الصحة تحتضر بمديونة والوزارة تكتفي بالمتابعة

يعيش إقليم مديونة على إيقاع انتكاسة كبيرة في قطاع الصحة يتسع شرخها وهوّتها يوما عن يوم، بفعل التدبير الارتجالي لمندوبة الوزارة، التي حطّت الرحال بالمنطقة قادمة من مركز صحي بدرب غلف حيث كانت تزاول مهمتها كطبيبة، قبل أن تجد نفسها بقدرة قرار “سياسي”، تتحمل مسؤولية تدبير الإقليم بالرغم من عدم توفرها على أية تجربة في مجال التسيير والتدبير، وافتقادها لتراكمات يمكنها أن تساعدها على النجاح في مهمتها.
المندوبة التي اعتمدت التسيير الفردي منذ حلولها بالإقليم، وفقا لمصادر صحية، أصرت على أن تعمّق أزمة المرضى الذين يخضعون لحصص تصفية الكلي، في إطار الشراكة التي وقعتها وزارة الصحة بين القطاعين العام والخاص، لتخفيف الضغط عن مراكزها الصحية والاستجابة للطلبات الكبيرة لهؤلاء المرضى حتى يمكن إنقاذهم، بالنظر إلى أن هذه الحصص هي عنوان على الاستمرار في الحياة وانقطاعها يؤكد العكس، إذ أن المندوبة، وإلى غاية نهاية الأسبوع الفارط، لم توقع على الوثائق التي بإمكانها منح المراكز الصحية التابعة للقطاع الخاص مستحقاتها التي تراكمت وفاقت المئة مليون سنتيم، وهو ما يعني إمكانية صدّ أبواب هذه المراكز في وجه المرضى وتعريض حياتهم للخطر، لأن الديون تتراكم والمستحقات لا يتم دفعها!
أعطاب لا تطال المرضى لوحدهم، بل تشمل المهنيين كذلك، إذ وجد عدد منهم أنفسهم محرومين من الاستفادة من التعويضات عن الحراسة وعن مساهمتهم في البرامج الصحية المختلفة، في حين قامت المسؤولة بتوقيع الوثيقة الإدارية التي خوّلت لها الحصول على تعويضاتها المستحقة التي ينص عليها القانون في شهر يوليوز الفارط، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، إذ أن التعسفات واتخاذ القرارات التي تتسم بالشطط، يؤكد متتبعون للشأن الصحي، تستفحل يوما عن يوم، مما يؤثر على مردودية المؤسسات الصحية التابعة للإقليم ويرخي بتبعاته على المرتفقين، كما هو الحال بالنسبة لافتتاح مصلحة لطب الأطفال في غياب كل المواصفات والمعايير بقرار فردي، الأمر الذي دفع المدير السابق إلى تقديم استقالته احتجاجا على هذا القرار وجملة من القرارات الفردية الأخرى، فأقدمت المندوبة على اقتراح مدير بالنيابة، تم منحه مسؤولية تسيير المستشفى الإقليمي علما بأنه يتحمل مسؤولية إدارة مستشفى الأمراض النفسية والعقلية الرازي، إلى جانب قيامه بمجموعة من المهام الأخرى التي تتطلب انتقاله إلى مرافق مختلفة، وهو ما يجعل منه مديرا شكليا للمستشفى الإقليمي، ويؤدي إلى تسجيل العديد من الاختلالات بشكل يومي !
تسيير مزاجي تتعدد أوجهه بهذا الإقليم، في غياب أي تدخل مركزي أوجهوي، لوقف النزيف وتصحيح الاختلالات ومعالجة الأعطاب، مما يجعل المتتبعين للشأن الصحي يتساءلون عن سرّ استمرار هذه الفوضى العارمة بالإقليم، وعن “الحصانة” التي تقف سدّا منيعا في مواجهة الاحتجاجات والمؤاخذات ولا تعيرها اهتماما، بالرغم من الشكايات والمراسلات والتظلمات، كتلك التي وجهها عدد من الموظفين، التي تكشف عن ظروف عمل يسودها الترهيب الذي يتعرضون له، مما يجعل بعضهم يخال نفسه يتواجد في أقبح المعتقلات وأكثرها بشاعة، لا في مقر إداري يمارس فيه وظيفته كما تنص على ذلك النظم والقوانين، فهل تتدخل وزارة الصحة لمعالجة هذا الوضع، أم ستترك الأمر يزيد استفحالا؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 04/11/2019