الْكهــفُ

 

شيءٌ ما يتململُ في الدّاخلِ
قدْ يخرجُ اللصوصُ، والأراملُ
مشاةً، وراكبينَ
بأيديهمْ عظامٌ قصيرةٌ
يجزّونَ بها ضفائرَ النخلِ، والذكْرياتِ
وقدْ يَسيرُ الصِغارُ خلْفهم، والخصْيانُ
والرّعاةُ الذين نفَقتْ شياهُهمْ
في شعابِ المدائنِ القديمةِ
وعلى أكْمامهمْ
أثرٌ من دمْعٍ مالحٍ، ورعافٌ
قدْ يخرجُ الطّيبونَ ذوو القمْصانِ البيْضاءِ
والسّيئون ، وآخرُ اليائسينَ، معاً
ضاحكينَ منْ بللٍ طارئٍ
بأقدامٍ صغيرةٍ، وساخنةٍ جدّاً
يرقصونَ على حافةِ النّسْيانِ
ربّما يطلعُ العائدونُ إلى الحربِ
من خلفِ هذا البابِ
ربّما يخفقُ الناجونَ من الحربِ
في الوصولِ إلى زرْعهمْ،
وآخر ِ الْمعاركِآمنينَ

وقد تخرجُ منه الصّبايا
فرِحاتٍ بحنّاءِ الْعيدِ
يخْفينَمشمشهنّ بِضفائرِهنّ
مرتبكاتٍ، وضاحكاتٍ
وهنّ يوزّعنَ النّدى، والحظوظَ
على الكائناتِ بالتّساوي
بأقدامٍهنّ الصّغيرةِ
يكْتبن موسيقى الماءِ المسافرِ
بينَ شبابيكِ البيوتِ، والشّعابِ البعيدةِ
خلفَ هذا البابِ يزهرُ النّاسُ، والضّوءُ
وأشجارُ اللوزِ، و المرضعاتُ
يتكاثرُ الرواةُ، والضباعُ المرقّطةُ
والطيورُ رماديةُ الْقلبِ، أيضاً
ويخْلدُ الْحزانَى، والمنْسيونَ
إلى قيلولتِهمْ، باسمينَ
خلفَ هذا البابِ أبوابٌ متفرّقةٌ
وأيامٌ سائلةٌ مثل شهْدٍ ساخنِ
لأفْتحنّ قميصي، وهذا الكهفَ، إذنْ
فالْفراشاتُ التي تجْرحُ الْحجارةَ
و الريحَ، باسْتدارتِها السّريعةِ
تعبرُ الآنَ أوعيةَ الدّمِ، والْغبارِ
مثل شهد ذائب
في مخابئِ اللسانِ !


الكاتب : فتح الله بوعزة

  

بتاريخ : 15/11/2019