مركز الظرفية يدعو الحكومة للتخلي عن التقشف ومواكبة النمو بسياسة توسعية مشغلة .. توقعاته أكثر تفاؤلا من بنك المغرب ويترقب نموا بمعدل 4.6 % في 2020

 

أعلن المركز المغربي لدراسة الظرفية الاقتصادية عن توقعات نمو أكثر تفاؤلا خلال السنة القادمة، ودعا الحكومة إلى اغتنام الفرصة ومواكبتها من خلال اعتماد توجهات توسعية في إعداد ميزانية 2020، منتقدا التوجهات الكبرى للرسالة التوجيهية التي بعثها رئيس الحكومة لوزرائه بهذا الصدد والتي قال عنها خبراء المركز أنها تكرس التوجه التقشفي.
وتوقع المركز المغربي لدراسة الظرفية أن يعرف الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 4.6 في المائة خلال سنة 2020، وهو رقم جد متفائل مقارنة مع التوقعات التي أعلنها بنك المغرب بفارق يومين قبل ذلك، والتي يرى فيها أن معدل النمو المرتقب للاقتصاد المغربي في 2020 سيكون حوالي 3.8 في المائة فقط. وعن سبب هذا الفارق، قال محمد الطهراوي، الباحث في المركز المغربي لدراسة الظرفية الاقتصادية، “نعتقد أن الإنتاج الفلاحي سيعرف قفزة كبيرة هذه السنة بسبب الانخفاض الناتج علن الجفاف في العام السابق. فبعد انخفاض بنسبة 3.7 في المائة خلال 2019، نتوقع أن تعرف القيمة المضافة للقطاع الأولي زيادة بنسبة 9.5 في المائة خلال 2020، والتي نعتبرها بمثابة قفزة استدراكية”.
إضافة إلى ذلك، يقول الطهراوي، يرى المركز المغربي لدراسة الظرفية الاقتصادية أن كل النقاش الجاري في المغرب حول مراجعة النموذج التنموي لا بد أن تسفر عن مبادرات وقرارات سيكون لها وقع على معدل النمو. ويرى الطهراوي أن الطلب الخارجي الموجه للمغرب يرتقب أن يعرف تحسنا ضئيلا رغم فتور النمو العالمي، كما توقع تحسن مؤشرات نمو القطاع الصناعي وقطاع البناء والأشغال العمومية والأنشطة الخدماتية بالمغرب.
وأشار الطهراوي إلى أن الدراسات التي أنجزها المركز أبرزت أن الاقتصاد المغربي لم يتمكن خلال العقدين الأخيرين من تحقيق إمكانياته الكامنة فيما يتعلق بمعدل النمو، والذي يظل يدور في نحو 3 في المائة في الوقت الذي تشير فيه الدراسات إلى أن بإمكانه بلوغ ما بين 5 و6 في المائة.
وقال الطهراوي “طوال هذه الفترة كان معدل الاستثمار الوطني يناهز 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو معدل قوي جدا قل أن تبلغه اقتصاديات دول أخرى”. وأشار الطهراوي أن البلدان الأخرى عندما تبلغ هذا المستوى من الاستثمار الوطني فإن نسب نموها تناهز 7 في المائة، متسائلا عن مكمن الخلل بالنسبة للمغرب. وتساءل “هل طريقة تقديرنا للاستثمار الوطني خاطئة؟ ، مشيرا إلى أن العديد من المحللين تحدثوا عن عدم نجاعة الاستثمارات، وأردف قائلا “لو كان الأمر يتعلق فقط بنجاعة الاستثمارات لتم إصلاحه خلال العام الأول أو الثاني، أما أن يصبح الأمر مزمنا لعقدين من الزمن فعلينا أن نبحث عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الضعف المزمن لعائد الاستثمار”.و
أشار الطهراوي إلى ضعف تحول البنية القطاعية للاقتصادية، التي تشكل الخدمات 50 في المائة منها، وهي نسبة مشابهة للدول المتقدمة، غير أن قطاع الخدمات عندنا يختلف عن قطاع الخدمات في الدول المتقدمة الذي تهيمن عليه الخدمات التكنولوجية والخدمات ذات القيمة المضافة العالية، وكذا إلى ضعف توليد النمو الاقتصادي لفرص العمل في المغرب، موضحا استمرار ارتباط معدل النمو الاقتصادي بالفلاحة وتقلبات المناخ، مشيرا إلى أن الخطاب الذي يروج لعكس ذلك، هو خطاب مضلل كما تبين سلسلة معدلات النمو التي يحققها الاقتصاد الوطني من سنة إلى أخرى.
ودعا إلى تحرير الاقتصاد الوطني من الارتباط بتقلبات المناخ عبر المزيد من التنمية للقطاعات الصناعية والتصديرية والمدرة لفرص الشغل، وتكييف التكوين والبحث العلمي والتنموي، داعيا الحكومة إلى استغلال الفرصة التي يتيحها النمو المرتقب في 2020 بنسبة 4.6 في المائة لتعيد النظر في سياساتها، مشيرا إلى أن رسالة رئيس الحكومة التوجيهية بخصوص إعداد الميزانية لم تأت بجديد، بل إنها بالعكس لم تخرج عن إطار تكريس التقشف.
وأكد أحمد العبودي بدوره على أهمية توطيد النمو الاقتصادي والتي يجب أن تكتسي طابع أولى الأولويات. وقال إن كل شيء يتعلق بمعدل النمو وحجم الناتج الخام الداخلي. إذ بدون نمو لن تتوفر الميزانيات لتشجيع الثقافة وتمكين الفنانين والمثقفين من وسائل التعبير، مشيرا إلى أن تنمية الصادرات ليست اختيارية، وإنما هي ضرورة حيوية، وإلى ضعف تغطية الصادرات للواردات، والتي تنتج فجوة تبتلع كل مكاسب تحويلات مغاربة العالم والاستثمارات الأجنبية، وإلى أنه رغم ذلك يبقى هناك عجز ستضطر الحكومة هذه السنة للخروج معه إلى السوق الدولية بهدف الاقتراض قصد تغطيته.


الكاتب : مواسي لحسن

  

بتاريخ : 30/09/2019