أطروحة الجيش والإسلاميين .. ومزوار ! 2/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

وهي أطروحة موجودة في مستويات عديدة من التفكير، سواء في الدول أو في النخب أو في المراكز الدولية للقرار..
ففي الجزائر، التي كانت تعلةَ وعتبةَ الموقف القاسي للخارجية المغربية، نجد أن هذه الأطروحة سبق للإسلاميين أن تقدموا بها في أبريل 2018، وهم المنضوون تحت لواء الاسلاميين في النظام الشرعي، ورفضته المؤسسة بوجود بوتفليقة على متن المركب.
فقد سبق لعبد الرزاق مكري، زعيم حزب حركة المجتمع من أجل السلم «حمس»، الذي يرث جزءا من تاريخ الإسلاميين الجزائريين، ومَثَّل امتدادا لجبهة الإنقاذ في الحقل السياسي الجزائري أن تقدم بمقترح سياسي عن انتقال ديموقراطي يقوده الجيش رفقة الإسلاميين وبعض الأحزاب، ومنها جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية.
وقد كان رد القايد صالح وقتها، وهو بالقرب من بوتفليقة، أنْ رَفَضَ المقترح معتبرا أن الجيش غير معني..
جرت مياه كثيرة ولا شك تحت نهر الجزائر الشقيقة، لكن الموقف، كان ولا شك هو تولي الجيش القيادة برمتها بدون البحث عن تسوية مع الاسلاميين.. الذين يعتبرهم مزوار، عن حق، قوة سياسية منظمة، وإن لم تكن دوما الوحيدة“.
هذه الأطروحة التي رفضتها المؤسسة العسكرية في الجزائر، سرت في الكثير من العواصم العربية والشرق أوسطية، بل اقْتُرٍحَتْ على الكيان السياسي المغربي في وقت سابق، من بداية العهد، على أن يكون البلد هو المختبر الأول للجمع بين النظام والقوى السياسية في الحركة الدينية، وهو أمر لم يحدث سوى بعد عشر سنوات من بعد ترتيبات ليس مجال التفكير فيها.. بعيدا طبعا عن المؤسسة العسكرية.
أطروحة دافعت عنها مراكز قرار أمريكية وقوى أخرى في الغرب، باعتبار أن القوتين، العسكرية والإسلامية، أي التقنوقراط المسلح والتقنوقراط الملتحي، هما القوتان الحاسمتان، لتقديم بديل عن الإسلام الجهادي، وكانت الأطروحة من صميم مشروع الشرق الأوسط الكبير، على قاعدة تبييئ الاسلاميين عن طريق الجيوش في الجمهوريات حينا، وعن تطبيع وجودهم في الحقل السياسي حينا آخر..
والحقيقة أنها أطروحة، سرعان ما أدت إلى حدة الصراع (نموذج مصر والسودان) أو إلى فشل التوافق (الجزائر) ، اللهم إلا في تونس التي أمَّن فيها الجيش المسار الانتقالي، وأمَّنَ المؤسسات الكبرى. ساعده في ذلك وجود قوة سياسية منظمة ومدرسة بورقيبية متغلغلة ووجود بنيات سياسية ومجتمعية قادرة على تجاوز الاستعصاء الذي دفع الجيش إلى تأمين مسارات الثورة. والنتيجة أمام أعيننا.. بعد انسحابه من لعب أي دور.
إغراء مثل هذا، داخل المغرب، لم يعلن عنه بوضوح، في التداول العام، إلا في شقه الصعب واللانظامي، وقد ورد في مقترح قدمه الشيخ ياسين رحمه الله، عندما اقترح نظاما يجمع الملكية والجيش والعلماء، في لحظات يبدو أنها لم تعد تقدم كوصفة .. ومن يتصفح رسالة الشيخ رحمه الله سيجد فيها نقدا لكل الأطروحات التي يراها خارج النصيحة وقيادة الأمة، إلى أن يقول بأن القوة الوحيدة القادرة على النهوض للعمل في المغرب هي الجيش، «إن وجدت قيادة صادقة، وتَفَرَّغ العلماء لتوعيتهم وتربيتهم، وبمعنى آخر الجيش والإسلامييين الذين يقودهم العالم ياسين، والملكية باعتبار أن الرسالة موجهة إلى الملك الراحل ..
هذا نوع من الأطروحات التي وجدت وتوجد وستوجد..
وهي أكبر بكثير من أن تبقى بدون نقاش عام، على هامش موقف يجد راهنيته في موقف ديبلوماسي لرجل كان قائد ديبلوماسية ثم قائد الرأسمال الوطني..
إن سؤال العمق هو: ألا يمكن لكل هذه المناصب والمهام أن تُحَصِّن «كفاءة»“ من هذا النوع؟

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 18/10/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *