رجال القانون ينتفضون ضد محاولة الحكومة «استثناء» الدولة من تنفيذ الأحكام القضائية : بنشعبون يرد بأن ممتلكات الدولة لا يمكن حجزها أو اعتبارها ضمانات لديونها

انتفض رجال القضاء والقانون ضد مادة أدرجت في مشروع قانون المالية لسنة 2020 تحصن مصالح الدولة ضد تنفيذ الأحكام القضائية وتمنع حجز ممتلكاتها من طرف المحكوم لهم ضدها، واعتبروه مسا خطيرا باستقلال السلطة القضائية وسلطتها.
فيما دافع محمد بنشعبون،وزير الاقتصاد والمالية عن هذا الإجراء، معتبرا أنه لا يمكن السماح برهن ممتلكات الدولة مقابل ديونها، ولا بممارسة الحجز عليها. وأوضح بنشعبون في تصريح على هامش الندوة الصحافية التي عقدها أمس لتقديم قانون المالية، أن الهدف من هذا الإجراء هو الحفاظ على التوازنات وعلى استمرارية مصالح الدولة، و أن الأحكام الصادرة من طرف القضاء لا بد من تنفيذها، ولكن في حدود ما تسمح به ميزانية المصلحة المعنية، مع التزامها ببرمجة المبالغ الضرورية لتنفيذ الأحكام الصادرة ضدها في الميزانيات المقبلة.
وتنص المادة 9 من مشروع قانون المالية 2020 على أنه “يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية. وفي حالة صدور قرار قضائي نهائي اكتسب قوة الشيء المقضي به، يدين الدولة بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه ستون يوما ابتداء من تاريخ تبليغ القرار القضائي السالف ذكره في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية، يتعين على الآمرين بالصرف إدراج الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية في حدود الإمكانات المتاحة بميزانياتهم. وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف باتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة. غير أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز لهذه الغاية”.
وسبق للحكومة أن أدرجت مقتضيات شبيهة في مشروع قانون المالية للسنة الحالية ضمن المادة “8 مكرر”، ولكن لم تعتمد في البرلمان بعد إثارتها لجدال مماثل.
في هذا السياق، وجهت مجموعة من قيدومي ونقباء هيئات المحامين بالمغرب رسالة نارية إلى المحامين والرأي العام تحت عنوان “نرفض التلاعب بأحكام القضاء ضد الدولة بمشروع قانون المالية الجديد”.
ووصفت الرسالة التي وقعها كل من عبد الرحمان بنعمرو وعبد الرحيم الجامعي ومحمد مصطفى الريسوني وإدريس شاطر وامبارك الطيب الساسي وادريس ابو الفضل وحسن وهبي، ما جاء في المادة 9 من مشروع قانون المالية “بأخطر المقتضيات التي ستغتصب مصداقية القضاء ومصداقية أحكامه ضد الدولة وستقوض أحد المقومات الأساسية لدولة القانون”. وأشارت الرسالة إلى أن هذه المادة “منحت للدولة وللإدارة المحكوم عليها و للمحاسبين التابعين لها سلطة فوق سلطة القضاء، و قوة فوق قوة قراراته، وأعطت الإدارة حق التصرف في تنفيذ الأحكام حسب نزواتها وميولاتها وصلاحياتها التحكمية سواء لتنفيذ الحكم أو تأجيل التنفيذ لسنوات دون تحديد ولا آجال”.
وأوضحت أن المسطرة المدنية الصادرة بظهير، والتي تنظم تنفيذ الأحكام القضائية، لا يمكن إلغاؤها بمقتضيات قانون المالية، كما اعتبرت الرسالة هذه المادة بمثابة فتح النار على قرارات المحاكم الإدارية الشجاعة “التي أطلقت اجتهاداتها بجرأة قضائية مثالية، وأصبحت تصدر أحكاما بالحجز على أموال الإدارة بين يدي المحاسبين، ولتقول للإدارة ولأعوانها انتم و المتقاضون سواء أمام القانون، وان القضاء الإداري يمنع التعامل بالتمييز مع أطراف الدعوى. فضلا عن أن القضاء الإداري لم يوجد أصلا كما تعلم الدولة و الحكومة ، سوى للتصدي للقرارات الجائرة و للشطط وللتعسف الإداري”.


الكاتب : مواسي لحسن

  

بتاريخ : 24/10/2019