المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يدق ناقوس الخطر بخصوص استمرار زواج الطفلات القاصرات

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى الحسم في سن الزواج وتحديده في الـ 18عشرة، وعلى ضرورة تعديل مدونة الأسرة ومراجعة الفصول الـ20و21و22 بما يتلاءم ومقتضيات دستور 2011.
وطالب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتسريع المسلسل الذي بدأ بالفعل والمتعلق بالقضاء على تزويج الأطفال والطفلات، بما يحقق المصلحة الفضلى للطفل طبقا لتعهدات المغرب في إطار الغاية الثالثة من الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030.
وأبرز المجلس، في رأيه حول موضوع تزويج الطفلات تحت عنوان “ما العمل أمام استمرار تزويج الطفلات بالمغرب؟”، والذي قدمت مضامينه خلال ورشة نظمت يوم أول أمس الأربعاء 18 شتنبر الجاري بالرباط، أنه لتحقيق هذا المبتغى ينبغي للمغرب وضع استراتيجية شاملة هدفها القضاء على هذه الممارسة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وسجل المجلس أن هذه الاستراتيجية يجب أن ترتكز على ثلاثة محاور أساسية، تهم تحسين الإطار التشريعي والمنظومة القانونية، من خلال ملاءمة أحكام مدونة الأسرة مع مضامين الدستور والاتفاقيات الدولية، عبر نسخ المواد 20 و21 و22 من المدونة المتعلقة بتزويج الأطفال، والعمل على تطوير الوساطة الأسرية.
كما تهم هذه المحاور، يضيف المجلس، محاربة الممارسات الضارة بالأطفال والنساء من خلال التنفيذ المستدام والمندمج لمختلف السياسات والإجراءات العمومية على الصعيد الوطني والترابي، فضلا عن تحسين وضمان تتبع وتقييم تدابير القضاء على تزويج الأطفال .
وفي تصريح لأحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي  بالمناسبة، أوضح  أن هذا التقرير يهم ظاهرة لاتزال منتشرة اليوم في المجتمع المغربي وهي زواج الطفلات أو القاصرات، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تضر بالأسرة وبشريحة من المغاربة وبالتالي آن الأوان لإعادة النظر في مدونة الأسرة من أجل الحد من هذه الممارسة .
وأبرز  الشامي أنه على الرغم من أن المدونة منعت زواج القاصرات إلا أنها منحت إمكانية تطبيق “استثناءات” للقاضي في هذا الإطار، مضيفا أن 85 في المئة من طلبات تزويج الأطفال حصلت على الترخيص “ما بين سنتي 2011 و2018”.
وحسب المجلس، فإن هذا الرأي، الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع خلال الدورة العادية المئة لجمعيته العامة، يقوم بتحليل أسباب وآثار استمرار هذه الممارسة، ويقترح جملة من التدابير العملية الرامية إلى القضاء عليها، مشيرا إلى أن إنجاز “الرأي” تطلب استعراض مختلف النصوص التشريعية ذات الصلة وتنظيم العديد من جلسات الإنصات مع الفاعلين المعنيين، بالإضافة إلى نقاشات معمقة بين مختلف الفئات المكونة للمجلس.
ويبرز المجلس في هذا “الرأي” أن تزويج الأطفال، الذي لا يزال منتشرا بقوة في المغرب، يشكل عائقا حقيقيا يحول دون تحقيق التنمية، ويؤدي إلى عواقب وخيمة على الصحة النفسية والبدنية للأطفال، بسبب تقليصه لحظوظهم في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية والفكرية.
وضمن الأرقام الإحصائية، التي قدمها رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول تزويج القاصرات، فإن وزارة العدل، قد سجلت برسم   2018، 32.104طلب زواج مقابل 20.312 برسم 2016. إذ حصلت نسبة 85في المئة من مجموع الطلبات مابين 2011و2018على الترخيص .
ووفق ذات الأرقام، المتضمنة في رأي المجلس، فإن الفتيات يشكلن 94.8 فـي المئة من مجموع  المعنيين بـزواج القاصر بما يعادل 45.786  فضلا عن أن 99 فـي المئة من طلبــات الــزواج  كانت قد همت الفتيات خلال  الفتــرة 2007-2018.
ولفت الرأي إلى أن إحصائيــات وزارة العــدل لا تأخذ بعيــن الاعتبــار إلا طلبــات زواج القاصــر والــزواج المبــرم، مما يُقصي خارج إحصائياتها الرسمية زواج الأطفــال غيــر الموثــق شــرعيا (الــذي يطلــق عليــه اسم «زواج الفاتحــة» أو زواج «الكونطـرا» وهـو زواج بوسـاطة «عقـود» مبرمة بين رجال يعيشون في الغالب خارج المغرب وأولياء الفتيات القاصرات مقابل الحصول على مبالغ مالية،  حسب توضيح المجلس.
كما أشار الرأي إلى غياب إحصائيات دقيقــة حــول زواج الأطفــال ضحايــا الاتجــار بالبشــر، أي ضحايـا  الــزواج المسمى «زواج الكونطــرا». لكن، بالمقابل، سجل الرأي وجود شبكات وسطاء يملكون لوائح حقيقية لفتيات جاهزات «للعرض في السوق» علما أن هذا النوع من الزواج يعرض، حسب الرأي، الفتيات للاستغلال الجنسي في إطار شبكات للدعارة والعمل القسري.


الكاتب : الرباط: عبدالحق الريحاني

  

بتاريخ : 20/09/2019