهمة تتبع إنجاز عقد البرنامج الذي وقعته الدولة مع مهنيي سلسلة الزيتون، وهي المهمة التي أنيطت بمديرية تطوير سلاسل الإنتاج التابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وذلك بهدف وضع مخططات عمل تتعلق بسلسلة الزيتون وذلك من أجل تنفيذ الالتزامات المتعلقة بكل طرف وفقا للفصل 30 من العقد ،غير أن المجلس سجل غياب هذه المخططات، ولم يتوصل بأي منها .
كما سجل المجلس تأخيرا في التحيين والمصادقة على المخططات الفلاحية الجهوية، التي تعتبر بمثابة تنزيل لمخطط المغرب الأخضر على مستوى كل جهة، بحيث لم تتم ملاءمتها مع التقسيم الإداري الجديد، كما لم يتم إدخال التعديلات الضرورية على محتواها وذلك منذ البدء بالعمل بها منذ ما يزيد عن 8 سنوات . علاوة على ذلك، ووفقًا للفصل 32 من العقد، فإنه يتعين على لجنة تتبع العقد إعداد تقرير سنوي يرصد حصيلة المنجزات وتوجيهه إلى رئيس الحكومة وإلى كافة أعضاء اللجنة. غير أنه ومنذ سنة 2009 ، لم يتم إعداد سوى ثلاثة تقارير فقط همت سنوات 2013 و 2015 و2016.
كما وضع التقرير أصبعه على المشاكل التي تتخبط فيها السلسلة على مستوى تأهيل الفدرالية البيمهنية والنسيج التعاوني، مسجلا وجود تأخير في حصول هذه الأخيرة على اعتراف الدولة كممثلة خاصة لسلسلة الزيتون، حيث لم يتم الحصول على هذا الاعتراف إلا في غضون شهر دجنبر 2017 وقد ترتب عن هذا التأخير غياب تمثيليات جهوية لهذه الفدرالية في العديد من الجهات، والتي تخول لها تعزيز مشاركتها في تنفيذ الأهداف المسطرة في إطار العقد وكذا مصاحبتها عن كثب للمنظمات المهنية الفلاحية المنضوية تحتها.
بالإضافة إلى ذلك، واجهت هذه الفدرالية مجموعة من الصعوبات حالت دون استخلاصها لمساهمات الأعضاء من جهة، وإبرام اتفاقيات موسعة من جهة أخرى، وهو الأمر الذي أثر سلبا على خزينتها وأدى إلى عدم وفائها بالتزاماتها، لاسيما في إطار الاتفاقيات الثلاث التي أبرمتها مع الوزارة، والتي التزمت من خلالها الفدرالية البيمهنية بالمساهمة بما يقدر ب 52 مليون درهم موزعة بين 12مليون درهم لتعزيز استهلاك منتجات الزيتون عالية الجودة في السوق المحلية و 20 مليون درهم لإحداث قطب لزيت الزيتون في مدينة مراكش لتعزيز البحوث التطبيقية في قطاع الزيتون و 20 مليون درهم لتعزيز أنشطة القطب الفلاحي لزراعة الزيتون التابع للمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس .
وعلى مستوى الإنتاج والجودة اعتبر التقرير أن هناك تطورا غير مستقر لإنتاج الزيتون وللمردودية، حيث بلغ الإنتاج الوطني من الزيتون 1,56 مليون طن في 2017 / 2018 ، وهو ما يمثل حوالي 62,4 % من الإنتاج المسطر في أفق عام 2020 وهو 2,5 مليون طن. غير أن هذا الإنتاج يخضع لتقلبات كبيرة من سنة لأخرى بسبب ظاهرة التناوب التي يعرفها إنتاج الزيتون وعدم انتظام التساقطات المطرية والنقص في صيانة البساتين في المناطق البورية)غير المسقية(، مما يؤثر سلبا على الإنتاجية. وقد بلغ متوسط معدل الإنتاج الذي تم تسجيله بين موسمي 2008 / 2009 و 2017 / 2018 حوالي 1,3 مليون طن، أي ما يمثل 54 % من الهدف المسطر.
بالإضافة إلى هذا التقلب، لاحظ المجلس الأعلى أن هناك كميات كبيرة من محصول الزيتون غير خاضعة للمراقبة وذلك بسبب عدة عوامل، لا سيما الطرق غير المنظمة للإمداد بالزيتون. وتقدر مديرية الاستراتيجية والإحصاء التابعة للوزارة هذه الكميات ب 1,9 مليون طن ما بين موسمي 2008 / 2009 و 2017 / 2018 ، أي بمتوسط 189.000 طن لكل موسم.
وانتقد التقرير ضعف النسيج الإنتاجي بسبب صغر مساحات ضيعات الزيتون وقلة تنوع الأصناف المزروعة تتميز زراعة الزيتون على الصعيد الوطني بهيمنة الملكية الصغيرة والضيق الملحوظ للمزارع. حيث يشكل صغار الفلاحين الذين يملكون مساحات تقل عن خمس هكتارات ما يقرب 93 % من مزارعي الزيتون بالمغرب. وعلى سبيل المقارنة مع دول أخرى، فإن مزارعي الزيتون الذين يستغلون مساحة أقل من خمس هكتارات في تونس، المنافس الرئيسي للمغرب في المنطقة، لا يمثلون سوى % 47 من مجموع مزارعي الزيتون.
وسجل التقرير غياب التتبع وعدم وضوح الرؤية حول انعكاسات الدعم العمومي المخصص لتجهيزات السقي الموضعي حيث تبين من خلال تحليل البيانات التي توصل بها المجلس من الوزارة والمتعلقة بالفترة الممتدة ما بين 2009 و 2016 أن مزارع الزيتون المخصصة للسقي الموضعي التي استفادت من الدعم المشار إليه أعلاه لا تمثل سوى 23 % من إجمالي مساحة مزارع الزيتون التي تم دعمها والتي تقدر ب 34.079 هكتار، مقابل 41 % بالنسبة للمزارع ذات كثافة منخفضة ومسقية بنظام آخر غير الموضعي و 36 % بالنسبة للمزارع التي توجد في المناطق البورية.


الكاتب : عماد ع

  

بتاريخ : 18/09/2019