إلَى أَمْجَد نَاصِر

(1)

بِوَسْعِكَ الْآنَ
أَنْ تَكْتُبَ تَلْوِيحَةَ الرَّحِيلِ غَيْمَةً تَصْدَحُ بِالْحَيَاةِ
وَتَتْرُكُ مَقْهَاكَ اللُّنْدُنِيَّ وَحِيداً يَبْكِي عُزْلَةَ الْكَرَاسِي
وشَوَارِعَ مَنَافِيكَ مَلِيئَةً بِظِلَالِ عُبُورِكَ
وَشُرْفَتَكَ الْفَرِيدَةَ تُغَنِّي مِصْبَاحَكَ الَّذِي
أَوْدَعْتَهُ قِسْطاً مِنْ أَمَلِ الْخَيَالِ
وَتَصْفَعَ الْعَالَمَ بِرَكْلَةٍ عَابِثَةٍ

(2)

بِوَسْعِكَ الْآنَ
يَا صَاحِبِي فِي الْغِوَايَةِ
أَنْ تَتَّجِهَ صَوْبَ عُزْلَتِكَ مُتْخَماً بِرِيحِ الْحَيْرَةِ
رِفَاقُكَ أَلْفَاظٌ مِنْ وَجَعٍ
مَعَانِي تَلْتَحِفُ مَجَازَاتِ الدَّهْشَةِ
تَطْرُدُ مِنْ سَمَاءِ الشَّامِ لَيْلَ الرَّصَاصِ
وَتَزْرَعُ فِي أَرْضِ الْبِلَادِ شَقَائِقَ النُّعْمَان
وَرْداً يَتَحَرَّشُ بِوَجْنَتَيِّ الْحَبِيبَة

(3)

بِوَسْعِكَ الْآنَ
أَلَّا تَلْتَفِتَ وَرَاءً
ثمَّةَ عُصْفُورٌ يُصَلِّي لِهُبُوبِ طَيْفِكَ
وَأَرْضٌ تَقُودُ النَّشِيدَ إِلَى نَايِ الرُّعَاةِ
تُسِرُّ خَطْوَكَ الضَّالَّ فِي صَحْرَاءِ الْجَنُوبِ
وَتُبَايِعُ قَوَافِلَ التّيه
ثمّةَ جِبَالٌ تَتَغَضَّنُ فِي شَيْخُوخَةِ الثّلْجِ

(4)

بِوَسْعِكَ الْآنَ
يَا صَاحِبِي
أَنْ تُرَتِّبَ لِلْمَوْتَى مَائِدَةَ لِلنَّشِيدِ
وَتَرْقُصُ جَذَلاً فِي صِحَّةِ الرِّفَاقِ الْجُدُدِ
وَتُغْلِقَ بَابَ الْحَيَاةِ بِمَا يَلِيقُ مِنْ مَفَاتِيحِ النِّسْيَانِ
وَتُعَانِقَ عَتَمَةَ الْأَبَدِ

(5)

بِوَسْعِكَ الْآنَ
يَا شَبِيهَ الْعُزْلَاتِ
أَنْ تُكَسِّرَ ضَوْءَ النّبْعِ عَلَى مَجْرَى الظّلَال
وَتَسْحَبَ الْقَبَائِلَ الّتِي أَحْبَبَتَ مِنْ مَكَائِدِ الْخَرَابِ
وَتُشْعِلَ الْكَمَنْجَاتِ بِنُورِ زِرْيَابِ
وَالنَّصَّ بِلَعْنَةِ عُطَيْلِ
وَالْكِتَابَ بِدَمِ الِاسْتِعَارَاتِ.


الكاتب : صالح لبريني

  

بتاريخ : 02/11/2019